ما علاقة الاقتصاد النسوي بتحرر المرأة؟

ليال نصر
ليال نصر

حسب دراسة ميدانية أجرتها مؤسسة الاقتصاد النسوي بداية العام الجاري في الأردن، يُنظر إلى عمل المرأة على أنه مسعى لامنهجي للدور الأسري لها، والذي يمكن الخروج منه أو اعتباره إجراء ضرورياً، ولكنه غير مرغوب فيه لسد فجوة اقتصادية في أسرة، في حين أن هناك اعتقاداً قوياً بأن المرأة تقرر بحرية بشأن مشاركتها الاقتصادية، فمن الناحية العملية، اتخاذ المرأة قراراتها بشأن العمل مقيد بالأعراف والممارسات المبنية على النوع الاجتماعي. فكيف نتطلع في لبنان إلى الاقتصاد النسوي وكيف تختلف الرؤية في هذا النوع من الاقتصاد؟

تقول أستاذة الجامعة اللبنانية المتخصصة بعلم الاجتماع والنوع الاجتماعي جلنار واكيم لموقع “لبنان الكبير”: “إن هناك رؤيتين للاقتصاد النسوي، احداهما تهتم بالمرأة وتخلق تمييزاً إيجابياً لها لتكون حاضرة، ويمكن أن ننظر إليها كطريقة لدمج عدد أكبر من القوى العاملة التي غيّبت خصوصاً في فترة الثورة الصناعية. فما قبل هذه الثورة، كانت المرأة تعمل من دون أن تتقاضى راتباً، وفي الثورة الصناعية كانت تعمل، ولكن ظروف الأطفال كانت صعبة للغاية، فأصبح هناك ما يسمى في تلك الفترة، بفصل المهام. فيما أصبح الرجل يعمل خارج المنزل أكثر، بقيت المرأة تعمل داخل المنزل، وهذا كان له تأثير سلبي على مشاركة المرأة في الاقتصاد وبالتالي في صنع القرار”.

هل يحرّر الاقتصاد النسوي المرأة؟ ترى واكيم أن “في لبنان وخلال السنوات العشر الأخيرة كان هناك اهتمام أكثر بالخدمات، أي تقديم المساعدة للمرأة وهذا لا يؤمن الاستدامة ولا يمكّنها من التحرر وبالتالي مساعدتها لتخفيف العنف الذي تتعرض له، لأنها إذا لم تكن متحررة مادياً، فلن تستطيع التحرر على المستويات الأخرى”، مشيرة الى أن “الاقتصاد عموماً لا يركّز على الفئات الجندرية، وهذا يمكّنها من الاستغلال، أما الاقتصاد النسوي، فيتطلع ليس الى الدمج الاقتصادي وحسب، إنما أيضاً الى حماية النساء. إذاً، في سلسلة القيم، نحن نتطلع الى مختلف الجوانب”.

أنواع الاقتصاد النسوي

تطال أنواع الاقتصاد النسوي كل شيء، فالبعض منها يتطلع بشكل نمطي الى الاقتصاد النسوي، والبعض الآخر ينظر إلى جوانب الاقتصاد الأخضر وهو أكثر ابتكاراً، بينما الاقتصاد العادي لا يؤمن استدامة ويكرّس الصورة النمطية للمرأة. أما بالنسبة الى الاقتصاد الاخضر، فهو أفضل لإمكان التغيير، وهذا ما يجب أن يطالب به العاملون والعاملات في الإطار الاقتصادي والتنموي، لأنه إذا كرّسنا فقط المونة والأشكال الأخرى التقليدية، فهذا الأمر لن يؤدي فعلاً إلى تحرير المرأة مالياً ولا إلى توليد الدخل بالصورة الصحيحة.

اليوم، الاتجاه نحو الاقتصاد الأخضر والتنمية وخصوصاً على الصعيد البيئي، لأن المرأة تتأثر بموضوع البيئة أكثر من الرجل ولا سيما المياه، لأنها بأمسّ الحاجة اليها لها ولأطفالها.

في بلادنا، مشكلات المياه وقلة فرص العمل، تجعل النساء بحاجة أكثر للانتقال إلى مجتمعات أكثر بيئية. ولا شك أن هذه الفرصة كبيرة جداً بالنسبة الى السيدات كما أنها فرصة مهمة لتعزيز حرية المرأة وتحريرها من المجتمع الذكوري والقانون الذكوري في ظل قانون طائفي أو قانون مدني غير منصف للمرأة.

كذلك، يساعد الاقتصاد النسوي إيجابياً المجتمعات خصوصاً في فترة النزاعات التي تأذّت خلالها النساء إقتصادياً، فقد ساعد حينها النساء المتضررات من الحروب، ليستطعن الانخراط اجتماعياً، وهذا كان نوعاً من العلاج لهن من الضرر الذي سببته الحروب وأدّى إلى تنمية اقتصادية على مستوى البلد كما حصل في رواندا وأوغندا ونماذجهما.

وبما أن التمكين الاقتصادي للمرأة هو إحدى الركائز الأساسية لهيئة الأمم المتحدة، يجري تنفيذ جهود هيئة الأمم المتحدة للمرأة بشأن التمكين الاقتصادي في سياق حقوق المرأة والعمل، والعدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة الشاملة التي تشمل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية بما يتماشى مع خطة التنمية المستدامة للعام 2030.

شارك المقال