أزمة مياه في بيروت حتى تأمين الاعتمادات… وطوابير أمام مراكز التعبئة

راما الجراح

بيروت الصامدة في وجه الأزمات المتواصلة في محيطها، يبدو أنها ستعجز هذه المرة عن مواجهة فقدان أهم مكون للحياة. فعلى الرغم من نِعم الموارد الطبيعية التي يتمتع بها لبنان إلا أن سكانه لا يزالون يعانون من نقص حاد في توافر مياه الشفة. أزمة كانت متوقعة بفعل غلاء المحروقات ومشكلة الكهرباء، ولكن من غير المتوقع أن تبلغ ذروتها في سرعة قياسية وتتسبب بوقوف الناس في طوابير أمام مراكز تعبئة المياه منذ نحو ٥ أيام.

صهاريج المياه الخاصة تجول في شوارع العاصمة بيروت بصورة خارجة عن المألوف، وظاهرة شراء غالونات مياه الشرب البلاستيكية المكلفة انتشرت بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة حتى باتت تُفقد من المحال التجارية منذ ساعات الصباح الأولى. وهذه التكلفة الباهظة للحصول على المياه تؤثر كثيراً على جميع المواطنين الذين أصبحوا يُصنّفون في غالبيتهم ضمن الطبقة الفقيرة، بحيث تنفق الأسر ما يقارب الـ ١٥٪ من دخلها الشهري للحصول على مياه نظيفة، وهي مخصصات بالامكان توجيهها بدلاً من ذلك إلى الرعاية الصحية في ظل فقدان الأدوية من الصيدليات وغلاء المعاينات الطبية.

وأكد المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران لـ “لبنان الكبير” أن المؤسسة “تسعى جاهدة الى إيجاد حلول للأزمات المتراكمة بدءاً من شح مادة المازوت التي تنعكس تقنيناً على التغذية بالمياه في أكثر من ٦٥٪ من محطات الضخ، إضافة إلى الأعطال التي يتطلب تصليحها الحاجة إلى قطع غيار أصبحت تكلفتها بالعملة الصعبة ولا تمتلكها المؤسسة، وصولاً إلى مكافحة نتائج السرقات التي تتكرر في أكثر من محطة”.

وعن الأسباب المباشرة التي تقف خلف أزمة المياه الأخيرة، أوضح أن “هذه الأزمة مرتبطة بأزمة الكهرباء الحادّة، إذ بات على مؤسّسة مياه بيروت وجبل لبنان الحلول مكان مؤسّسة كهرباء لبنان لتعويض ساعات التقنين الطويلة من خلال إنتاج الكهرباء بالمولّدات الخاصّة لتعويض النقص، ولكن الإمكانات محدودة لناحية تأمين مازوت للضخ، ما يمنعنا من الإستمرار، إضافة إلى الأعطال الحاصلة في العديد من المحطات، و(هلكتنا) السرقات”.

ولفت جبران الى أنه “بعد اجتماعه بالرئيس نجيب ميقاتي، اتصل الأخير بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي وعد بتأمين الاعتمادات بالدولار، وفي حال لم تُؤمّن فنحن متّجهون إلى أزمة مياه حقيقيّة، وسنتوقّف جرّاءها عن الضخّ”.

وأعلنت المؤسسة في بيان عن المحطات التي تعاني من مشكلات وحددتها كالتالي: “تواصل فرق الصيانة التابعة للمؤسسة تصليح العطل الذي طرأ على خط الضخ الرئيسي المعروف بخط الـ١٢٠٠ الذي يغذي عدداً كبيراً من أحياء العاصمة اللبنانية بيروت ومناطق ساحل المتن والضاحية الجنوبية. ومن المرتقب بعد تأمين القطع اللازمة بالتنسيق مع جهات مانحة مشكورة الانتهاء من الأشغال مساء الثلاثاء ٢٨ حزيران، أما بالنسبة إلى مناطق المكلس – رأس الدكوانة – أبو عضل التي تتغذى من محطة الضخ في المكلس فإن عطلاً طرأ على المولد الكهربائي وتسعى المؤسسة إلى تأمين التمويل اللازم لتصليحه. لذا تقتصر عملية التوزيع حالياً على التغذية من مؤسسة كهرباء لبنان وفقاً لبرنامج التقنين الذي تعتمده”.

وتابعت: “يعود سبب انقطاع المياه عن مناطق مار روكز الدكوانة – أعالي نيو روضة إلى سرقة الكابلات الكهربائية كافة من محطة مار روكز الدكوانة – كاب سور فيل. وتسعى المؤسسة مع البلديات واللجان المحلية الناشطة إلى تأمين الكابلات لإعادة الوضع إلى ما كان عليه في السابق، كما أن إنقطاع المياه يشمل كذلك جرد اللقلوق وأعالي جبيل بعد تعرض محطة اللقلوق للسرقة والمساعي مستمرة لتأمين البدائل، ويجري تصليح عطل طرأ على خط أفقا الذي يغذي وسط جبيل وساحل جبيل الشمالي ولا تتطلب الأعمال سوى يد عاملة لذا يرتقب إنجازها خلال ست وثلاثين ساعة، بالإضافة إلى خطوط جر المياه في محطة وطى الجوز- كسروان ويتطلب حلها حوالى أسبوع، والتقنين الحاد في منطقة بمريم وضواحيها في الشوف يعود الى عدم توافر مادة المازوت”.

أكد محمد طقوش، صاحب صهريج للمياه في بيروت “أننا لم نعد نتحمل الضغط الكبير من الناس، فنحن نعمل منذ نحو ٣ أيام متواصلة وعلى الرغم من ذلك لا نستطيع تلبية الحاجات بصورة كاملة لأن أحياء بيروت بغالبيتها مقطوعة تماماً من مياه الشفة، وأصبحت تكلفة الـ ٥ براميل تساوي ١٥٠ ألف ليرة، وارتفع سعر النقلة علينا من مكان التعبئة، فبعدما كانت ١٠٠ ألف أصبحت اليوم ٣٠٠ ألف ليرة، وهذا الوضع مزعج بالنسبة الينا ولا يشكل ربحاً كبيراً كما يعتقد البعض، لأننا نجول في النقلة الواحدة بصورة كبيرة بين المنازل ونحتاج الى تعبئة مازوت باستمرار”.

وقال الحاج أبو محمد، صاحب سوبر ماركت “ديمة” في بيروت: “لو كان لدي في المحل أكثر من ١٠٠ غالون من مياه الشرب لتمكنت من بيعها بكل سهولة بسبب الإقبال الكبير على شرائها في الفترة الأخيرة بعد الانقطاع التام للمياه عن جميع الأحياء، ولا أزال حتى اليوم أبيع غالون الـ ١٠ ليترات بـ١٩ ألف ليرة”.

شارك المقال