مساوئ “تيك توك” كثيرة… آخرها إختراق البيانات!

تالا الحريري

من منا لا يعرف تطبيق “تيك توك” ولم يجرّبه ولو لساعة واحدة؟ هذا التطبيق الذي تم إدراجه في العام 2017 أحدث ضجة كبيرة والتفاعل معه زاد يوماً بعد يوم، ليصل عدد مستخدميه اليوم إلى 1.1 مليار شخص حول العالم.

في الأصل “تيك توك” منشق عن تطبيق “دوين” الذي طرح في الصين في العام 2016 وهو تابع لشركة “بايت دانس” الصينية، ويعد شبكة اجتماعية لعرض الفيديوهات القصيرة ومشاركتها.

“تيك توك” التطبيق الذي ظهر مؤخراً قفز فوق العديد من التطبيقات الشهيرة الأخرى، ومن المتوقع أن يقفز فوق “انستغرام” ليصبح ثالث أكثر خدمات التواصل الاجتماعي من حيث عدد المستخدمين النشطين شهرياً.

كل هذا النجاح للتطبيق، يقف خلفه محتوى هابط، وكون الأطفال والمراهقين هم الفئات الأكثر متابعة له، فانه يشكل خطراً كبيراً عليهم خصوصاً مع غياب رقابة الأهل، فالبعض منهم يلجأ إلى إسكات أولاده بهذا التطبيق، والبعض الآخر يطمئن لدى جلوسهم لاستخدامه بإعتباره يحتوي على أغان وأناس يرقصون أو يغنون. وحسب إحصاءات موقع ستاتيسيا (شركة ألمانية متخصصة في بيانات السوق والمستهلكين) تبيّن أنّ مستخدمي “تيك توك” أمضوا في العام 2021 أكثر من 960 دقيقة شهرياً أي ما يقارب 32 دقيقة يومياً.

ربّما لا تكثر المشاهد الخادشة للحياء في “تيك توك” وهذا يرجع إلى الصفحات التي يتصفحها المستخدم ويُعجب بها، لكن ما يثير القلق أكثر اليوم هو كلمات الأغاني العربية والأجنبية المليئة بالشتائم والتلميحات المنافية للأخلاق التي باتت تترسخ في أذهان الأطفال فأصبحوا يرددون كلمات هذه الأغاني ويؤدون الرقصات التي يشاهدونها.

بالنسبة الينا كعرب اعتدنا على طبيعة المجتمع الغربي ونمط عيشه على الرغم من التحفّظ الديني المتشدد عند البعض، لذلك أي شيء يصدر عنه كإيحاءات أو شتائم في الأغاني قد نراها شيئاً طبيعياً. الا أن في عالمنا العربي لا يزال من غير المقبول سماع أي أغنية أو مشاهدة أي رقصة تتضمن تلميحات وإيحاءات جنسية فهنا تقع الكارثة، وهذا ما يكثر حدوثه اليوم. فمع تزايد عدد مستخدمي “تيك توك” وساعات استخدامه، بتنا نرى أنّ السعي وراء “اللايكات” والتعليقات الايجابية والمتابعين قد يدفع الكثيرين إلى التخلي عن مبادئهم وأخلاقهم، فيما البعض يستخدم هذا التطبيق لاكتساب شهرة أكثر وإستكمال سلسلة التطبيقات التي يعرض محتواه عليها.

وعلى الرغم من أنّ التكنولوجيا في حد ذاتها خطيرة على المجتمع، إلّا أنّ الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي لديها قوانين معيّنة تحظر ما قد ينافي قوانين التطبيق وقد يصل الأمر إلى إلغاء صفحة المستخدم، لكن “تيك توك” معاكس لذلك تماماّ.

وبعد تداول أخبار عن إلغاء تطبيق “تيك توك” بطلب من مجلس الشيوخ الأميركي، وذلك بعد خطاب الرئيس التنفيذي لـ “تيك توك” الذي اعترف فيه بإمكان التطبيق الوصول إلى بيانات مستخدميه الخاصة، نفت بعض المصادر من داخل الشركة إلغاء التطبيق، وقدّمت تعهدات وتطمينات الى أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتقييد الوصول إلى بيانات المستخدمين من الولايات المتحدة. فيما أشارت تقارير أميركية إلى أن لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة وضعت تطبيق “تيك توك” في برنامج التقويم، وبالتالي ستجري مراجعات مع الجهات الأمنية الأميركية حول تقويم المخاطر الأمنية التي قد يسبّبها البرنامج للأمن القومي الأميركي.

شرح بعض الأهالي تجربة أبنائهم مع “تيك توك” لـ”لبنان الكبير”، فقالت إحدى الأمّهات: “إبني يبلغ من العمر 7 سنوات، وكان فور وصوله من المدرسة يستغل وقت راحته لمشاهدة تيك توك الى أن يحين وقت الغداء. في البداية كنت ممتنة لذلك، لأنّ إبني مشاغب بعض الشيء فكان تيك توك يلهيه قليلاً، ولكن اليوم بات يستغل كل أوقات فراغه لمشاهدة الفيديوهات من دون القيام بأي نشاطات أخرى”.

وأشارت أم لفتاة تبلغ من العمر 13 عاماً، الى أنها تراقب ابنتها مراقبة شديدة وتمنعها من عرض ما تقوم بتصويره على هذا التطبيق، “فأنا سمحت لها بتنزيل التطبيق للتسلية ولتحتفظ بما تصوره لنفسها فقط. ولكن لا يمكننا أن ننكر تأثير هذا التطبيق على أولادنا، فهذا هو جيل اليوم ولا يمكننا معارضته وإلّا تمرّد”.

فيما أكد أحد الأباء أنّه يتابع “تيك توك” أكثر من أولاده، وقال: “في البداية كنت دائماً أصرخ على أولادي لأنّهم يقضون نهارهم في مشاهدة تيك توك وعندما أطلب منهم القيام بشيء يبقى ذهنهم مشتتاً. وصودف أن ترك إبني يوماً هاتفه مفتوحاً على أحد الفيديوهات وذهب ليحضر شيئاً، فأمسكت به وبدأت أتصفّح الفيديوهات تباعاً، وقمت بعدها بتنزيل التطبيق على هاتفي وصرت مدمناً على تيك توك أكثر من أولادي”.

آثار “تيك توك” السلبية التقنية والاجتماعية والنفسية وغيرها كثيرة جداً، ويبدو أنّها تؤثر على جميع من يتصفحه ولكن بالدرجة الأولى على الأطفال والمراهقين الذي لديهم ميول كبيرة ليتمثلوا بما يشاهدونه. والجدير بالذكر أنّ موضوع إمكان خرق “تيك توك” البيانات الخاصة للمستخدمين لم يلق اهتماماً من الأهالي، الذين يرى بعضهم أنّ هذا الأمر مستحيل، بينما البعض الآخر يعتبر نفسه مراقباً أصلاً منذ لحظة شرائه الهاتف.

شارك المقال