إغتصاب الأطفال… وحشية وإجرام بغياب الاعدام

تالا الحريري

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بجريمة إغتصاب 20 طفلاً من الجنسين، ارتكبها رجل خمسيني وهو عسكري متقاعد، في منطقة القاع في البقاع، بعد تخديرهم والقيام بتصوير فعلته الرذيلة. طفل واحد من ضحاياه كان كفيلاً بإيقاعه في شر أعماله، حين استفاق من تأثير المخدر ليجد نفسه عارياً داخل منزل المغتصب في البلدة، فذهب إلى ذويه وأخبرهم بما حصل ليكتشفوا تعرضه للاغتصاب.

وما لبث المغتصب أن وقع في قبضة مخابرات الجيش اللبناني بعد الابلاغ عنه، ومواجهته بالتسجيلات التي كان يلتقطها لضحاياه، وتبيّن أنّها دليل على جريمته بعد إنكاره أفعاله مرّات عديدة.

نعود إلى قضية إغتصاب أخرى حصلت منذ حوالي سنة في منطقة سحمر في البقاع الغربي، حين أقدم ثلاثة شبان على اغتصاب طفل سوري ووثقوا جريمتهم في فيديو، لكن بعد إنكشاف الأمر اتضح أنهم 7 شبان يقومون بهذا الفعل الدنيء وذلك إستناداً إلى كلام الطفل الذي ظل ساكتاً طيلة الوقت نتيجة تعرّضه للتهديد بالقتل.

هذه التصرفات الوحشية المجردة من كل معاني الإنسانية والرحمة لا تدل سوى على المرض النفسي لصاحبها، الذي تجرد من الإنسانية، ليستمتع بجرائمه من خلال تصويرها بدون أي شعور بالذنب، فيما التأثير النفسي لما فعله كبير على هؤلاء الاطفال الذين تعرضوا لهذه القذارة من دون أن يجرؤوا على الحديث عنها.

على الرغم من فضح المغتصب وتفاعل الناس مع هذه الجريمة والتعبير عن غضبهم، مطالبين بإصدار أقصى عقوبة على المغتصب، وهي الإعدام، ليكون عبرة لغيره ممن يحملون ميوله الإجرامية، أين القضاء من مثل هذه الجرائم؟ ما هي القوانين؟ وهل يبقى الأطفال ضحية هذه الحوادث من دون رعاية؟

قانونياً، أوضح المحامي ربيع بركات لـ”لبنان الكبير” أنّ “جريمة الاغتصاب في القانون اللبناني تعتبر جناية يعاقب عليها بالأشـغال الشاقة خمـس سـنوات على الأقل وفـقاً للمـادة 503 من قانون العقوبات. وحدد المشترع الظروف المشددة والظروف المخففة لجريمة الاغتصاب على النحو التالي:

1- تشديد العقوبة:

-لا تقل العقـوبة عـن سبـع سنوات إذا كان المعـتدى عليه لم يتـم الخامـسة عشـرة من العـمر (مادة 503/2 من قانون العقـوبات).

– من جامع قاصراً دون الخامسة عشرة من عمره عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة. ولا تقل العقوبة عن خمس سنوات إذا كان الولد لم يتم الثانية عشرة من عمره.

– يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة من جامع قاصراً بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة من عمره من أحد أصوله (شرعياً كان أو غير شرعي) أو أحد أصهاره لجهة الأصول، وكل شخص يمارس عليه سلطة شرعية أو فعلية أو أحد خدم أولئك الأشخاص. ويقضى بالعقوبة نفسها إذا كان المجرم موظفاً أو رجل دين أو كان مدير مكـتب استـخدام أو عاملاً فيه فارتكب الفعل مسيئاً استعمال السلطة أو التسهيلات التي يستمدها من وظيفته (م 506 عقوبات).

– تشدد العقوبة في حالة التكرار أو تعدد الجرائم (م 258 و205 عقوبات)”.

أضاف: “اعتبرت المادة 503 من قانون العقوبات اللبناني أن الاغتصاب هو إكراه غير الزوج بالعنف والتهديد على الجماع. تناولت المواد 503 حتى 513 من قانون العقوبات (الباب السابع) الجرائم المخلّة بالأخلاق والآداب العامة وجرائم الاعتداء على العرض، وهي تشمل قضايا الاغتصاب والاعتداء الجنسي المعرّف عنها في القانون بالأعمال المنافية للحشمة. وفي حالة التعرض للجنسين نفسها أي حالة هذا المجرم نفسه تُطبّق المادتين”.

اما من الناحية النفسية، فأوضحت الاختصاصية في علم النفس بدر شهيب لـ”لبنان الكبير” أنّ “هذه الحالات تشخّص بالـpedophile، وهو اضطراب نفسي يشخّص بالانجذاب والميول الجنسية تجاه الأطفال ابتداء من عمر الرضع وصولاً الى 13 عاماً. وفي هذه الحالات تكون لدى الشخص خيالات وإستثارات جنسية تجاه الأطفال، تبدأ باللمس والتعرية والتقبيل ومن الممكن أن تصل إلى التحرش والاعتداء والاغتصاب. ويكون ذلك لإشباع حاجة جنسية ملحة”.

وعن أسباب هذه التصرفات، أكدت شهيب أنّ “السبب الأساس علمياً مجهول، لكن هناك بعض الاحتمالات وذلك يعود الى كل حالة وما عاشته. ومن هذه الاحتمالات: تعرّض المجرم للاغتصاب في طفولته ما يدفعه الى تكرار السلوك نفسه على الأطفال كونه كان طفلاً عندما تعرض لذلك، أو تعرضه لمشاهد جنسية في طفولته كذلك وغيرها من الأسباب”.

وأشارت الى أن الآثار السلبية بالنسبة الى الأطفال كثيرة جدّاً منها الجسدية والنفسية، “فهذه الحادثة تترك آثاراً سلبية على نمو الطفل، وعلى جميع مراحل حياته خصوصاً في مرحلتي الطفولة والبلوغ. كما تؤثّر على علاقاته المستقبلية وقدرته على التكيّف. في الإجمال أبرز الآثار الأخرى تكون صدمة، خوف، قلق، غضب، عدوانية، إنسحاب وعزلة وشعور بالذنب”، لافتة الى أن “الطفل يحتاج بعد ذلك إلى رعاية جسدية ونفسية بحيث يحتاج إلى علاج طبي ونفسي وإجتماعي، ويكمن ذلك في التصرف الواعي للأهل مع طفلهم وتوعيته والاستماع اليه والابتعاد عن إستخدام أساليب الترهيب والمساعدة في التفاعل الاجتماعي”.

شارك المقال