أجواء الفرح في العيد تطغى على تردي الأوضاع

راما الجراح

لم تستطع الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها أكثر من ٦٠٪ من الشعب اللبناني أن تنغص فرحتهم في عيد الأضحى المبارك. حاول المواطنون التغلب على المآسي وصمموا على صناعة البهجة لأنفسهم ولأطفالهم ولو بأبسط الطرق. فغصت الشوارع بالسيارات، وشهدت الملاهي والمناطق السياحية، إقبالاً كبيراً، ولم يمر العيد بلا حلوى أو ملابس جديدة… ولو من أسواق البالة.

لا يخفى على أحد أن شريحة واسعة من اللبنانيين أوضاعها متردية، وترى أن العيد يكلفها فوق طاقتها في أغلب الأحيان، ولكن يبدو أن الأمر اختلف هذا العام، فكل منزل لديه قريب في بلاد الاغتراب انتعش وضعه بصورة كبيرة في العيد، فيما آخرون أصبحت لديهم قناعة بأن هذا الوضع الصعب يعاني منه الجميع وبالتالي يرضون بالقليل كي لا يفوتوا فرحة العيد على قاعدة “الكحل أفضل من العمى”.

يعتبر شادي وهو طالب جامعي يعيل أسرته أن “الأوضاع الاقتصادية تفاقمت بشدة هذا العام أكثر من أي عام مضى، وذلك أثر على غالبية الأسر التي تجد صعوبة في الحصول على احتياجاتها، في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار، وانعدام مصادر الدخل، ما انعكس على تجهيز حاجاتنا وأساسيات العيد من ملابس وحلوى، فاخترنا نوعاً آخر من الحلوى بسعر مقبول، ولم نحرم أنفسنا من زي جديد للعيد، وحاولنا قدر المستطاع اختيار وتنسيق لباس من البالة وعن طريق الحسومات في المحال التجارية الشعبية مثل Solderie Maher على طريق مكسة – البقاع، و)بازار كسارة( في منطقة زحلة”.

وفي بيروت تشير الأستاذة أم علي من منطقة كورنيش المزرعة لموقع “لبنان الكبير” الى أن “الوضع أشد مأساوية، وأنا أستاذة في القطاع العام، ووضعنا صعب جداً من حيث رواتب الموظفين، كما أننا حرمنا من حقوقنا في فترات كثيرة وكدنا نقاطع الامتحانات الرسمية، وعلى الرغم من ذلك نعتبر عيد الأضحى مقدساً بالنسبة الينا، ولا يمكننا أن نتخلى عن عاداتنا وتقاليدنا من شراء حلوى العيد وملابس جديدة، إضافة إلى الخروج للترفيه عن أنفسنا في أحد المطاعم أو الذهاب إلى مناطق جبلية سياحية، فالاحساس ببهجة العيد راحة نفسية نحتاجها جميعاً اليوم ولو مرة في السنة”.

وتقول الناشطة الإجتماعية هنادي زعرور: “إن إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين، وكلما ضاقت الأزمة المعيشية على الناس نلاحظ تأثيرها على حياتهم وخاصة في الأعياد، ولكن الجانب الإيجابي كان هذا العام أن الناس حاولوا قدر المستطاع السيطرة على أنفسهم والابتعاد عن الهم والغم في فترة العيد، وكأنها فترة نقاهة لهم بعيداً عن كل هموم الحياة، استغلوها الى أبعد الحدود وبأبسط السُبل، ولمستُ في مناطق عدة قيام العديد من المطاعم والملاهي بحسومات للإفادة من فترة الأعياد وبالفعل كان إقبال الناس عليها كثيفاً جداً، كملاهي جب جنين – البقاع الغربي مثلاً، يدفع الشخص ٢٠٠ ألف ليرة ويمكن أن يلعب وأولاده في جميع الألعاب مجاناً، كما يمكنهم الجلوس على طاولة من دون مقابل، وإدخال (فنتزيات) معهم، عدا عن الحسومات في المطاعم، وخفض أسعار النرجيلة والكوكتيل فترة الأعياد”.

وتضيف: “لطالما سمي عيد الأضحى بالعيد الكبير، فينتظره الكبار والصغار للتبرك بالعادات والتقاليد التي تُشعرهم بالفرح والطمأنينة، وهو باب مفتوح للزيارات الاجتماعية مما يخفف عن الناس التفكير في مسؤولياتهم ولو لفترة قصيرة، أو تبادلها مع غيرهم الأمر الذي يخفف الضغوط عنهم نوعاً ما، ولكن عموماً عيد الأضحى كان مميزاً هذا العام وحمل الكثير من الفرح معه إلى جميع البيوت”.

إضافة إلى كل ذلك، كنا قد ذكرنا في موضوع سابق الإقبال الكثيف للناس على توزيع الأضاحي هذا العام، بنسبة لم يشهدها لبنان منذ بداية ثورة ١٧ تشرين ٢٠١٩، أي منذ بداية التدهور الكبير للاقتصاد اللبناني وتراجع الوضع المعيشي عند غالبية الناس، وكانت هذه لفتة مميزة جداً مع غلاء أسعار اللحوم، وفي كل منطقة على مساحة لبنان تم توزيع عدد لا يستهان به من حصص الأضاحي على البيوت الأكثر فقراً، التي لم تذق طعم اللحم منذ فترة طويلة.

شارك المقال