البقاع يتربع على عرش العالمية بنسب السرطان… المرضى: “لهم الله”

راما الجراح

نطمح دائماً للوصول إلى العالمية بإنجازاتنا، وإبتكاراتنا التي قد تُبهر العالم، وشاء القدر أن نصل إليها ولكن من أخبث الأبواب وأصعبها، إذ يتصدر البقاع النسبة الأكبر من الاصابات بمرض السرطان في لبنان، وبما يتخطى بأضعاف المعدلات العالمية مقارنة بعدد السكان منذ سنتين، في دراسة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني.

واستندت المصلحة إلى دراسة نُشرت في مجلة “جورنال كانسر” العلمية، كانت خلاصتها أنه “ثبت وجود العديد من المواد المسرطنة في نهر الليطاني، منها: الديوكسان، الزرنيخ، الكروم 6، النيترات، وغيرها، وجميع هذه المواد الموجودة مصدرها مكبات النفايات، مصانع الصباغ، مستحضرات التجميل والدهانات والمنظفات التي تصبّ صرفها الصناعي في الليطاني أو في شبكات الصرف الصحي من دون معالجة، إضافة إلى الاسراف في استعمال الأسمدة الزراعية والمزارع التي ترمي مخلفاتها في النهر، ومحطات تكرير الصرف الصحي”.

حاول “لبنان الكبير” التواصل مع وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين، أكثر من مرة لكنه لم يُجب على هاتفه، للسؤال عن هذا التقرير الذي نُشر منذ سنتين ولم يحرك أي مسؤول ساكناً تجاهه، للحد من تزايد حالات السرطان في المنطقة، لأنه ثبت بعد كل هذه الأرقام الخطيرة أن نهر الليطاني حامل وناقل للسرطان، وخاصة بين بلدتي المرج وبرالياس اللتين تعدت أرقام المصابين فيهما الـ ٦٠٠ شخص.

وفي حديث مع الرئيس السابق للجنة الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية النائب السابق عاصم عراجي، قال لـ”لبنان الكبير”: “لقد عملت بشكل كبير على قانون رقم ٦٣ لرفع التلوث عن نهر الليطاني بالتعاون مع عدد من نواب المنطقة، حتى تمت الموافقة عليه في مجلس النواب في العام ٢٠١٦، ووضعنا برنامج قانون يلزم أي حكومة ستشكل بمتابعة هذا الملف. ويتضمن هذا القانون ٨٠٠ مليون دولار لرفع التلوث الكيميائي والصناعي من منبع الليطاني من نهر العليق في بعلبك، حتى المصب في البحر المتوسط، مع شبكات ومحطات وبعض مكبات معامل الفرز وغيرها، وكنا قد وضعنا في ميزانية ٢٠١٦ أرقاماً جدية، وبعدها تم تقسيم الأموال على ٧ سنوات أي المدة التي من المفترض أن يُنجز فيها هذا المشروع”.

أضاف: “كان من المفترض أن هذا المبلغ محجوز لرفع التلوث، ولكن طيلة هذه الفترة لم نر أي تحرك في الموضوع، أين الأموال؟ الجواب عند مجلس الإنماء والأعمار! وحاولوا إنشاء محطة تمنين التي تبين في النهاية أنهم كانوا يقومون ببنائها على أرض خاصة من دون موافقة أصحابها وبالتالي توقفت عن العمل. كما أنهم عملوا على محطة التكرير في منطقة تدعى الناصرية بين بلدة المرج وقب الياس، ولكن ليس لدينا علم ما إذا أرادوا الإستمرار في العمل أو لا، وخاصة أن هذا المشروع ممول من جهة إيطالية”.

وأكد أن “أعداد المصابين بالسرطان تتزايد بصورة كبيرة جداً، وهذا الأمر ليس بغريب على بلد مليء بالتلوث من دون أي حلول جذرية أو على المدى القريب. طبعاً النفايات الصناعية التي تتضمن مواد من الرصاص، والزئبق، وغيرها هي التي تتسبب بأمراض خطيرة، بينما النفايات المنزلية لا تسبب ذلك. من جهة أخرى أدوية السرطان مقطوعة، والبدائل غير متوافرة، والناس تُركت لمصيرها”.

ورأى عراجي أنه “كان من المفترض أن يعتمدوا الحوكمة في العمل، أي أن تتسلم مصلحة الليطاني المشروع وتتحكم به، وبالتالي تكون هي المسؤولة عن إدارته، إضافة إلى وزارتي البيئة والصناعة”.

اما رئيس بلدية المرج منور الجراح فاعتبر أن “الحل الأساس للحد من إرتفاع أعداد المصابين بمرض السرطان في منطقة البقاع هو تنظيف نهر الليطاني وتشغيل محطات التكرير التي وُعدنا بها في المنطقة، ويأتي في الدرجة الثانية إيجاد حل لمكب قب الياس الذي يُشكل أذى كبيراً للناس ويُعرضهم للإصابة بأمراض مزمنة وخطيرة”.

وقال الجراح لـ”لبنان الكبير”: “اليوم بدأنا نلمس بعضاً من العمل الجدّي في المشروع المرتبط بمجلس الإنماء والإعمار مباشرةً، والعمل بدأ من بلدة المرج، برالياس، قب الياس وتتشابك الإمدادات إلى نحو ١١ بلدة بقاعية، وهذا المشروع قائم لمدة ٤ سنوات كما قيل لنا حتى ينتهي العمل على محطات التكرير. وهنا نناشد مجلس الانماء والاعمار مع المتعهد ضرورة الإسراع في العمل وعدم التقاعس عن أي خطوة لأن أعداد المصابين بالسرطان تتكاثر بصورة كبيرة جداً، وهناك ٦ أشخاص خلال فترة ١٥ يوماً تقريباً وافتهم المنية بسبب هذا المرض في إحدى البلدات البقاعية”.

وأشار إلى أن “النقطة التي نتخوف منها، عند الانتهاء من العمل في محطات التكرير في حال كانت الأوضاع سيئة كما اليوم، إمكان أن نواجه عقبة تشغيل هذه المحطات التي تحتاج إلى كهرباء، وفي حال عدم تأمين حل مناسب لها فهذا يعني كأن شيئاً لم يكن”.

في السياق، أعلنت أمينة سر جمعية “نغم هاشم الخيرية” براءة سروجي “أننا نكفل المرضى المصابين بالسرطان، ونؤمن لهم العلاج اللازم، إلى جانب مساعدتهم في العلاج الكيماوي. واليوم نبذل جهدنا في تأمين الأدوية لهم من الخارج، وفي حال لم نستطع تأمين الدواء، نقوم بتأمين تكلفته حتى يستطيع المريض تأمينه من مكان آخر”.

وأعربت عن أسفها لأن “هناك إرتفاعاً كبيراً في أعداد المصابين بمرض السرطان في البقاع، حتى أنه لم يعد يخلو أي شارع من منزل فيه مريض بالسرطان، والنسبة الأكبر من المصابين هي من الفئة الشابة”.

شارك المقال