سيرين رعد الأولى على الشمال لم تتوقّع نتيجتها: لا شيء مستحيل!

إسراء ديب
إسراء ديب

ليس خافياً على أحد صعوبة الظروف التربوية التي تضع هذا القطاع الفاعل في البلاد ضمن إطار خطير، نخشى تطوّر تداعياته السلبية على التلاميذ الذين يملك الكثير منهم مواهب وقدرات فكرية، باتت تُكبّلها الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تترك القطاع تحت رحمة قرارات تخضع لها السياسات التربوية التي تأثرت بوباء كورونا، الدراسة “أون لاين”، والنقص المالي، وغيرها من الأزمات التي ضربت المدارس لا سيما الرسمية منها.

بعد إصدار نتائج امتحانات الشهادة المتوسطة التي أشعلت سماء طرابلس بالرصاص الطائش والمفرقعات النارية، تمكّنت الطالبة سيرين جمال رعد ابنة منطقة القبة الطرابلسية، من تحقيق نجاح كبير دفعها لتكون الأولى على الشمال والثانية على لبنان، وذلك بعد حصولها على معدّل 19.22/20، وهي نتيجة لم تكن متوقّعة بالنسبة إلى أهلها وكذلك بالنسبة إليها، مع العلم أنّها كانت تُحقّق نتائج بمعدّلات مرتفعة في مدرسة الروم في الزاهرية – طرابلس.

وعلى الرّغم من تحقيقها نتيجة مبهرة تربوياً خاصّة مع الضغط الكبير الذي كان يُواجهه التلميذ اللبناني، لم يقم أحد من أهلها بإطلاق مفرقات أو رصاص في الهواء احتفالاً بها، بل اقتصرت فرحتهم التي يصفونها بأنّها “في القلب”، على الاجتماع لمباركة هذا النجاح.

مجهود كبير بظروف قاسية

وفي حديثٍ لموقع “لبنان الكبير”، تُعبّر سيرين عن فرحتها الكبيرة بتحقيق هذه النتيجة التي كانت ترغب في تسجيلها بمرتبة امتياز لا أن تكتفي بمرتبة جيّد جداً، وفي الوقت عينه، تُشدّد على ضرورة تمسك كلّ تلميذ بالأمل والطموح اللذين يمكنهما “صنع المستحيل في البلاد مهما كانت الظروف قاسية وصعبة”.

وتقول: “أحبّ الدراسة وأخذت كلّ المواد على محمل الجدّ بل درستها من كلّ قلبي حرفياً وبذلت قصارى جهدي لأنجح، لكن لم تكن فكرة الوصول إلى هذه المرتبة واردة بالنسبة إليّ، فقد صدمت ولم أتوقع هذه النتيجة التي تُؤكّد لي أنّني أستطيع أن أحقّق الأفضل وأن أستمر في التمسك بكلّ خطوة مرتبطة بدراستي التي أرغب في استكمالها بعلوم الحياة (SV) في السنوات المقبلة”.

وإذْ تُشير الى المجهود الكبير الذي بذل لمساعدتها من عائلتها، والمقرّبين منها، ومدرستها بأساتذتها، تُؤكّد أنّها كانت تتخوف من احتمال تقديم إفادات مدرسية وفق ما كان يتردّد مسبقاً من معطيات كانت تُضعف أسس القطاع التربوي المتهالك مع الطبقة السياسية المهملة لقطاع يتميّز به لبنان. وتُضيف: “جميل أن نواكب مرحلة الشهادات وكيفية الحضور إلى الامتحانات والتحضير لها لتكون فرحة النجاح أكبر وهي تستحقّ المعاناة والتعب، وبالفعل لم أكترث للصعوبات”.

وختمت قائلة: “أشكر عائلتي التي فرحت بنتيجتي وكذلك مدرستي وكلّ من شجعني، ولكلّ تلميذ مثلي أقول لا شيء مستحيل، فتمسّك بالأمل واستمر”.

وتُشير زينة الأيوبي والدة سيرين إلى ذكاء ابنتها دراسياً، وتقول: “تعشق سيرين دراستها، وتُواكبها ساعات طويلة فلا تمل ولا تجد تسلية في نشاطات أخرى، فالدارسة تُعدّ شغفاً بالنسبة إليها ما يُفسر النتيجة التي نالتها”.

ولا تغفل زينة عن الصعوبات والعراقيل التي واجهتهم خلال السنوات الماضية سعياً إلى تحقيق مستوى أفضل دراسياً لابنتهم، وتوضح “عمل زوجي كثيراً ليُؤمن الكهرباء، الانترنت، التكنولوجيا المخصّصة لتتابع ابنتنا دارستها أون لاين، مع وجود اهتمام كبير من المدرسة بالمواد كافة وبجميع التلاميذ في كلّ التفاصيل، وصولاً إلى يومنا هذا الذي لم أتخيل فيه حصولها على هذه النتيجة التي أفرحتنا وكنّا نطمع بتحقيقها الأفضل، لكن لا ننسى صعوبة مسابقة اللغة الفرنسية مع العلم أنّ مسابقة اللغة الإنكليزية كانت أسهل بكثير، مع تفاصيل أخرى نأخذها في الاعتبار كانت قد أوقعت تلامذة عباقرة حرفياً ضحية لا سيما تلاميذ المدارس الرسمية الذين لا يحظون بنسبة الهدوء عينها، أو التكنولوجيا نفسها، فضلاً عن عوامل أخرى تدفع بالتلاميذ في المدارس الخاصّة الى تحقيق الأفضل”.

وعن يوم الامتحان، تُؤكّد الأيوبي أنّ ابنتها لم تشعر بالتوتر أبداً بل كانت واثقة من نفسها “خلافاً لشعوري وقلقي عليها خاصّة بعد رؤيتنا المادّة الفرنسية التي أشعرتني بإحباط حينها مقارنة بمواد أخرى كانت سهلة ومقبولة”.

اما ليلى الأيوبي خالة سيرين فكانت تتوقع حصولها على أفضل النتائج، وتقول: “تستحق سيرين الأفضل لأنّها مجتهدة للغاية ومطالعة من الدرجة الأولى، فلا يلزمها حتّى التشجيع لأنّها واثقة من نفسها وتعتمد على ذكائها في كلّ التفاصيل، لكنّها في الوقت عينه كانت تشعر بالإحباط بسبب عدم شعورها بالتميّز الذي تستحقه، إذ كانت ترى أنّ تخفيف عدد المواد مع تسهيلها لا يُميّز الإنسان بل يدفع بالجميع نحو النجاح، وهذا ما كنت أرفضه منطقياً أمامها، لكنّها عرفت قيمة ما كانت تبذله بعد معرفتها بنتيجتها”.

شارك المقال