بعد عجز “الطاقة”… تشغيل محطة مياه جديتا ينقذ الأهالي

راما الجراح

إنقطاع الكهرباء يساهم في عطش البقاعيين العاجزين عن دفع رواتبهم شهرياً ثمناً لمياه الصهاريج، بسبب عدم تجاوب وزارات الطاقة على مر السنين مع مطالبهم في ما يخص محطة جديتا، وآخرها السماح لكهرباء زحلة بإيصال خطوط كهرباء إليها لتشغيلها. ومن ناحية أخرى، عجز البلديات ومؤسسة مياه البقاع عن تأمين أكلاف الطاقة للمحطة مما أدى إلى إنقطاع المياه كلياً عن البلدات المجاورة لها.

لم يقف أهالي البقاع مكتوفي الأيدي أمام هذا الواقع المرير، فبمبادرة فردية من رجل الأعمال المعروف إبراهيم سلوم، تكفل على نفقته الخاصة بالتبرع بطاقة شمسية لمحطة جديتا كمساهمة أولية، بدعم من كل فعاليات المنطقة وأهلها. وأثنى على جهوده عدد من نواب المنطقة لتقديمه الحل الأمثل لمشكلة مياه يعاني منها الأهالي منذ عشرات السنين مقابل غياب تام للمسؤولين ووزارة الطاقة تحديداً عن إيجاد أي حل ينقذ المواطنين من مأساتهم.

وفي اجتماع مع القيّمين على مشروع محطة جديتا، قالوا عبر موقع “لبنان الكبير”: “بعد مطالبات عدة على مر السنين من أهالي المنطقة والفعاليات بإيجاد حل لمحطة مياه جديتا والتي تغذي حوالي ١٢٠ ألف نسمة، وبعدما وصلت الأمور إلى حدها وأصبحت معاناة الناس كبيرة بحيث لا قدرة لهم على شراء المياه بصورة مستمرة بسبب الغلاء الفاحش، قام رجل الأعمال إبراهيم سلوم بالتنسيق مع فعاليات منطقة البقاع الأوسط بتقديم مشروع تركيب طاقة شمسية لمحطة جديتا ضمن مشروع قائم لمدة ٣٠ سنة وتكلفته تزيد عن ٢٠٠ ألف دولار وفي أرض مملوكة للدولة، واعتبر هذا المشروع بمثابة صدقة جارية عن روح والديه لكل أهالي المنطقة”.

وأشاروا إلى أن “هذا المشروع وبعملية حسابية سريعة يوفر على أهالي المنطقة نحو ١٢٠ مليار ليرة شهرياً إذا احتسبنا أن غالبية المنازل تحتاج إلى مليون ليرة لتعبئة المياه شهرياً. وبعد يومين من تقديم ابراهيم سلوم الاقتراح إلى وزارة الطاقة، أخذنا الموافقة وباشرنا العمل، وحتى نهاية الشهر تقريباً يمكننا القول ان أهالي المنطقة سينعمون بالمياه، ولن يستطيع أحد الوقوف في وجه هذا المشروع طالما أن هناك موافقة عليه من محافظ البقاع ووزارة الطاقة”.

واعتبروا أن “المشروع هو الأكبر على صعيد لبنان”، متعهدين بـ “أن نستمر فيه بعد الانتهاء من تشغيل محطة جديتا، وسنقوم بالعمل على خط جديد حتى تنعم كل بلدات منطقة البقاع الأوسط بالمياه، إضافة إلى صيانة كل الأعطال في خطوط المياه، ونكون قد فعلنا ما عجزت عنه وزارات الطاقة، وقمنا بمهام الدولة في البقاع من دون أي غاية أو مصلحة سياسية، وأساساً لسنا في موقع المسؤولية اليوم، ولكن خدمة لأهلنا في المنطقة”.

وعن معاناة أهالي المنطقة ومطالبتهم المستمرة لوزارة الطاقة، قال رئيس بلدية مكسة عاطف الميس لـ “لبنان الكبير”: “قبل انتخابي رئيساً لبلدية مكسة وحتى اليوم زرتُ كل وزراء الطاقة بسبب مطالباتنا الدائمة بإيجاد حل جذري لمشكلة المياه في منطقتنا، من الوزير السابق جبران باسيل، إلى سيزار أبي خليل، وندى البستاني، وحاولنا مراراً وتكراراً مع وفود من المنطقة، وقدمنا أكثر من عريضة كي يرأفوا بحالنا ولكن لم يتجاوب معنا أحد، وعلى العكس حتى كهرباء لبنان كانت تخصص منها ساعتا تغذية لمنطقتنا و٤ ساعات لمنطقة زحلة، وبالتالي كان هناك تمييز علني في هذا الموضوع”.

وأشار الى أن مناطق سعدنايل، تعلبايا، جلالا، شتوره، جديتا، بوارج، شتوراما ومكسة تعاني من مشكلة انقطاع المياه منذ ٢٥ عاماً، “وعندما خاب أملنا بكل وزارات الطاقة، أسسنا مشروع موتورات المياه ومولدات الكهرباء، ولكن دخلنا بعدها في مشكلة المازوت وارتفاع أسعار المحروقات على الرغم من أن منظمات الأمم المتحدة حاولت مساعدتنا مرات عدة، ولكن هذا لم يكن كافياً وتوقفت عن المساعدة بسبب الغلاء”.

ولفت الى أنه اقترح على سلوم القيام بمشروع الطاقة الشمسية، “بعدما وعدتنا أطراف سياسية عدة في مرحلة الانتخابات بالتبرع لاقامة هذا المشروع ومساعدة أهل المنطقة، ولكن كي لا تذهب الأمور إلى منحى سياسي، تكفل سلوم بالمشروع لمحطة جديتا بكلفة تخطت الـ ٢٠٠ ألف دولار على نفقته الخاصة”.

وأكد الميس “أننا لم نلمس أي اهتمام أو مساعدة من أي مسؤول في الدولة أو نائب عن المنطقة في ما يخص معاناتنا من انقطاع المياه منذ ٢٥ عاماً (وبعد ما طلع الشعر على لساننا)، جاء صاحب اليد البيضاء بكل ما تحمل الكلمة من معنى وفتح لحوالي ٢٠٠ ألف نسمة طاقة الفرج، ويا عيب الشوم على هكذا دولة ومسؤولين يبيعوننا وعوداً في فترة الانتخابات، ولا يكترثون لحالنا عندما يصبحون في موقع المسؤولية، ومَن لا يشعر مع الناس ليس منهم!”.

يُذكر أن جميع المعنيين بالمشروع نفوا بصورة قاطعة كل ما يتم تداوله في ما يخص وجود جهات معارضة للمشروع، بل على العكس، كل نواب المنطقة والمسؤولين الحاليين والسابقين في الدولة متجاوبون، ورأوا أنها خطوة جريئة، متمنين خطوة مماثلة في كل مناطق البقاع وخاصة في محطة شمسين في ظل الأزمة التي تمر بها البلاد وعدم قدرة الوزارات على تلبية حاجات الناس في هذا الوقت الصعب. وأكدوا أنه سيقام احتفال رسمي قريباً برعاية محافظ البقاع بعد تشغيل المحطة.

شارك المقال