ربطة الخبز الى 40 ألفاً… و”دود الخل منه وفيه”

راما الجراح

إنجاز كبير سجله أحد المواطنين اللبنانيين فجر أمس بعد حصوله على أكثر من ربطة خبز من الفرن. رفع شعار النصر، ومضى إلى عائلته ليحتفلوا على مائدة طعام مزينة برغيف الخبز بعد حرمانهم من لذة طعمه منذ نهار السبت الماضي بسبب فقدانه في المحال التجارية، وعدم توافر كميات كافية منه في الأفران.

وبين الطوابير والأزمة، لا بُد من تحميل طرف مسؤولية ما يحصل إلى جانب مسؤولية الدولة في ذلك، وغالباً ما تكون من نصيب اللاجئ السوري بحسب فئة كبيرة من الناس. تضاربت الآراء بين مؤيد ومعارض لهذه المسؤولية، ومنهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي لفت خلال الجلسة التشريعية لمجلس النواب أول من أمس الى أن معظم ربطات الخبز التي يجري إنتاجها تذهب لغير اللبنانيين والجميع يعلم ذلك.

أصحاب الأفران: مطحنة “السنبلة” اختلقت الأزمة 

بعد التواصل مع عدد من أصحاب الأفران في البقاع، اشتكوا من عدم التزام إحدى المطاحن التي تسلمت كميات من الطحين بتسليم حصص الأفران، ومنها على وجه التحديد مطحنة “السنبلة” في منطقة بدنايل، إضافة إلى أن حصص الطحين التي أعلنت عنها وزارة الاقتصاد ودوّنت على جداول رسمية من الوزارة بقيت حبراً على ورق، فمنذ 10 أيام لم تسلمهم مطحنة “السنبلة” إلا نصف الكمية الموجودة ضمن الجدول، ولا يوجد مَن يحاسبهم. وطالبوا المعنيين الرسميين في قضاء زحلة بالتدخل ومكافحة إبتزاز أصحاب المطاحن، مناشدين محافظ البقاع القاضي كمال أبو جودة التدخل وإجراء ما يلزم لوصول حصص الافران كما أعلنت عنها وزارة الاقتصاد.

العبد: الدولة المسؤول الأول 

وبعد إعلان وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام عن “دخول 49 ألف طن من القمح إلى البلد نهاية هذا الأسبوع، ويجب ألا نرى طوابير بعد ذلك وسنلاحق من يريد أن يختلق أزمة”، أشار الاعلامي كريم العبد، الذي أثار تعليقه عن تقاذف المسؤوليات بالنسبة الى طوابير الخبز بلبلة على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر “لبنان الكبير” إلى أن “الدولة هي المسؤول الأول عما يحصل اليوم، وكان يمكننا أن نتفادى كل هذه البلبلة لو كانت هناك رقابة على الأفران، والمخيمات السورية، إضافة إلى تسيير دوريات أمنية دائمة حتى أمام المحال التجارية الصغيرة داخل المخيمات، وهذا لا يعني أن النازح السوري هو سبب الأزمة كما يُشاع، بل هو يُفاقمها من خلال شراء عدد كبير من ربطات الخبز من الأفران وبيعها داخل المخيمات بسعر 30 ألفاً، أي سوق سوداء علناً، وهذا كان من المسببات التي أدت إلى وجود طوابير أمام الأفران والنتيجة صفر، وغالبية الشعب اللبناني لا تملك ربطة خبز في منازلها منذ نحو 4 أيام تقريباً”.

وأوضح أن “عائلة سورية مكونة من 6 أشخاص تذهب جميعها إلى الفرن، وتقف في الطابور ويأخذ كل شخص ربطة خبز، يعني أن كل عائلة سورية تحصل على 4 ربطات خبز تقريباً مقابل ربطة واحدة لعائلة لبنانية إذا وجدت، وهذه الطريقة نفسها تتكرر أمام عدد من الأفران ومن ثم يتم بيعها في المخيم سوق سوداء. وبشرنا وزير الإقتصاد برفع الدعم قريباً عن ربطة الخبز وسيصل سعرها الى 40 ألفاً، مما يؤكد كلامي أن أصحاب الأفران متآمرون ومن مصلحتهم خلق هذه الأزمة وهذه الطوابير حتى يستفيدوا من كميات الطحين المخزنة على سعر رفع الدعم. إذاً نحن صنّاع الفساد، ومن يسمح للفساد أن ينتشر بيننا”.

وأكد العبد أن “هناك عدداً كبيراً من الأفران في البقاع مثلاً لديه احتياطي من الطحين يكفي لمدة 6 أشهر، أي يستطيع تفادي هذه الأزمة، ولكن الجشع والاحتكار أصبح من أولويات جميع التجار، ومن هنا يجب على الدولة اللبنانية مكافحة هذا الفساد”، مطالباً مجلس الأمن الدولي الذي يرفض عودة النازحين، بأن “يدعم الطحين والخبز والمواد الأولية في لبنان للحد من الأزمة بالتعاون مع الدولة اللبنانية التي تحمي المحتكرين”.

ما يشاع عن السوريين صحيح 

وقالت جواهر، إحدى النازحات السوريات، وهي تعمل في تنظيف المنازل: “ما يشاع عن شراء السوريين كميات كبيرة من ربطات الخبز صحيح، فعائلتي مثلاً مكونة من 6 أشخاص ونحتاج إلى 4 ربطات خبز يومياً حتى نشبع. ففي سوريا مكونات الخبز ثقيلة على المعدة كالعجين، أما المكونات في لبنان التي يستعملونها للطحين من الخميرة وغيره فخفيفة بصورة كبيرة مقارنة بتلك التي في سوريا. ولا معلومات دقيقة لدي عن بيع الخبز في المخيمات، ولكن وصلنا إلى مرحلة أن جميع الناس تنتظر الفرصة لاستغلال أزمة معينة واحتكارها، لذلك لا أستبعد ذلك”.

اما الحاجة أم أحمد، التي تقبع أمام صاج كبير، ويجتمع حولها عدد من نساء الحي فقالت لـ “لبنان الكبير”: “كيف يكون النازح السوري سبباً لانقطاع الخبز والطحين من الأفران، في الوقت الذي نخبر في الحي لنا ولهم، ومن يجلسون معي ويساعدونني هم جيراني من الجنسية السورية ويعيشون في مخيم، ويعانون مثلنا من انقطاع الخبز، وبالتالي نتشارك معاً صناعة الخبز على الصاج”.

أضافت: “بعد كل الأزمات التي تسببت بها الطبقة الفاسدة التي تحكمنا، أستغرب من الناس الذين لا يزالون يعتقدون أنه من الممكن ألا يكونوا مسؤولين عن الأزمة، مع وضع احتمالية تحمل النازح السوري مسؤولية ذلك! كبروا عقلكم، دود الخل منه وفيه!”.

شارك المقال