انتشار كبير للسحايا والصفيرة في بعلبك… ومبالغة بالتيفوئيد

آية المصري
آية المصري

تعاني منطقة بعلبك كسائر المناطق اللبنانية العديد من الأزمات التي تفتك بها وبأهلها، اضافة الى أن الوضع الصحي في البلد عموماً سيء ونسبة الأمراض في تزايد مستمر، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاجتماعية والمعيشية، وفي ظل غياب الرقابة الصحية نتيجة الفقر الحاد الذي يعاني منه معظم الشعب. ولكن لا يجب التهويل وزيادة الضغوط على المواطن، ففي الآونة الاخيرة تناقلت مواقع اعلامية أخباراً تشير الى أن نسبة حمى التيفوئيد في منطقة بعلبك – الهرمل مرتفعة جداً. فما حقيقة إنتشار هذه الحمى؟ وما هي أنواع الحالات التي تدخل المستشفيات اليوم؟ وكيف تنتقل هذه العدوى؟ ومن هي الفئة المستهدفة بصورة أكبر؟

في حديث لموقع “لبنان الكبير” مع طبيب مختص بالأمراض الجرثومية أوضح أن “حالات التسمم تزداد في البلد عموماً، وبعلبك تنال حصتها من هذا الموضوع نتيجة إنقطاع التيار الكهربائي والتغذية السيئة والمياه المبتذلة، اما بالنسبة الى حمى التيفوئيد فأعداد الاصابات مبالغ بها كثيراً وغير دقيقة. مع العلم أن هذا النوع من الجراثيم يكثر في فصل الصيف نتيجة إرتفاع درجات الحرارة والرطوبة القوية، وهذه الحمى التيفية تصيب الأطفال بصورة أكبر”.

وأشار الى أن “انقطاع التيار الكهربائي يزيد الأوضاع سوءاً، فالمنازل تعاني من عدم استخدام الأدوات الكهربائية والثلاجات، وبالتالي إمكان تخزين الطعام أشبه بعملية مستحيلة، والمأكولات التي تحضر يجب الإنتهاء منها فوراً قبل أن تصبح فاسدة وتساهم في التسمم. اما بالنسبة الى السوبر ماركت والمطاعم ومحال بيع اللحوم بمختلف أنواعها، فهي عرضة أكبر للفساد والخسارة لأن كل منتج يبقى بغياب البرودة عنه يصبح فاسداً ويجب التخلص منه بأسرع وقت لا بيعه للزبون. لكن في ظل الأوضاع المادية المهيمنة قلة من أصحاب المهن والمحال التي ترمي منتجاتها لأن في ذلك خسارة كبيرة للأموال. وهذا ما يجعل إمكان الدخول الى المستشفيات أكبر نتيجة التسمم الغذائي، وهذه الظاهرة منتشرة بصورة كبيرة في منطقة بعلبك الى جانب حرارة الطقس المرتفعة التي تزيد الطين بلّة”.

وأوضح أخصائي الأطفال وحديثي الولادة الدكتور هيثم طبيخ أن حمى التيفوئيد “تعرف أيضاً بالحمى المعوية والناتجة عن ابتلاع جراثيم السالمونيلا المعوية. وليس هناك هذا العدد الكبير الذي يحكى عنه في الاعلام ولا يمكننا أن نتسبب بهلع جديد للشعب وبهذا الأسلوب، خاصة أن الاصابة بالسالمونيلا تكثر خلال فصل الصيف وبحسب الأجسام تختلف درجة الاصابة وأعراضها، وهذه الاصابة تأتي بصورة أكبر عند أهالي البقاع نظراً الى الفواكه والخضار التي تسقى بمياه مبتذلة. وغالبية كبار السن والأطفال تتعرض لهذه الحمى مما يجعلها بحاجة الى رعاية وعناية أكبر بعد القيام بالفحوضات المخبرية اللازمة لتحديد درجة الإصابة، وإمكان الشفاء منها يختلف بين حالة وأخرى وبين شخص وآخر”.

وقال: “الحالات التي تواجهنا أكثر هي الصفيرة الحادة (إيباتيت أ) نتيجة المياه غير النظيفة، اضافة الى تسجيل كبير لحالات السحايا وهي في معظمها تكون سيئة جداً وتصعب معالجتها، كما سجل العديد من الوفيات نتيجة هذه الاصابات. والأخطر في الموضوع أن هناك لقاحات للسالمونيلا وللصفيرة والسحايا لكن بعض المستوصفات يعتبرها من ضمن اللقاحات الاختيارية نظراً الى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، ونتيجة الاهمال وعدم تسليط الضوء على هذه اللقاحات. حتى أن نسبة التلقيح في عياداتنا باتت قليلة جداً نتيجة الخوف بعد لقاح فيروس كورونا من جهة، والأوضاع المعيشية الصعبة من جهة أخرى، بحيث أن الدولة لا تدعم هذا النوع من اللقاحات التي يتراوح سعرها بين 800 ألف الى مليون ليرة لبنانية”.

وأشار طبيخ الى أن “السالمونيلا تأتي من المأكولات المصابة بجرثومة، ولدينا أكثر من 200 نوع من السالمونيلا وهي التي تسبب التيفوئيد (السالمونيلا تيبي والباراتيبي، typhi or paratyphi) وهذا موسمها نتيجة ارتفاع حرارة الطقس والتلوث عبر المزروعات التي تسقى بمياه مبتذلة أو الخضار المصابة بجرثومة، واللحوم النيئة بمختلف أنواعها أو اللبن والحليب غير المروب على درجة معينة أو البيض غير الناضج بصورة جيدة. وفي حال قصدنا مطعماً معيناً وتبيّن أن الشيف مصاب بهذه الجرثومة يمكن أن تنقل لنا الإيباتيت. اذاً العدوى واسعة جداً لكن السبب الأساس لها ينقل في الطعام والشراب وليس هناك طعام معين ينقل لنا العدوى”.

اذاً، يبدو أن هذا موسم انتشار العدوى والأمراض والجراثيم بمختلف أنواعها، واللقاحات هي خير وقاية منها، ولكن في هذه الظروف الصعبة، من لا يملك المال لن يتمكن من الشفاء ولا مراجعة الطبيب المختص ولا حتى دخول المستشفى، ويبقى الأمل في أن تتحسن الأوضاع في الفترة المقبلة.

شارك المقال