ركود في قطاع تربية المواشي… وأسعار الأعلاف خيالية!

راما الجراح

فرضت الأزمة الراهنة تأثيرها على اللبنانيين وأعمالهم، حتى اندفع الكثيرون الى البحث عن طرق تؤمن لهم الاكتفاء، ولكن هذه المرة اختلفت الأساليب. فعادةً يكون لأهالي الريف والمدينة ما يمتازون به في قطاعات تُعد بالنسبة اليهم تفاؤلية على الرغم من الظروف القاهرة، فكانت تربية المواشي في الأرياف وخاصة منطقة البقاع، إن كان ضمن مزارع صغيرة أو في البيوت، يستفيد منها المزارع والناس المحيطون به، إن كان من الحليب، والألبان والأجبان، أو من خلال بيعها وشراء غيرها للتجارة والربح الوفير.

لم يعد هذا القطاع واعداً كما في كل الأزمات، فصعوبة الحياة اليوم قصمت ظهر البعير بالمعنى الحرفي، ولم يبق هناك لا بعير ولا مَن يحزنون للافادة منهم والعيش من تجارتهم. تضرر قطاع تربية المواشي، وارتفعت أسعار الأعلاف الغنيّة بالبروتين كالصويا والشعير والذرة وغيرها، والأعلاف المالئة أو الخشنة كالأعلاف الخضراء والأتبان والأعلاف المجففة والمخمّرة بما نسبته ٦٠٪ بحسب عدد من أصحاب المؤسسات التي تنتجها وتبيعها.

تراجع في تربية المواشي

وأشار ع. ج، أحد المسؤولين عن قسم المواشي في أحد الأسواق البقاعية الشعبية في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن “تربية المواشي لها فترات معينة، فالربط يكون في فترة الربيع والخريف تحديداً، أما في فصل الصيف والطقس الحار فلا أحد يربط المواشي لأنها تؤثر بصورة سلبية على صحتها فيتباطأ نموها (وما بتحمل لحم). لطالما كانت تربية المواشي في منطقة البقاع مزدهرة جداً، وفي كل قرية كان هناك عدد لا يستهان به من البيوت التي تربي الأبقار والماعز، إما لبيعها، أو الافادة من الحليب الذي كانت أسعاره مقبولة، أما اليوم فأصبحت هذه الظاهرة نادرة الوجود مع ارتفاع أسعار الأعلاف حوالي ١٠ أضعاف”.

ارتفاع أسعار الأعلاف أقفل مزارع

أما بالنسبة الى أسعار الأعلاف والاقبال على الشراء، فقال م. ج، صاحب مؤسسة للعلف والشعير: “طن الذرة كان عام ٢٠١٩ أي قبل اندلاع انتفاضة ١٧ تشرين ٢٢٠ دولاراً، بينما اليوم أصبح سعره ٤٢٠ دولاراً، والشعير كان سعره ٢١٠ دولارات، واليوم ٤٣٠ دولاراً، ولا شك في هذه الحالة أن الإقبال على شراء الأعلاف للمواشي تراجع بنسبة تفوق الـ ٥٠٪، ما يعني أن عدداً كبيراً من الناس في البقاع تخلى عن تربية المواشي بسبب تراجع القدرة الشرائية”.

أضاف: “هناك مزارع كبيرة عدة في المنطقة اضطرت إلى بيع أبقارها، وأخرى خففت من عددها لعدم قدرة الراعي أو صاحب الملك على شراء علف وشعير بعد غلاء سعره، ومَن كان يشتري في الأسبوع ٥ أطنان من العلف أصبح اليوم يشتري ٢ طنين فقط. ومن ناحية أخرى لم يعد إنتاج الحليب يكفي لتعويض كلفة الحبوب والعلف والأدوية، أما قبل الأزمة فكان بيع الحليب يكفي لأن يعوض كل هذه التكاليف وأكثر”.

تربية المواشي خسارة مكلفة

وأوضح وليد زين الدين، الذي يملك مزرعة أغنام صغيرة في البقاع أنه كان لديه ١٠٠ رأس غنم، وأصبح يملك ٧٥ منها “لأنني كل فترة أضطر إلى بيع عدد منها بسبب عدم قدرتي على تحمل الأعباء والتكاليف. فلم أعد أملك رأسمالاً يكفي كل المصاريف، وعدم استقرار الدولار يخرب بيوتنا، فعندما أشتري رأس غنم على سعر معين وأضطر الى بيعه بسعر أرخص تكون خسارتي كبيرة ولا أستطيع تعويضها من أي ناحية أخرى، وهناك عدد كبير من مربي المواشي أيضاً اضطروا إلى بيع عدد منها بسبب ضعف الإمكانات، أو لم يستطيعوا العدل بينها وتكون الخسارة أكبر”.

وقال زين الدين لـ”لبنان الكبير”: “أسعار العلف ارتفعت بصورة خيالية، وبالنسبة لي كل أسبوع أحتاج الى ٦٠٠ كيلوغرام من العلف، و٤ أكياس كبيرة (خيش) من التبن. أما بالنسبة الى الربح والخسارة، فهذا مرتبط بالدولار، ولكن في غالبية الأحيان فارق الأسعار يُكلفنا كثيراً وهذا الأمر أدى إلى إقفال عدد كبير من المزارع وبيع مواشيها لأن أصحابها فقدوا قدرتهم على إستكمال مشروعهم وعلى كفاية حاجة مزرعتهم. وأنا كمُربي َمواشي لا أنصح أحداً في هذه الفترة بشراء المواشي وتربيتها، فالخسارة مكلفة جداً ومن دون أي تعويض”.

شارك المقال