مكب قب الياس إلى العالمية بأطنان النفايات… والأهالي يختنقون!

راما الجراح

بعدما تربعت منطقة البقاع على عرش العالمية بنسب السرطان من حيث المساحة وعدد السكان، مكب النفايات في منطقة قب الياس – البقاع الأوسط إلى العالمية أيضاً بعدما كان أطول مزبلة في لبنان منذ عامين، سيصبح قريباً الأطول في العالم بحسب تقارير عدة. أطنان من النفايات مكدسة في قب الياس، حيث تجمع بعد نقلها من الشاحنات، وتروي عصارتها البساتين المجاورة، وتصب سمومها في مجرى نهر الليطاني.

تستطيع أن تجد في هذا المكب كل شيء، من نفايات عضوية وحيوانية، الى الأثاث، ومخلفات المزارع. والكلام يختلف كثيراً عن المشاهدة الحية للمكب، إضافة إلى الأمراض التي تدهم منازل البلدات المجاورة وتحديداً المرج وبرالياس، لكونها عند الحدود العقارية الفاصلة. حالات من الاختناق تسبب بها حريق المكب منذ يومين، حتى غطّى الدخان المنطقة المحاذية بصورة كاملة بعد فترة منتصف الليل، وسط روائح كريهة وسامة، وكأنه محكوم على سكان هذه المنطقة أن يبقوا تحت وطأة الدخان والسموم التي لا تفارق سماءها ليلاً ونهاراً من دون أن تتحرك أي جهة رسمية أو أهلية لمعالجة هذا الواقع الكارثي.

بلدية قب الياس لا تزال ترمي النفايات في المكب من دون ابتكار أي وسيلة أو التقدم بأي حل يخفف عن أهالي المنطقة نسبة الأمراض التي يتسبب بها، وحاولنا التواصل مع بلديات عدة مجاورة لمنطقة قب الياس للحديث عن هذه المشكلة، ولكنها رفضت الكلام في الموضوع خوفاً من أن يتوقف المكب عن استقبال نفايات البلدات ونصل إلى كارثة أكبر، مع إجماعها الكامل على أن حرق المكب بحذ ذاته كارثه إنسانية وبيئية.

يحاول الكثير من الفعاليات والأهالي مناشدة بلدية قب الياس بصورة دائمة، بحسب مصدر خاص قال لـ “لبنان الكبير”: “يبررون أنه لا إمكانات مادية تقدر على إنشاء مشروع يعالج مشكلة النفايات في المنطقة في جميع القرى، سواء كانت قرى سهل البقاع الأوسط أو قرى البقاع الغربي، إضافة إلى أن مشكلة حريق المكب تعتبر الأبرز اليوم والتبرير دائماً أن لا علاقة لهم بذلك على الرغم من وجود ناطور على المكب”.

المصدر نفسه كشف أن “مكب قب الياس يحمل ملفاً كبيراً وواسعاً في الفساد، وأن النفايات الموجودة فيه لا تعود جميعها إلى قرى بقاعية، بل هناك العديد من شحنات النفايات رصدت من خارج المنطقة ترمي بحمولتها في المكب مقابل مبالغ مالية بالفريش دولار تتراوح بين ٧٠٠ و١٠٠٠ دولار على الشحنة الواحدة تعود جميعها إلى البلدية برئاسة جهاد المعلم”.

مصدر آخر من أهالي قب الياس أكد لـ “لبنان الكبير” أن “البلدية لم تقم بأبسط واجباتها، وإجمالاً في المنطقة جميعنا نتفق على أنها فاشلة في مهامها وهناك سمسرات كبيرة تقام على ظهورنا ونحن ضحية سكوتنا عن ذلك على الرغم من معرفتنا بها، ودائماً يتحججون بأنهم يقومون بطمر النفايات بواسطة (رفش وجنزير) تملكه البلدية، وعندما يتم حرق المكب يحاولون تبرأة أنفسهم من خلال القول إن الفئة التي تتاجر بالناس والحديد تتسبب به لأخذ ما يلزمها، ولكن هناك ناطور للمكب منذ سنوات عدة والمشكلة نفسها تحصل كل فترة، إذاً لا بد من أن يكشف عن الحلقة المفقودة، وآن الأوان لإيجاد حل جذري لذلك”.

وكانت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني كشفت منذ سنتين أن هذا المكب يحمل قصة فساد كبيرة، بحيث تنقل النفايات إليه من خارج المنطقة، ورصدت مرات عدة شاحنات تنقل نفايات من الجيّة اليه. وبلدية قب الياس تتقاضى مئات الدولارات مقابل رمي النفايات في المكب بمبلغ يصل إلى ما يفوق الألف دولار عن شاحنة النفايات الواحدة. وسبق لمصلحة الليطاني أن طالبت بسجن رئيس بلدية قب الياس ونائبه بعدما تقدمت أمام النيابة العامة المالية بشكوى مع اتخاذ صفة الادعاء الشخصي بوجه بلدية قب الياس وادي الدلم، وبوجه رئيس البلدية جهاد حسين المعلم بصفته الشخصية وكل شخص طبيعي مسؤول عن الجرائم والمخالفات المنصوص عنها في قانون الادارة المتكاملة للنفايات الصلبة، وكل من يظهره التحقيق فاعلاً أو شريكاً أو متدخلاً أو محرضاً، بالجرائم المنصوص عنها في قانون العقوبات اللبناني وقانون حماية البيئة.

أبو محمد، يقيم في المنطقة المحاذية للمكب، أكد أن “مكب قب الياس سبب لنا عملية اختناق، اضطرتنا إلى إغلاق شبابيك منزلنا، ولكن على الرغم من ذلك كانت الرائحة قوية جداً، والكهرباء مقطوعة ليلاً فلا يمكننا الاستعانة بمروحة كهربائية لتلطيف الجو. الوضع سيء جداً، ومنذ سنوات ونحن نطالب بحل لهذا المكب ولكن (السمسرة ماشية والعترة علينا)”.

أما ولده محمد، وهو مغترب يأتي مرة في السنة ليزور عائلته ويرى أحبابه، فقال: “كل سنة آتي فيها إلى لبنان أتوقع أن تكون مشكلة المكب انتهت، وأزيل، ولكن منذ ١٥ سنة والمكب لا يزال مكانه ويتمدد ما اضطرني الى الخروج من منزلي واستئجار منزل بعيد عن أهلي كي لا يتأذى أولادي بالسموم المنبعثة من الروائح والدخان عند حرقه”.

شارك المقال