غابات لبنان على منشار “المحطّبين”

حسين زياد منصور

ها نحن نبعد ما يقارب الأربعة أشهر عن بداية فصل الشتاء، والتدفئة هي احدى العوائق والمشكلات التي تشغل بال المواطن في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية المستعرة في لبنان والارتفاع المستمر بأسعار المحروقات، التي يتم التحضير بصورة جزئية لرفع الدعم النهائي عنها، فمن يدري كم سيبلغ سعر صفيحتي المازوت أو البنزين أو جرة الغاز مع بداية الشتاء، الى جانب الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي في عدد كبير من المناطق اللبنانية؟ “التدفئة على الحطب هي الحل”.

في مقابل هذا “الحل” نشهد بصورة متقطعة على مدار السنة حرائق للغابات منها ما هو مفتعل ومنها نتيجة موجات الحر، وهذه المرة ستضاعف نسب احتراق ما تبقى من الغابات في مختلف المناطق اللبنانية، وسيكون التنافس كبيراً بين تجار الحطب في سبيل تأمين كميات كبيرة تغطي الطلب المتزايد عليها.

لا كهرباء ولا محروقات

الأزمة ستكون أمام سكان المناطق المرتفعة، ففي ظل ارتفاع أسعار المحروقات والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي اضافة الى قلة ساعات التغذية في بعض المناطق خلال فصل الشتاء نتيجة الأعطال التي تخلفها العواصف، سيكون الحطب هو الحل الأمثل لاستعمالات عدة من التدفئة والطبخ وتسخين المياه عبر الموقد.

فلبنان المعروف بخضرته يخسر هذه الميزة يوماً بعد الآخر، وتشير تقارير الى أن أكثر من ٨٠٪ من أهالي وسكان المناطق الجبلية وخاصة المرتفعة منها، يعجزون عن تحمل أعباء تكاليف المحروقات بسبب الأزمة الاقتصادية الصعبة الى جانب الرواتب الضئيلة التي يتقاضاها البعض، ما سيدفعهم للجوء الى الحطب.

الظرف القاسي الذي يمر به البلد والوضع الاقتصادي الصعب أجبرا أحد “المحطّبين” سعيد (اسم مستعار) على اللجوء الى قطع الأشجار وتحطيبها كبديل للمازوت والكهرباء لمواجهة برد الشتاء القارس، كما يقول، “ففي السنوات الماضية لم نكن نقطع الأشجار وكنا نحرص على معاقبة كل من يقدم على هذا الفعل، والاعتماد على الحطب كان قليلاً في مقابل الاعتماد على الغاز والمازوت، اما اليوم فكل شيء تغير، الغاز والمازوت صارا من الماضي اذ لم أعد براتبي قادراً على تأمين احتياجاتي منهما، وانا مضطر للجوء الى الأغصان والأخشاب والشجر من أجل تأمين التدفئة لأولادي”.

الأشجار والغابات في خطر

السؤال هنا يطرح نفسه من جديد كما كل سنة: من يحمي الثروة الحرجية في لبنان؟

في هذه الأوقات تستحضر روح ملف تعيين حراس ومأموري الأحراج العالق في زواريب التوازنات الطائفية، الى جانب التشدد في تطبيق القوانين المتعلقة بحماية البيئة ومعاقبة المعتدين عليها، لأن هذه الحالة تشجع على افتعال الحرائق وقطع الأشجار وتجارة الحطب.

اليوم وقبل بدء الموسم الشتوي بأشهر، بدأت عمليات التحطيب من دون حسيب أو رقيب، وعلى إثر ذلك ستشهد البلاد مشكلات وأزمات نتيجة هذا التفلت في ظل غياب الرقابة، وهو ما يستغله البعض، ويعمد إلى قطع عشوائي للأشجار، ومنها أشجار معمرة، الى جانب عدم اكتراث المعنيين بمصير الثروة الحرجية في لبنان وما لها من تأثير على الحياة البيولوجية وتنوعها، وهو ما يمكن تسميته جريمة حقيقية بحق الطبيعة اللبنانية.

وهنا تقع المسؤولية على عاتق البلديات المعنية ووزارتي الزراعة والبيئة للتشدد في تطبيق القوانين بمؤازرة القوى الأمنية، خاصة خلال هذه الفترة للتخفيف من الأضرار التي قد تلحق بالبيئة.

شارك المقال