المستلزمات الطبية باتت محدودة… والمرضى في خطر

تالا الحريري

إعتاد القطاع الصحي خلال السنوات الأخيرة، على التأرجح في ظل معاناة البلد، فلا أموال لتأمين الأدوية أو المستلزمات الطبية، والدعم رفع تدريجياً بحجج كثيرة، وكلفة الإستشفاء خيالية وغيرها الكثير الكثير… فباتت الصحة في لبنان آخر ما يجب أن يفكّر فيه المواطن ليس بسبب سعيه الى أبسط سبل العيش وحسب، بل لأنّ الاستشفاء ما عاد متوافراً. وليس المواطن هو المظلوم الوحيد في هذه القضية، بل المستشفيات والأطباء كذلك. الأطباء يتحملون مسؤولية جشع الحكام ويقعون في قبضة المواطن الذي لا يتردد في الانقضاض عليهم كلّ مرة. أمّا المستشفيات ففي ظل غياب كل الموارد، كيف لها أن تستمر؟ لا كهرباء، وإشتراك المولدات أصبح مرتفعاً جدّاً بسبب غلاء المازوت، وهناك نقص في الأوكسجين، وأطباء يهاجرون، عدا عما ذُكر سابقاً وهو النقص أو غياب الأدوية والمستلزمات الطبية. 

البزري: الموضوع مرتبط بالسياسة المصرفية

وجاء بالأمس إعلان نقابة مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبية أن البضائع المتوافرة في مستودعاتها تكفي بالكاد حتى آخر آب الجاري، وبحسب عضو لجنة الصحة النيابية الدكتور عبد الرحمن البزري فان “هناك مشكلة في أمور كثيرة نتيجة غياب القدرة على فتح الاعتمادات، أي أن الموضوع مرتبط بالسياسة المصرفية لمصرف لبنان. نحن نعاني من الأزمة السياسية الاقتصادية التي أوقعتنا فيها المنظومة الحاكمة وسياسة الاعتمادات وفتحها. لنرى أولاً كم هناك من مستلزمات في البلد وكمية حاجتنا، لا شك أنّنا في وضع صحي صعب، ووزارة الصحة في موقع لا تحسد عليه لأنّه يجب عليها أن تقوم بخيار في الأولويات وبالاعتمادات التي تطلبها، أي أن هناك أدوية نستخدمها في إختصاصنا لكنها غير متوافرة في البلد”.

المستلزمات الطبية مجال واسع، فهناك مستلزمات حيوية وأساسية وضرورية، وأخرى تستخدمها مجموعة معينة بينما مجموعات أخرى لا تستخدمها، وهناك مستلزمات مكمّلة، كما أوضح البزري لموقع “لبنان الكبير”، وقال: “هناك أناس يطالبون برفع الدعم بنسب معينة عن بعض الأدوية حتى تتوافر ولا تبقى محصورة بآلية عمل مصرف لبنان، ففتح الاعتمادات وإخراج العملة الصعبة والاستيراد كلّها مرتبطة بآلية لا تزال غير واضحة تماماً في البلد. إنقطاع المستلزمات يؤثر على جميع المرضى، فكل الأمراض مهمة. ورفع الدعم يمكن أن يؤمن كميات أكبر لكن يجب أن نسأل عن قدرة اللبنانيين”.

وكانت نقابة مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبية أعلنت في بيان، “أننا تبلغنا من الشركات الموردة للمستلزمات الطبيّة، لا سيما مستلزمات غسيل الكلى والتي هي بالمبدأ مدعومة من قبل المصرف المركزي، أن التحويلات من مصرف لبنان أخذت تعاني من تأخير غير مبرر، يفوق التسهيلات المقدّمة من الشركات الموردة بحيث أن بعض الفواتير العالقة يعود تاريخها الى أكثر من سنة، وبما أن هذا التأخير لم يعد يحتمل من الشركات الموردة، وعليه أبلغت هذه الأخيرة وكلاءها في لبنان استحالة تلبية أيّة طلبية جديدة ما لم تسدد مستحقاتها القديمة أولاً ومن ثم دفع قيمة الطلبية الجديدة مسبقاً”.

وأشارت النقابة بغية “رفع المسؤولية عن عاتقنا”، الى أن “البضائع المتوفرة في مستودعاتنا حالياً بالكاد تكفي لغاية آخر آب من العام الحالي”، مقترحة “تطبيق السياسة نفسها التي كانت متبعة من مصرف لبنان بالنسبة الى المحروقات عموماً والبنزين خصوصاً، أي تحويل المبالغ المطلوبة قبل طرح البضائع في الأسواق اللبنانية بأسعار مدعومة. أما خلافاً لذلك فنحن عاجزون عن الاستمرار بالاستيراد”.

وفي السياق نفسه، طالبت الشركات بـ “وقف الدعم لمستلزمات القلب كلياً من قبل وزارة الصحة وتحويله الى المريض مباشرةً أو الى المستشفيات، وعليه تلتزم الشركات بأسعار الدعم لغاية آخر أيلول 2022 ريثما ينتهي المخزون في مستودعاتها آخذين في الاعتبار المستلزمات المنتظر وصولها”، آملة “أن تتجاوب وزارة الصحة مع مناشدتها علماً أن الشركات لن تستطيع أن تستورد بعد هذا التاريخ حسب آلية الدعم الحالية، لا سيما وأن الشركات الموردة في الخارج ستتوقف عن توريد مستلزمات اضافية بسبب مستحقاتها العالقة لدى المصرف المركزي”.

وتمنت النقابة على وزارة الصحة “النظر والبت في موضوع التأشير وتعليق العمل بالربط الإلكتروني وتحويله الى تأشير المعاملات ورقياً فقط الى حين انتهاء اضراب موظفي القطاع العام والايعاز الى المجلس الأعلى للجمارك بوقف العمل موقتاً بالتأشير الإلكتروني وذلك لرفع الضرر الناتج عن تأخير إخراج المواد الطبية والصيدلانية من الجمارك”.

كما طالبت المصرف المركزي بـ “الإفراج عن دفع فواتير الشركات الأخرى كافة العالقة في المصرف المركزي منذ أكثر من سنتين بقيمة أكثر من خمسين مليون دولار والمتعلقة بجميع المستلزمات الطبية الأخرى وذلك منعاً للوصول الى انقطاع في جميع المستلزمات”.

شارك المقال