قتل الحيوانات… إجرام شعب وغياب قانون

تالا الحريري

لا تغيب مشاهد إبادة الحيوانات عن الصورة في لبنان، فهذه الظاهرة ليست جديدة كما أنّها تتصدر الرأي العام منذ سنوات عدة. ولا يكاد يمر يوم من دون السماع عن حادثة قتل أو تسميم للحيوانات، التي ترتكب بحقها أبشع أنواع القتل من دون أن تستطيع الدفاع عن نفسها أو طلب المساعدة، فتُلقى جثثها في الشوارع لا من يسأل عنها ولا من يحاسب الفاعلين. فكيف للجهات المعنية أن تتحرك في هكذا مواضيع، فيما البشر باتوا يقتلون بعضهم البعض من دون حسيب أو رقيب؟ حتى أنّنا لا نسمع عن قضية ضد مرتكبي الجرائم بحق الحيوانات يفتح تحقيق فيها أو يلاحق الفاعل.

الناشطة في حقوق الحيوان غنى نحفاوي توضح لـ”لبنان الكبير” أنّ “لا احصاء رسمياً لدينا عن عدد الجرائم بحق الحيوانات، ولكن يومياً هناك حالات تسميم أو اطلاق نار، هذا عدا عن الدهس بالسيارات، والذي يعتبر في كثير من الأحيان قضاء وقدراً، لكن في أحيان أخرى هناك من يتقصد قتلها. منذ العام 2019 حتى اليوم زادت الجرائم بحق الحيوانات خمسة أضعاف عما كانت سابقاً. والحجة تكون دائماً إمّا (الكلاب عم يعووا، ما بدنا كلاب وبسينات بالحي، والكلب أكل دجاجاتي)”.

ملف الكلاب الشاردة هو مسؤولية البلديات، هذا ما تؤكده نحفاوي، وتقول: “من الممكن أن أتفهم رغبة بعض الناس في عدم وجود الكلاب في الشارع، لذلك يبرز هنا دور البلدية حسب المادة 12 من قانون الرفق بالحيوان رقم 47/2017 الذي صدّق عليه رئيس الجمهورية ميشال عون في العام 2017 وأصبح حيز التنفيذ، ولكن للأسف لا يطبّق كما يجب، نتيجة تخاذل البلديات بحجة الوضع الاقتصادي الحالي. وهذا غير مقبول لأنّها قبل الأزمة كان لديها وقت للتصرف لكنّها لم تفعل. كان هناك 20 ألف كلب شارد في لبنان فقط لا غير، أمّا حالياً فهناك 50 ألفاً، من دون مأوى، لأن الجمعيات لا تملك مآوى. لذلك البلديات في دائرة الاتهام مباشرة وغير مباشرة”.

أضافت نحفاوي: “المادة 12 تجبر البلدية أو اتحاد البلديات أو القضاء على تقديم أرض والتعاون مع جمعية لجمع الكلاب، والقيام لاحقاً بمرحلة الخصي والتعقيم والتلقيح بالتعاون مع وزارة الزراعة. فالمبادرات الفردية للمآوى موجودة عند عدد من الأشخاص في مناطق عدة، لكنّهم لم يعودوا قادرين على التحمّل أكثر. وللأسف وزارة الداخلية لا تقوم بفعل أي شيء منذ العام 2017”.

وبالنسبة الى الجمعيات، تشير الى أن “لدينا في لبنان حوالي 5 أو 6 جمعيات مرخصة وفاعلة على الأرض، لكنها لم تعد قادرة على القيام بدورها الحقيقي التوعوي لأن إيذاء الحيوانات إزداد، وبدلاً من التوعية تتوجه الجمعيات الى إنقاذ هذه الحيوانات من الشارع، وأحياناً تتحرك مع القضاء أي ترفع دعاوى لكن تتم المماطلة أو لفلفة القضية. ولم نصل حتى اليوم إلى توعية حقيقية وفاعلة”.

وتلفت نحفاوي إلى أنّ “هناك الكثيرين يشترون سم لانيت المحظور عالمياً، وللأسف محال الأسمدة الزراعية تقوم ببيعها تحت أنظار المعنيين والمسؤولين علماً أنّ وزارة الزراعة مشكورة، أصدرت بياناً اعتبرت فيه أنّ قتل الحيوانات باللانيت جريمة معادية للانسانية وهو من أسوأ أنواع القتل. فخلال 4 دقائق تقريباً يموت الكلب بأوجاع رهيبة ونادراً ما يتم انقاذه. نحن أنانيون لدرجة لا نتقبّل أنّ هناك حيوانات ومخلوقات أخرى تشاركنا هذه الأرض. الثروة الحيوانية وحتى البحرية باتت مهددة، نحن في حالة انحدار مروّع وكل شيء بري بات ينقرض لدينا. وبخصوص الكلاب الشاردة فهي تتكاثر ولكن مقابل هذا التكاثر الجرائم تزداد”.

“نحن شعب مجرم في حين فقد الكثيرون انسانيتهم ورحمتهم، ترى نحفاوي، معتبرة أن “ما يعلمه الآباء لأولادهم في صغرهم من عنف تجاه الحيوانات، يؤدي إلى تفكك هذا المجتمع. خلو المناهج الدراسية من الرحمة والانسانية تجاه الحيوانات هو أحد أكبر الذنوب التي ترتكب بحق الأطفال والمجتمع. كما أنّ هناك دراسة للـFBI أكدت على إرتباط العنف بخلفية إيذاء الحيوانات في الصغر، والبيئة السليمة تكون عبر تنفيذ القانون”.

وبالنسبة الى الجهات المختصة لمتابعة هذا الموضوع، تشدد على أنّ “وزارة الزراعة هي المسؤولة عن الجرائم بحق الحيوانات الشاردة ولا ننكر جهود وزير الزراعة عباس الحاج حسن. قد يكون تحركها خجولاً بسبب الظروف لكن نتوقع منها تحركاً أكثر لتتعاون مع وزارة الداخلية وتجبر البلديات على التحرك.

أمّا الحيوانات البرية والطيور فهي من مسؤولية وزارة البيئة التي تعمل بجهد جبار خصوصاً بوجود الوزير ناصر ياسين الذي يتابع المخالفات واحدة تلو الأخرى لأنّه ممنوع أسر الحيوانات البرية وصيدها بموجب القانون 580. موضوع الطيور لدينا شائك، فلم يفتح الوزير موسم صيد العصافير هذه السنة، لكن الكثيرين لم يلتزموا، وفي النهاية هم يسببون الأذى لبيئتهم واذا لم نتدارك الأمر فنحن ذاهبون الى الأسوأ”.

شارك المقال