الحليب موجود… بانتظار رفع الدعم الكُلي!

راما الجراح

يبدو أن الأزمات في هذا العهد تأبى أن تنتهي. فلم يكد اللبنانيون ينسوا معاناة أطفالهم من أزمة الحليب التي اعتقدوا أنها انتهت منذ أشهر، حتى عادت إلى الواجهة من خلال عدم توافره على أنواعه في جميع الصيدليات. رحلة البحث عن علبة حليب بدأت من جديد، ولا بوادر لتوافره في المدى المنظور، وتعتبر هذه الأزمة من أخطر الأزمات بسبب فقدان الأطفال أساس غذائهم من دون وجود أي بديل لهم.

السُبل مقطوعة، وهناك دعوات للعودة إلى الرضاعة الطبيعية، وفي الوقت نفسه هي فرصة للتُجار لتحقيق مزيد من الأرباح عبر الضغط في كل الاتجاهات وإستغلال الأزمات ولو على حساب الأطفال الذين يقعون اليوم رهينة مصرف لبنان والشركات ووزارة الصحة. الوضع مأساوي وهناك تخوف كبير من أن تصل الأمور إلى خسارة أي طفل بسبب فقدان الحليب وسوء التغذية.

في بداية الأزمة الاقتصادية أي في العام ٢٠١٩، كان سعر الحليب عموماً يتراوح بين ١٢ و١٣ ألف ليرة لبنانية، لأنه كان مدعوماً، وبالتالي كان موجوداً في الصيدليات، بحسب الصيدلي ريان غطمي، الذي قال عبر “لبنان الكبير”: “فجأة لم يعد متوافراً إلا بكمية محدودة وارتفع سعره تلقائياً، حتى رفع الدعم عن الحليب رقم ٣، فأصبح موجوداً في السوق. أما رقم ١ و٢ فرُفع الدعم عنهما بصورة جزئية بنسبة ٥٠٪ فقط لذلك أصبحا متوافرين ولكن بكميات محدودة، إلى أن وصلنا اليوم إلى عجز الدولة عن دعم الـ ٥٠٪ المتبقية، ودخلنا في أزمة عدم تسليم الشركات الحليب الى الصيدليات، بإنتظار رفع الدعم الكُلي”.

وأشار غطمي الى أن “الحليب موجود في مرفأ بيروت بحسب المعلومات التي وصلتنا وسيتم تسليمه الى الصيدليات عندما يرفع الدعم ١٠٠٪ عنه، وسيرتفع سعره إلى أكثر من ٢٠٠ ألف ليرة لبنانية للمجمع الواحد. ومنذ يومين رفع الدعم عن الحليب الخاص بالأطفال الذين يعانون من عوارض إسهال أو تقيؤ نوع At وAr وأصبح سعره ٢٥٠ ألفاً”.

الناشطة سيرين منصور اشتكت من الأزمة التي لم تتوقع أن تواجهها في زيارتها إلى لبنان، وقالت لـ “لبنان الكبير”: “أحضرتُ معي من دبي ١٨ علبة حليب فقط لمدة شهرين أقضيهما في لبنان بعدما قال لي أقاربي أن لا أزمة حليب حالياً، وللأسف انتهت الكمية التي جلبتها معي مع بداية الأزمة، ولو لم أستعن بزوجي في دبي لإرسال كمية إضافية الى طفلي، لكان محروماً اليوم من غذائه مثل نسبة كبيرة من الأطفال بسبب عدم توافره في الصيدليات”.

أضافت: “إحدى السيدات بحاجة إلى حليب (سيميلاك) لطفلها الذي يرفض شرب أي نوع آخر ولم تجده في كل الصيدليات واليوم تعاني لاطعامه، وأخرى اشترت لطفلها حليب الماعز كونه أقرب إلى حليب الأم، كما أن هناك نسبة كبيرة من الأمهات اضطرت إلى إطعام أطفالها لبن عيران مع سُكر حتى يستطيعوا تناوله، وجميعنا نعلم مخاطر السكر على الأطفال! هذه الأزمة خطيرة جداً ويجب معالجتها في أقرب وقت لأنها جريمة بحق الأطفال والشعب اللبناني كافة”.

وأشار مصدر خاص لموقع “لبنان الكبير” الى أن “الحليب الوحيد المتوافر في السوق اليوم هو حليب (اللاكتوميل)، الإيراني الصنع والموجود بكميات كبيرة، مقابل وقف تسليم باقي الأنواع من الحليب، بانتظار انتهاء الكمية في السوق حتى تدخل أنواع أخرى”.

شارك المقال