“موتو تاكسي” للسيدات… توفيراً للوقت والمال!

راما الجراح

خلقت الأزمة الاقتصادية والمعيشية في لبنان الإرادة عند المواطنين لإطلاق مشاريع يُمكن أن تسندهم إلى حين الوصول إلى حلول جذرية لمختلف الازمات التي تعصف بهذا الوطن. شهدنا عدة مشاريع غريبة منها “التوك توك” الذي انتشر بشكل واسع في القرى الريفية، إلى تحضير الطعام في المنازل وبيعه كمصدر رزق للعائلة، وصولا إلى مشروع الـ”موتو تاكسي” للسيدات حصراً في بيروت.

ارتفاع أسعار المحروقات والنقل العام، شكل عبئا كبيراً على ذوي الدخل المحدود الذين أصبحوا يشكلون أكثر من ٦٠٪ من الشعب اللبناني حسب رواتب الموظفين محتسبة حسب سعر صرف الدولار اليوم. لذلك، لجأ البعض للعمل كسائق/ة سيارة أو دراجة نارية مقابل أجرة توفيراً للوقت والمال. وكانت رنا كرزي أول سيدة تتقدم بمشروع الـ”موتو تاكسي” والذي يعتبر الأول من نوعه في بيروت ويهدف إلى تسهيل حركة السيدات وتوفير الحماية لهن أثناء التنقل.

من السادسة صباحاً وحتى الثامنة مساءً كل يوم، تعمل رنا كرزي كسائقة “موتو تاكسي”. هي أم لولدين، اختارت أن تقتني دراجة نارية حوّلتها لاحقاً إلى “تاكسي” مخصّص فقط للسيدات والشابات. تنطلق مع ساعات الصباح الأولى من منزلها في بيروت مرتدية خوذة واقية ونظارات شمسية وقفازين، وتجوب شوارع العاصمة على مدار الساعة حتى الثامنة مساءً.

قبل نحو سنة ونصف السنة، أطلقت كرزي إعلانها الأول عبر مجموعات الـ”واتساب” حيث نشرت صورتها على دراجتها، مع عبارة “إمراة تقود دراجة – تاكسي” مكتوبة بالإنكليزية، وأرفقتها بتعليق: “وفّر الوقت والمصاري (المال)”. ولاقى الإعلان رواجاً كبيراً، وشكل بداية مثالية لعمل دائم يدرّ مدخولاً جيداً، ولا تزال تزاوله حتى اليوم.

تشرح كرزي، المقيمة في منطقة الطريق الجديدة في بيروت، لـ “لبنان الكبير” كيف راودتها الفكرة: “طلبت مني صديقتي أن أقلّ ابنها من طريق المطار إلى منزله مقابل بدل مالي، هنا لمعت الفكرة في رأسي وقررت تجربتها على أن تكون مخصصة للسيدات فقط، وفعلاً لاقت صدىً كبيراً لدى النساء والشابات اللواتي أبدين امتنانهن لعملي، وشعرن بالراحة ووثقن بي، وصارت العائلات تتصل بي كي أوصل بناتهن، وشجعنني على المثابرة على هذا العمل الذي يوفّر الوقت والجهد والمال، ويتيح لهنّ الهرب من زحمة السير الخانقة”.

تضيف: “لم يتوقف عملي خلال انتشار جائحة كورونا، باستثناء فترات الإقفال وحظر التجوّل، وقد التزمت مع زبائني كل سبل الوقاية والتعقيم، ومع ظهور أزمة البنزين في لبنان لم أواجه أي صعوبة في التزوّد بالوقود، بل زاد عملي في هذه الفترة بسبب حاجة الكثيرات للتنقّل، لأنهنّ لا يملكن وقوداً في سياراتهن”.

وتقول كرزي عبر موقع “لبنان الكبير” أن “عمل المرأة كسائقة تاكسي غير معيب، ومن المخجل أن تجلس المرأة المسؤولة عن عائلة تضم أطفالاً في المنزل من دون أن تجد حلاً مناسباً لمعيشتهم تماماً كما فعلت، فأنا اليوم أخدم الناس مقابل أجرة، وفي الوقت عينه لم أواجه صعوبة لا مع أهلي ولا مجتمعي، ولم ألجأ لهذا العمل إلا بعد أن خسرت وظيفتي في شركة الأمن منذ عامين في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، علماً أنني متخرجة من كلية السياحة وإدارة الفنادق في الجامعة اللبنانية، لكن بعد التجربة لم أحبّ العمل في هذا المجال”.

وتشهد أم علي وجاراتها على الراحة في ركوب الـ”موتو تاكسي” مع رنا وأجمعن على أن “مثل هذا المشروع حيوي وضروري جداً خاصة للملتزمات دينياً لأنه يشكل لهن الراحة والطمأنينة، ومن جهة أخرى أصبحت الأمهات تؤمّنَّ على بناتهنّ مع رنا في ظل الأوضاع التي تشهدها البلاد وما نسمعه من حالات اغتصاب وتحرش في الطرقات أو داخل سيارات الأجرة”.

وختمت رنا: “سأكمل مشروعي وأسعى إلى توسيعه ليطال كل المناطق اللبنانية من خلال تطوير العمل والتخطيط لمشروع أكبر في السنوات المقبلة”.

شارك المقال