الجنوب يعاني شح المياه… وطاقة شمسية للآبار

نور فياض
نور فياض

عذراً بلدي إن وصفناك بـ “الحمام المقطوعة مياهه”، فساسة بلدي وأصحاب المناصب اللامسؤولون هم من أجبرونا على ذلك.

في بلد غني بثروات شتى وخاصة المائية منها، يشتري أبناؤه المياه بدل الافادة منها ببلاش، وذلك يعود طبعاً الى أصحاب السدود الفاشلة ومسؤولي مصلحة المياه والوزارة المعنية الذين لم يحركوا ساكناً تجاه شح المياه الذي يعاني منه اللبناني كل صيف. تفاقمت هذه الأزمة نظراً الى انعدام توافر الكهرباء وغلاء المحروقات التي تبيّن يوماً بعد يوم أنها المادة الأساسية لكل متطلبات الشعب.

بات اللبناني يشتري بمعدل كل يومين عدة براميل من المياه ليلبي حاجاته وتتراوح قيمتها بين ٣٥٠ و٥٠٠ ألف ليرة حسب المنطقة والمحتكر، وبذلك أضيف عبءّ آخر يفتك به ويحسب له ألف حساب.

في السياق، يقول مصدر خاص من اتحاد بلديات صور لـ “لبنان الكبير”: “تعاني مدينة صور وضواحيها من مشكلة كبيرة في المياه بحيث أن كلفة النقلة ٥٠٠ ألف اذا كان الشاري لديه مصدر يشتري منه، اما اذا كان صاحب الصهريج هو الذي سيؤمّن نقلة المياه فتصبح الكلفة ٧٠٠ ألف.”

ويضيف: “هناك قرى تؤمّن لها البلديات الكهرباء والمازوت لفترات محدودة، والبعض الآخر يعتمد على الآبار الارتوازية ولكنه بحاجة أيضاً الى كهرباء ومازوت غير متوافرين، والبلديات صفر ميزانية، فبالتالي تعتمد على الهبات والقروض. في المقابل، بعض البلديات أمّن الطاقة الشمسية للآبار لكنها لا تعطي الا ٧٠% من القدرة التشغيلية بسبب الغيوم وحجب الشمس عنها. وهذه الطاقة مقدمة من الأيادي البيض وتكون لبئر واحدة اذ أن كلفتها كبيرة تقدر بحوالي ١٥٠ ألف دولار، وهذه البئر ليس بإمكانها تلبية حاجات كل منازل الضيعة.”

اما في ما يتعلّق بمصلحة مياه لبنان الجنوبي، فيؤكد المصدر أن رئيس المصلحة غائب كلياً، مشيراً الى “أننا رفعنا استياءنا منه الى اليونيسيف التي كانت قد التقته سابقاً وتناولا موضوع المياه، ليكون الرد أن مصلحة المياه تقوم بصيانة للشبكات والأعطال، مع العلم أن هذا الكلام غير دقيق. نحن نملك احصاءات ودراسات لكل ضيعة تبيّن كيف وماذا تشتغل كل منها. أعمال الصيانة والحفر تقوم بها البلدية، اما مصلحة المياه اذا أمّنت بعض القطع، فيأتي عمالها بعد انتهاء البلدية من أعمالها المذكورة أعلاه ليوصلوا (السِكر) فقط لا غير.”

ويتابع: “لا تؤمّن مصلحة المياه المازوت الا القليل منه، وهذا كان سابقاً، اما هذا الصيف فلم نرَ منها شيئاً. راجعنا أيضاً اليونيسيف في هذا الموضوع ففوجئوا لأنهم يدفعون للمصلحة ثمن المازوت. أرسلنا لهم الاحصاءات وطالبناهم بملاحقة الموضوع، فإذا كانوا يدفعون المال اذاً أين ذهب؟ تواصلنا مراراً مع رئيس مصلحة المياه لكنه لم يتجاوب، فلديه مشكلات مع الاتحاد والبلديات كافة.”

اما في النبطية وضواحيها فلم يجب رئيس اتحاد بلديات الشقيف ولا حتى رئيس بلدية النبطية على اتصالاتنا. لكن مصدراً خاصاً من احدى بلدات قضاء النبطية يوضح أن “الأيادي البيض والجمعيات بدأت بتوفير الطاقة الشمسية لعدة آبار ولكن تبقى المشكلة في تأمين المازوت والكهرباء، وخلال أشهر قليلة تبدأ الطاقات الشمسية بالعمل، اما بعض النواب فيحضرون تدشين بئر ما أو افتتاح بئر آخر فقط”.

في المقابل، يشيد بعض الأهالي بنواب آخرين كالنائب ناصر جابر الذي موّل تمويلاً شاملاً مشروع الطاقة الشمسية لدفاش المياه الذي يغذي عدة أحياء في مدينة النبطية وبعض البلدات من نبع الطاسة، وسعى أيضاً الى زيادة انتاح الكهرباء لضمان استقرار الشبكة وثباتها. وبذلك يكون قد وفّر الكثير على أهالي النبطية الذين علت صرخاتهم سابقاً من شح المياه وكلفتها التي تتراوح بين ٥٠٠ و٦٠٠ ألف ليرة.

مع غياب المياه غير الصالحة للشرب، لجأ العديد من الناس الى استعمال مياه الشرب للاستحمام أو لأغراض أخرى. لبنان بلد المياه، يعاني أبناؤه نقصاً حاداً في أهم مكونات الحياة وقلة من السياسيين تعمل لتأمين هذه المادة الحيوية. ولبنان دفع أيضاً على سدوده الفاشلة أموالاً كثيرة، ربما لو كانت موضة الطاقة الشمسية للآبار موجودة من قبل لكانت غطت بكلفة السدود جميع آبار لبنان.

يبقى السؤال: مع قرب فصل الشتاء وغياب الشمس المصدر الرئيس للطاقة ومع الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات، ما هو مصير المواطنين في الأشهر المقبلة مع عدم توافر المال لدى غالبيتهم؟

شارك المقال