“دولرة” الأقساط بين معاناة المواطنين وتكاليف المدارس

راما الجراح

أصبحنا على مشارف عامٍ دراسي جديد، ولم يحسم الأهالي بعد مسألة تسجيل أولادهم في المدارس، كما لم تحسم المدارس موضوع أقساطها أيضاً. فالمعاناة التي يعيشها المواطن اللبناني جعلت من مدارس أولاده هاجساً مرعباً لتأمين الأقساط، وخصوصاً أن هناك عدداً كبيراً من المدارس الخاصة اتجه إلى “دولرة” الأقساط مجبراً، بسبب التكاليف التشغيلية الباهظة والمازوت.

وأكد وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي مراراً عدم جواز التسعير بالدولار في المؤسسات التربوية، محذراً من أنه في حال عدم إلتزام المدارس الخاصة بإستيفاء أقساطها بالليرة اللبنانية، “لدينا الوسائل المتاحة في القانون ٥١٥، التي سنستخدمها. وفي حال لم تكف هذه الوسائل، سنلجأ الى تشريع جديد يخوّل وزارة التربية اتخاذ المزيد من الإجراءات الفاعلة”. كما فرض على المدارس إدراج كل المساعدات التي تتلقاها من أي مصدر خارجي أو داخلي، داخل ميزانيتها، وإدراج المساعدات المالية للأساتذة داخل موازنة المدرسة، وعدم تجاوز نفقات التطوير في المدارس بنسبة ١٠٠% من ميزانية العام ٢٠١٩ – ٢٠٢٠.

“الموضوع معقد جداً وحتى اليوم لم نحسم أمرنا بعد ولم نعلن عن أقساطنا”، بحسب مدير “مركز الأبرار التربوي” وليد سروجي، الذي قال لموقع “لبنان الكبير”: “الموضوع يدرس من أكثر من جانب، المصاريف التشغيلية التي تفوق الـ٧٠٪ من مصاريف المدرسة، ومن زاوية الأهل وقدرتهم على دفع الدولار في الوقت الذي لا تتقاضى النسبة الأكبر منهم رواتبها بالدولار، وفي الوقت نفسه هناك الأساتذة الذين ينتظرون زيادة رواتبهم بما يتلاءم مع خبرتهم وقدرتهم على الاستمرارية، وبالتالي نحن ندرسها في حال زيادة الرواتب ١٠٠٪ أو ٢٠٠٪ هل ستقضي غرضهم وخصوصاً مثل مؤسسة الأبرار التي تمتلك كادراً تعليمياً ثابتاً ومتمكناً ومُدرباً، ونحن نُقدر ذلك ويجب أن نفيهم حقهم”.

وأكد “أننا نتحفظ حتى الآن عن تكلفة الأقساط عندنا، وفي الأيام القليلة المقبلة سنعلن عنها لنبدأ العام الدراسي الجديد بعد الانتهاء من جميع الإجراءات، ولكن عموماً وبرأيي الشخصي لا أحبذ فكرة الدولرة نهائياً، لأننا ملتزمون بالقانون، وخياري الشخصي أن تبقى الأقساط بالليرة ولكن لم يُحسم الموضوع بعد، لأن الواقع يقول إن الشعب اللبناني بشريحته العظمى يتقاضى باللبناني وأريد أن أتعامل معهم من هذا الجانب، إضافة إلى أن القانون لا يسمح بذلك، وبالتالي لن أخالف القانون، وسنحاول إتخاذ الخيار الذي يحفظ الناس والمدرسة حتى نبقى مستمرين”.

ووجّه عدد من أهالي الطلاب في مدرسة القيروان – الفاكهة، وهم في السلك العسكري صرخة عبر موقع “لبنان الكبير”، مناشدين مديرة المدرسة عدم إلزامهم بالـ ١٠٠ دولار، رأفةً بهم، وتطبيقاً لقرار وزير التربية. وأوضحوا أنه “صدر قرار من المدرسة فحواه أن أي رب منزل عسكري سيعفى من الدفع بالدولار بسبب الوضع المعيشي الصعب الذي يعاني منه السلك العسكري عموماً، وعندما ذهبنا لتسجيل الأولاد أول مرة، طلبوا منّا دفع مليون ليرة رسم تسجيل، و٦ ملايين ليرة عن كل طالب فقط”.

أضافوا: “بعد أسبوع، ذهبنا لدفع رسم التسجيل، وفوجئنا بأن المديرة طلبت منا دفع ١٠٠ دولار ومليون رسم تسجيل لكل طالب، و٦ ملايين قسط المدرسة، وسيبدأ العام الدراسي في المدرسة نهار الاثنين المقبل، ونحن مجبرون على دفع الـ ١٠٠ دولار مع المليون عن كل طفل وإلا فلا يمكن تسجيل أولادنا، على أن يتم تقسيط المبلغ المتبقي طوال العام”.

أما مديرة المدرسة نفسها سلمى اللبابيدي فقالت عبر “لبنان الكبير”: “في العام الماضي، لم نرفع أقساطنا أبداً بل بقينا على قسط المليونين ونصف المليون ليرة لكل طالب فقط، لأنني وبكل صراحة كان متبقياً لديّ في المدرسة مخزون من المازوت يكفي طوال العلم الدراسي، أما هذا العام فانتهى المخزون وأنا بحاجة الى تعبئته للتدفئة، والجميع يعلم أن الدفع أصبح بالفريش دولار فمن أين أستطيع تعبئة مازوت طوال السنة، وأسدد جميع التكاليف التشغيلية للمدرسة إذا لم أرفع القسط؟”.

“على الرغم من أننا رفعنا القسط إلا أنه لا يزال مقبولاً جداً مقارنةً بالمدارس الأخرى” بحسب اللبابيدي، التي أشارت إلى أن “القسط عبارة عن ٦ ملايين للطالب الواحد تشمل كل شيء بالإضافة إلى أنهم مخيّرون في الزي المدرسي بسبب التكاليف، و١٠٠ دولار فريش على العائلة وليس على الطالب الواحد، وهذه مخصصة تحديداً للمازوت، لأنه وبكل أسف لم نُخصص بأي مساعدات، ولسنا محسوبين على أي جهة، ولو كان هناك دعم على التدفئة فقط لما طلبت دولاراً واحداً فريش. وفي عهد الوزير طارق المجذوب تمنى على المدارس أن تحسم ثلث الأقساط على الأهالي مقابل دعمها من جهات مانحة ولكننا كمدرسة خاصة لم نحصل على شيء”.

وأكدت أن “معظم الأهالي كانوا متعاونين جداً في الموضوع لأن القسط باللبناني ليس باهظاً بل مقبول جداً مقارنة بأسعار التكاليف المسحوبة جميعها بالدولار، حتى العسكريون الذي يضعون أولادهم في مدرستي غالبيتهم لم تكن لديهم مشكلة في دفع الـ ١٠٠ دولار وخصوصاً أن فصل الشتاء في البقاع الشمالي بارد جداً ولا يمكن تحمله من دون تدفئة دائمة”.

ودعت اللبابيدي أهالي طلابها في حال لديهم مشكلة في دفع القسط الى أن يتكلموا معها حتى يصلوا إلى حل يرضي الطرفين، مؤكدة أن “الدفع بالتقسيط ولا أُلزم أحداً بدفعات كبيرة وسريعة، ونحن أهل وسنقف الى جانب بعضنا البعض”.

شارك المقال