الدولة غائبة عن جمعيات التوحد

نور فياض
نور فياض

التوحد، هو اضطراب في النمو يؤثر على المهارات الجسدية والاجتماعية واللغوية للطفل حيث تظهر المؤشرات والأعراض عادةً قبل سن الثالثة.

يُعرف التوحد من خلال عوارض عدة منها:” لا يستجيب الطفل لمناداته باسمه،لا يكثر من الاتصال البصري المباشر، يرفض العناق او ينكمش على نفسه

يحب ان يلعب لوحده، يتقوقع في عالمه الشخصي الخاص، يبدا الكلام في سن متاخرة، مقارنة بالاطفال الاخرين، يفقد القدرة على قول كلمات او جمل معينة كان يعرفها في السابق، لا يستطيع المبادرة الى محادثة او الاستمرار في محادثة قائمة،قد يكرر كلمات لكنه لا يعرف كيفية استعمالها، ينفّذ حركات متكررة مثل، الهزاز، الدوران او التلويح باليدين، يصاب بالذهول والانبهار من اجزاء معينة من الاغراض، مثل دوران عجلة في سيارة لعبة، شديد الحساسية، بشكل مبالغ فيه، للضوء، للصوت او للمس…

لاشك أنّ التوحد حالة لا تصيب الشخص ذاته فحسب بل أهله والمحيطين به، وبخاصة في لبنان، في مجتمع لا يعرف الكثير عنه، واعتاد ألاّ يتقبّل الآخر، ينظرون الى الطفل نظرة استغراب فيها الكثير من الشفقة ، و يستحون به، وهذا ما تحاول تغييره الجمعيات القليلة المعنية بالتوحد التي يلجأ اليها الاهل لمساعدة ابنهم.

تقول مديرة الجمعية الوطنية للتوحد سابين سعد لـ “لبنان الكبير”: “في لبنان حالات كثيرة من الأشخاص الذين لديهم إضطراب طيف التوحد ولكن العديد منهم غير مسجلين في وزارة الشؤون الإجتماعية، لذلك لا توجد أية إحصائيات دقيقة عن الموضوع. أما عدد المستفيدين من مختلف البرامج التي تقدمها الجمعية الوطنية للتوحد فهو ١٨٠ لهذا العام وللأسف أكثر من ٨٠٠ شخص على لائحة الانتظار. كما تسعى الجمعية الى نشر التوعية في المجتمع حول مختلف الاضطرابات وأبرزها التوحد إضافة إلى ثقافة إحترام الاختلاف”.

وتؤكد سعد أن “التوحد هو اضطراب في التطوّر النفسي والعصبي يرافق عادةً الشخص طيلة حياته. وعملية التدخّل المبكر وتقديم العلاجات اللازمة تساعد كثيراً في تظهير قدرات الأشخاص وتطويرها، وقد نتفاجأ بها ايجابياً كما قد تكون عاملاً أساسياً يساعد ويسهّل عملية الدمج في المجتمع والمدارس الاعتيادية أحياناً وهذا ما نهدف اليه”.

وتوضح أن “درجات إضطراب طيف التوحد متفاوتة جداً، فقد يظهر البعض تجاوباً وتطوراً أسرع بكثير من البعض الآخر الذي قد يحتاج الى المساعدة حتى في أمور بسيطة مدى حياته. لذا نعمل بصورة يومية وتنسيق دائم مع الأهل الذين هم شركاء أساسيون في عملية التدخل ومن دونهم لا يمكننا الوصول إلى الأهداف المطلوبة.”

كما تشدد سعد على أن “للأهل دوراً مهماً، ودعمهم واجب حتى يتمكنوا من متابعة مسيرتهم التي قد تطول، لذلك خصصنا جلسات دعم لهم تديرها احدى الامهات من مركز سكيلد في بيروت. الهدف من هذه الجلسات هو تقديم الدعم النفسي والمعنوي لهم ومساعدتهم على تقبل الوضع والعمل على تهيئة الجو المناسب للعائلة حتى تستمر، وقد وجدنا صدى ايجابياً جداً منها”، مشيرة الى “أننا نعمل في الجمعية على برنامج دمج التلاميذ في المدارس والحضانات، ومنذ سنة كان مشروعنا دمجهم في الجامعات وبدأنا مع جامعة الروح القدس في الكسليك”.

اما في ما يتعلّق بدور الدولة، فتعرب سعد عن أسفها لأن “الأوضاع الاقتصادية التي تضرب لبنان ان كان بإرتفاع الدولار، أو حتى هجرة اللبنانيين الذين يبحثون عن حياة افضل، شكّلت عبئاً كبيراً، والدولة تقدّم جزءاً بسيطاً لا يذكر نسبة الى ما نتكلّفه كجمعيات متخصصة ما أدى الى اقفال العديد من الجمعيات والمؤسسات والبعض الآخر خفّض عدد المستفيدين بصورة كبيرة. وقد رفعنا الصوت عالياً أكثر من مرة كإتحاد جمعيات ذوي الاعاقة ولكن من دون جدوى.”

وتختم سعد: “الأهم لنا اليوم أن نبقى مستمرين، ونحن نركّز على العودة لهذا العام وعلى الاستمرار في كل برامج الجمعية خصوصاً في ظل غياب الدعم.”

يواجه الأطفال المصابون بالتوحد في لبنان واقعاً خطيراً في ظلّ تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد والانهيار الشامل الذي لم يستثنِ أي قطاع، فبعد اقفال العديد من هذه الجمعيات أبوابها هل ستتحرّك الدولة لمساعدة العدد القليل المتبقي منها ليستفيد المصابون بالتوحد من العلاج، أم ستقف عاجزة وغير مؤتمنة على سلامة شعبها؟!

شارك المقال