الدراجات النارية… لا حسيب ولا رقيب

آية المصري
آية المصري

“لا تضع أموالك في الحقيبة أثناء تجوالك على الطريق العام، لا تحمل هاتفك الخلوي، قم بصيانة دراجتك النارية، إلتزم بقانون السير وبالارشادات المرورية، إحذر الحفر…” جمل وعبارات عديدة كنا نجهلها، لكن في الآونة الأخيرة ومع ترددها كثيراً على مسامعنا، بدأنا نفهم ما تحمل في طياتها من معانٍ.

تصوير حسام شبارو

ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها حياة اللبنانيين للخطر، فمع الأوضاع الاقتصادية المعيشية والاجتماعية المسيطرة على الشعب اللبناني، بتنا نرى ظاهرة ليست بجديدة لكنها انتشرت كثيراً مع تصاعد أزمتي المحروقات وارتفاع الدولار، اذ يبدو أن اللبناني قرر ترك مركباته الخاصة واللجوء الى وسائل تمكنه من التنقل بأقل تكلفة. ففي حال تعطل أي شيء داخل الدراجة النارية سيكون سعره مقبولاً مقارنةً مع قطع السيارات، ولكن مع غياب الخطط الإنقاذية وفقدان وسائل الحد من الحوداث وفي ظل عدم تطبيق قانون السير نشهد واقعاً مريراً. فمع ازدياد عدد الدراجات كثرت حوادث السير وأصبحت أكثر خطورة، فالموت على الطريق اصبح عادياً.

تصوير حسام شبارو

تزايد عمليات النشل

وتؤكد مصادر أمنية لــ”لبنان الكبير”، أن إحدى أكبر مخاطر استخدام الدراجات النارية هي استعمالها في عمليات النشل والسلب بقوة السلاح لأشخاص معينين أو للمشاة، أي باتت هذه الآلية تستخدم للقيام بهذه الأفعال بشكل كبير.

ووفق هذه المصادر فإن “هذه الظاهرة تكثر في المدن والمناطق الساحلية وتنشط في جبل لبنان والعاصمة بيروت. وتكاد تنعدم في المناطق الجبلية والوسطى، إذ لا تبليغات للقوى الأمنية عن عمليات نشل أو سرقة فيها باستخدام الدراجات النارية”.

وتشير الى أن ” القوى الأمنية تتخذ العديد من التدابير لملاحقة ورصد عصابات النشل هذه وكل من يقوم بهذا الجرم، لكن عملية التوقيف ليست بالأمر السهل وتصنف من المخالفات الأكثر صعوبة نتيجة عملية سرعة المناورة والفرار من عنصر قوى الأمن، فهناك احتمال كبير لتعريض حياة الآخرين للخطر لأن من السهل الذهاب والفرار عكس السير، كما تسجل توقيفات بصورة دائمة ومستمرة لهذا النوع من الأشخاص وكاميرات المراقبة تترصدهم في مناطق معينة كما تنصب حواجز ظرفية لإلقاء القبض عليهم”.

تصوير حسام شبارو

الدراجات وخدمة التوصيل

وتلفت المصادر الأمنية الى أن “عدد الدراجات النارية زاد وهي في تزايد مستمر لا سيما خلال فترة كورونا والإقفال العام، فجميع المطاعم والمؤسسات إعتمدت بشكل كبير على خدمة التوصيل للمنازل وعادةً ما تكون هذه الدراجات مخالفة للقانون، لأن صاحب المطعم أو المؤسسة لا يريد تكبّد المزيد من الأعباء”.

وعن المخالفات والغرامات المالية المتوجبة عليه في حالة المخالفة. يقول: “أي خدمة دليفيري غير مرخصة وغير مسجلة ولا تتمتع بالصفات اللازمة وصاحبها لا يخضع للشروط المطلوبة يسجل بحقها غرامات”.

تصوير حسام شبارو

لا سلامة مرورية في لبنان

من جهته، يوضح مدير الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المرورية كامل إبراهيم لــ” لبنان الكبير”، أنه “لم يعد شيء في لبنان إسمه سلامة مرورية لعدة أسباب منها الحالة الاقتصادية والوضع السياسي العام الذي تسبب بعدم معالجة أزمات البلد، فحكومة دياب لم تقم بأي خطوة تجاه السلامة المرورية وكذلك وزارة الداخلية. فالقوى الأمنية أصبحت مهامها الأساسية متعلقة أكثر بعمليات النشل والسرقة، هناك تراجع كبير على مستوى تطبيق القانون وتراجع على المستوى الثقافي المرتبط بالسلامة المرورية. وهناك فقدان لجميع العناصر المرتبطة في السلامة المرورية، فالمركبات على مختلف أنواعها تعاني من نقص في الصيانة بسبب التكلفة العالية، وهم المواطن الأساسي تأمين المأكل والمشرب لذويه”.

تصوير حسام شبارو

ويرى إبراهيم أن “كل هذه الاوضاع المسيطرة على اللبنانيين ستساهم في اتكالهم على الوسائل البديلة التي تمكنهم من التنقل، فلا نقل عام لدينا وبالتالي لا خيار سوى استخدام الدراجات النارية وإذ لم تكن هذه الدراجات منظمة ومقوننة، سنشهد تصاعداً في أعداد الدراجات النارية، ما يؤدي إلى ازدياد الفوضى وبالتالي حوادث السير ستكون أكثر خطورة. فلا يمكننا أن ننسى أن الطرقات اللبنانية، ليست مؤهلة بعد لهذا النوع من المركبات، إضافةً إلى أن الإشارات الضوئية والمرورية معظمها معطلة وخارج الخدمة، ما يزيد من خطر الحوادث على التقاطعات فلا خطط ولا مؤسسات تعمل لتخطي هذا المشكلات”.

ويلفت إبراهيم إلى أنه “في الحكومة الأخيرة عملت وزيرة الداخلية ريا الحسن على العديد من الخطوات الإيجابية لتنظيم عمل الدراجات النارية، منها تخفيض الرسوم على كل ما يتعلق بها وذلك بهدف تشجيع للحصول على درجات منظمة مقوننة وصيانتها جيدة”.

ويؤكد أنه “حالياً لا سلامة مرورية لأننا في لبنان لا نعلم حتى اللحظة أعداد الضحايا بحوادث السير، فلا تحقيقات علمية تقول لنا ما هي التدخلات المتوجبة لمعالجة هذه المشكلة، فصيانة الطرقات شيء صعب جداً لدينا ومن الممكن ان تتسبب أي حفرة في مقتل سائق”.

أزمة جديدة في لبنان تحمل في طياتها المزيد من الأعباء والمخاوف على اللبنانيين فنحن أمام واقع صعب مرتبط في السلامة المرورية وبحاجة إلى جهات معنية تخطط على المستوى الإداري في المؤسسات لمواجهة هذه الظاهرة بأقل ضرر ممكن والمطلوب الأساسي هو تطبيق قانون السير والقيام بخطط وإرشادات تخفف من خطر الموت جراء حوادث السير.

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً