عرسال… في مرمى سطوة السلاح وعصابات “التشليح”

آية المصري
آية المصري

مشكلات تلو الأخرى يتعرض لها المواطن في مختلف المناطق، ولكن في منطقة البقاع تحديداً يصعب وصفها بحيث باتت متواصلة وتعرض حياة الكثيرين لخطر الموت نتيجة تفلت السلاح غير الشرعي بيد فئة معينة تنصّب نفسها الآمرة والناهية في المنطقة.

فبعد الأفلام الهندية الطويلة التي تحصل كل يوم في بعلبك نتيجة خلافات بين أبناء العشائر أو الخارجين عن القانون بسبب تجارة الممنوعات بمختلف أنواعها، واستمرار السرقات، والمشكلات الفردية والشخصية، جاء دور عصابات “التشليح” التي تنتشر في الأرجاء، وهي ليست وليدة الساعة بل صارت تنشط كثيراً في المناطق وتحديداً في البقاع، نتيجة تهريب السيارات عبر المعابر غير الشرعية الى سوريا وبيعها هناك. ومع إزدياد الأزمات في البلاد باتت عين بعض المواطنين على رزق غيره، وأهلاً بأي تجارة أو مكسب يؤمن له المال.

وما حدث ليل أول من أمس في بلدة مقنة البقاعية ليس ظاهرة جديدة، ولكن عملية “التشليح” التي تعرض لها شباب من عرسال أثناء عودتهم الى بلدتهم أسفرت عن موت أحدهم وإصابة آخر نتيجة السلاح المتفلت وغير الشرعي في المنطقة. كما جرى تداول أخبار ومعلومات عبر مواقع التواصل الإجتماعي وبعض وسائل الإعلام، منها ما نشر أن القتيل محمد علي رايد يعمل كمرافق لدى أحد الوزراء السابقين وفي قطاع الصيرفة، ومنها ما قال ان عصابة “التشليح” تمكنت من قتله وأخذ المبلغ بكامله ولاذت بالفرار. فما حقيقة ما حصل؟ وما رأي أهالي بلدتي مقنة وعرسال بكل ما يحدث؟

مصادر عرسالية مطلعة على الحادثة أوضحت لموقع “لبنان الكبير” ما حدث، بالقول: “الشاب محمد علي رايد كان عائداً من شتورة الى بلدته عرسال ومعه شابان آخران قريبان له من آل رايد وتعرضوا لعملية سطو وأطلقت النار عليهم وعلى سيارتهم مباشرة في محلة مقنة لأنهم رفضوا الإمتثال لعصابة التشليح. ونقل محمد رايد على الفور الى مستشفى دار الحكمة وتبيّن أنه توفى نتيجة إطلاق النار عليه وإصابته، فيما الشاب الآخر الذي أصيب تجاوز مرحلة الخطر والثالث لم يصبه أي مكروه”.

وأشارت المصادر الى أن المتوفى كان يعمل في الصيرفة وجرى دفنه أمس في مسقط رأسه عرسال، مؤكدة أن “سكان المنطقة دائماً ما يتعرضون لهذا النوع من عمليات التشليح والسطو، والسبب الرئيس هو السلاح المتفلت بمعزل عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي الضاغط”. واعتبرت أن “فائض القوة والسلاح المتفلت يساهمان في مثل هذه الحوادث، ولهذا السبب مع كل حادثة يُنشر نوع من الاستنكار والغضب، وعلى مؤسسات الدولة أن تتحرك اليوم في المنطقة لأن الشعب (مش طالع بايده) فالفوضى الخلاقة يدفع ثمنها الناس بالجملة، ونتذكر حادثة مماثلة حصلت منذ أربعة أشهر مع إبن منطقة رأس بعلبك وفي المنطقة نفسها”.

ودان أهالي بلدة مقنة وعموم عشائر وعائلات بعلبك – الهرمل في بيان، “هذا العمل الجبان الغادر”، مطالبين الدولة بـ “تحمل مسؤوليتها بحزم والضرب بيد من حديد أوكار هذه العصابات التي أصبحت خطراً يهدد الحياة الاجتماعية من جهة، كما يهدد أمن الأفراد وسلامتهم من جهة أخرى، بحيث تخطت هذه العصابات بجرائمها كل الحدود”. كما طلبوا من الأجهزة المعنية “التحرك الفوري تلافياً لأي فتنة”، مقدمين “كل التعازي لأهلنا في عرسال ولعائلة رايد إخواننا وشركائنا في الوطن، ونحن شركاؤهم بالدم”.

من الواضح أن كل شيء في هذا البلد يزداد قيمة باستثناء روح الانسان التي أصبحت لا قيمة لها، وأي كان معرض لهذا النوع من “التشليح” والسطو المخطط له والممنهج، فهل يجوز إبقاء السلاح متفلتاً وبيد هذه العصابات؟ وهل يجوز أن تؤدي هذه الحوادث الى فتنة طائفية كل لبنان بغنى عنها؟ والى متى ستبقى البقاع بهذه الصبغة؟ ألم يحن موعد تطهير المنطقة بعد؟

شارك المقال