“اللبنانية” تفقد مقوماتها… والطلاب للوزير: “اعتبرنا ولادك”!

راما الجراح

لم تعد الدكتورة منى قادرة على مواصلة رسالتها التعليمية، بعدما بات رابتها الشهري لا يكفيها ثمن بنزين لسيارتها للوصول إلى مكان عملها في الجامعة اللبنانية. فأعلنت مع زملائها أساتذة الجامعة الاضراب المفتوح، لأنه لم يعد بمقدورهم الوصول إلى الجامعة والقيام بواجبهم تجاه الطلاب، وسيستمر الاضراب إلى أن يحصلوا أقله على الحد الأدنى من حقوقهم.

أكثر من خمسة آلاف أستاذ جامعي وحوالي ألفي موظف في مختلف فروع الجامعة اللبنانية توقفوا عن العمل والتعليم الاداري بما في ذلك الامتحانات النهائية، الأمر الذي يهدد مصير ما يقارب ٨٠ ألف طالب يشكلون ٤٥٪ من طلاب التعليم العالي في لبنان. وكان وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي أعلن في مقابلة “أننا حاولنا مساعدة ميزانية الجامعة بإعتمادات إضافية ولكنها لا تسمح بالكثير من العطاءات ولا تؤمن مصاريف التشغيل، وبدلات النقل للأساتذة، وحتى للطلاب”.

من جهة أخرى، تطالب أسرة الجامعة اللبنانية أساتذةً وطلاباً بتحييد ملف الجامعة الرسمية الوحيدة في لبنان عن التجاذبات السياسية لحماية هذا الصرح التعليمي من إنهيار طال القطاعات كافة. وأعلن متفرغو الجامعة الاستمرار في الاضراب المفتوح في حال عدم وجود استراتيجية واضحة لعودة التعليم الحضوري وتعديل رواتب الأساتذة بما يتناسب مع الوضع الحالي، وقالوا للجميع إن “لا عام جامعي ولا إنهاء للعام الحالي”.

أن ينهار النظام التربوي يعني أننا أصبحنا على حافة الهاوية، وفي تفاصيل ما يحصل في فروع كليات الجامعة اللبنانية، قال مدير كلية العلوم – فرع إقليم الخروب الدكتور ربيع مراد عبر موقع “لبنان الكبير”: “لا نعلم إلى متى الأزمة مستمرة، ولكن ما يحصل اليوم عبارة عن صراع بين مصلحة الطلاب ومصلحة الجامعة، لأن كل المدراء المسؤولين عن فروع الجامعة في لبنان أصبحوا اليوم عاجزين عن فتحها أمام الطلاب لعدم توافر الامكانات لذلك. العمل والتدريس (أونلاين) في الجامعة اللبنانية حتى اليوم ليس بسبب كورونا، التي كانت شمّاعة حتى نستمر بالتدريس عن بُعد بسبب غياب كل ما يلزمنا من إمكانات لتدريس الطلاب حضورياً”.

وأكد أن “الانترنت مقطوع منذ أشهر عن الجامعة، وماكينة التصوير لا تعمل، وعندما نريد طبع أوراق أقوم بتجميع ما يلزم من كل الدكاترة والطلاب على (usb) وأطبعه خارج الجامعة. للأسف لا يوجد مازوت لمولد الكهرباء، والمياه مقطوعة تماماً، فكيف أستقبل الطلاب في الجامعة وأنا لا أملك أدنى مقومات التعليم السليم لهم داخل حرمها؟ نحن نعلم أن جميع الطلاب يخافون أن تذهب سنة من عمرهم سُدى، ولكن عليهم أن يقفوا معنا ويروا ما يحصل من تقصير تجاهنا، والموضوع غير محصور بالمطالبة برفع الرواتب”.

“السلطة تراهن دائماً على أن أساتذة الجامعة يقومون بالإضراب ثم يتراجعون من أجل مصلحة الطلاب”، بحسب مراد الذي شدد على أن “هذا صحيح لأن همنا الأول مصلحة الطلاب، والعام الماضي استمرينا ٥٥ يوماً في الإضراب ولكن عُدنا الى التعليم عن بُعد من أجلهم إلا أننا حتى اليوم لم نقم بالامتحانات النهائية ولا يزال المصير مجهولاً بسبب الاضراب المفتوح الذي أعلنا عنه والذي يشمل الحضوري والأونلاين وهذه المرة لا تشبه سابقاتها أبداً، ولن يُفك الإضراب حتى نصل إلى حلول حقيقية وجذرية”.

وأشار الى “آخر نكتة” بحسب رأيه وهي أن “هناك مساعدات نصف راتب كانوا قد حجبوها عنّا منذ أول السنة، حتى أننا لم نتقاضَ بدل مواصلات منذ أن أعلنت الدولة عنه بـ ٨ آلاف ليرة، وما يُقال اليوم أن يُفك الإضراب مقابل حصولنا على هذه المساعدات! وهذا الأمر ليس عادلاً، فالمساعدات أساساً من حقنا وتحصيل حاصل ولكن أنا كمدير كلية لا أستطيع أن أستقبل الطلاب من دون وجود مقومات لذلك، ولا يستطيع أساتذة الجامعة الحضور من دون بدل بنزين مثلاً وتبلغ تكلفته أكثر من الراتب نفسه”.

طلاب الجامعة اللبنانية بمختلف كلياتهم واختصاصاتهم يتذمرون ويشتكون من الوضع السيء، وفي الاستفتاء الذي أجريناه مع عدد منهم في كليات العلوم، الآداب، الحقوق، الطب والاعلام في مختلف الفروع على صعيد لبنان أجمعوا على أن “ما يحصل جريمة”، معتبرين أن “مطالبات الأساتذة مُحقة وعادلة، ولكن ما ذنبنا أن نكون ضحية هذه التجاذبات والوضع الصعب الذي وصلت إليه البلاد؟ أدنى حقوقنا من السلطة هو تأمين التعليم لنا، ومع ذلك نحن اليوم نطالب به”. وناشدوا عبر “لبنان الكبير” وزير التربية “أن يضع حداً لما يحصل ويجد لنا الحل المناسب و(اعتبرنا ولادك) لأنه لا شك لن تقبل أن يعيش أولادك الأحداث التي نعيشها وهم ينتظرون المجهول!”.

شارك المقال