“فبركات” في تصنيف الأراضي المزروعة… والوزارة تعمل على القاحلة

تالا الحريري

لبنان بات يعاني في السنوات الأخيرة من قلّة الأراضي الزراعية والمساحات الخضراء، نتيجة قطع الأشجار المستمر وكثرة البناء العشوائي واستخدام المبيدات ونقص المياه وارتفاع كلفة الطاقة، إلى جانب غياب التنظيم ومؤخراً أزمة الدولار التي لم تترك قطاعاً الا وأثرت فيه. وقلّة الأراضي المزروعة تتسبب بأضرار كثيرة على البيئة عموماً وعلى المواطنين خصوصاً. فاليوم بات 50% من اللبنانيين قلقون من احتمال عدم وجود ما يكفي من الطعام، إلى جانب 63% من الفلسطينيين و75% من السوريّين النازحين.

وأوضحت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو” في لبنان بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي وبالتعاون مع مؤسسة البحوث والاستشارات في لبنان، أنّ نتائج تقويم النظام الغذائي أظهرت أنّ الأراضي المزروعة في لبنان تغطّي أقلّ من 25٪؜ من مساحة البلاد وهناك نحو 170 ألف حيازة زراعية، ويُستخدم 25٪؜ من إنتاجها بصورة أساسية للكفاف أو الاكتفاء الذاتي.

فيما تتسم ملكية الأراضي بدرجة كبيرة من انعدام المساواة والتجزئة، بحيث يسيطر 1٪؜ من أصحاب الأراضي على نحو ربع المساحة الاجمالية للأراضي الزراعية في حين يسيطر 10٪؜ على ما يقارب ثلثي الأراضي الزراعية.

كما أنّ الاعتماد على السلع المستوردة للاستهلاك مرتفع جدّاً، فحوالي 80٪؜ من السعرات الحرارية المستهلكة، مستوردة. والمعروف أساساً أنّ الإنتاج المحلي غير كافٍ لتلبية الاحتياجات الغذائية للبلاد.

يهدف هذا الموجز إلى تحديد القيود الرئيسة ونقاط مقترحة للحلول المبتكرة للسياسات والاستثمار لجعل النظم الغذائية أكثر استدامة وشمولية.

الأراضي المزروعة ليست أقل من ٢٥٪؜

في السياق، نفى مصدر مطلع في وزارة الزراعة في حديث لـ”لبنان الكبير” أن تكون نسبة الأراضي الزراعية في لبنان أقل من 25٪؜. وأشار الى أن “وزارة الزراعة وزعت على المواطنين 250 ألف شجرة حرجية وزيتون منذ شهرين، وهي أشجار حرجية تقدمة الحكومة السورية ومنظمة أكساد”.

وأوضح أن “الوزارة بإنتظار الهبة من الحكومة التركية بمليون شجرة مختلفة، التي وعدت بها، أثناء المباحثات الزراعية الثنائية التي أتت على هامش زيارة دولة الرئيس نجيب ميقاتي على رأس وفد وزاري الى تركيا منذ أشهر”.

أضاف: “تعمل الوزارة من أجل استحداث ثلاث محميات في أماكن قاحلة، واحدة في بلدة عربصاليم قضاء النبطية وتتخطى مساحتها ٥٠٠ دونم، وأخرى في بلدة سجد قضاء جزين وتتخطى مساحتها ٢٠٠ دونم، وثالثة في بلدة شعت في البقاع تتخطى مساحتها ٥٠٠ دونم”. ولفت إلى أنّ “هذه المحميات هي بتمويل من احدى الهيئات المانحة وستبدأ الأعمال فيها ابتداء من أوائل تشرين”.

قبلان: المطلوب وقف الفبركة والزعبرة

وعزا الصحافي والناشط البيئي منير قبلان في حديث لـ”لبنان الكبير” السبب الأساس لقلّة الأراضي المزروعة الى “الزحف العمراني الكبير وانتشار الباطون أي المنشآت والمباني السكنية على حساب الأراضي الزراعية، إلى جانب التواطؤ الواضح بدءاً من البلدية وصولاً الى المحافظين ويمر أيضاً بجهات رسمية معينة، وهي المسؤولة اليوم عن تصنيف الأراضي المزروعة، إذ تقوم بقولبة تصنيف الأراضي من زراعية إلى صناعية وبالتالي تتقلص المساحة”.

واكد أن “خطورة هذا الأمر هي أنّ هناك تهديداً للبيئة، ففي الأصل نحن نعيش تحت تداعيات نقص القمح في لبنان والشيء نفسه يمكن أن نعيشه مع الحمضيات والخضار والفاكهة وغيرها. وبالتالي عندما تنحسر الأراضي الزراعية لا يعود هناك مجال للزراعة وفي الوقت نفسه الأرض لا تعود تشرب المياه بصورة جيدة حتى تمتلئ الأراضي الجوفية وغيرها”.

ونبّه على أنّ “هناك بعض المشكلات المتعلقة بأراضي المشاعات التي تتم سرقتها بمشاركة أناس نافذين في السلطة والأحزاب التي تعتدي على هذه الأراضي التي هي ملك الناس جميعاً”، مشدداً على أن “المطلوب اليوم، الافادة من أراضي الأوقاف هذه في الزراعة ووقف مسلسل الفبركة والزعبرة في التصنيفات”.

شارك المقال