الزهايمر… الفراغ القاتل!

جنى غلاييني

“صديقي الزهايمر لا يفرق بين شيء جيد وشيء سيء. لا يفرق بين ذكرى القبلة الحالمة وذكرى الطعنة القاتلة. لا يفرق بين ما فعله الأعداء وما فعله الأصدقاء. يمحو كل شيء. ولعله يمحو الأشياء الطيبة قبل الأشياء الرديئة. وعندما يذهب كل شيء أي معنى يبقى للسعادة ؟”، هذه الكلمات من رواية قصيرة للشاعر والوزير السعودي الراحل غازي القصيبي، يحكي فيها عن مشاهير أصيبوا بالزهايمر، هذا المرض المصنّف بالخبيث بعد مرض السرطان، قاتل العقول وماحي الذكريات. إنّه المرض الدماغيّ المتطوّر الذي يدمّر خلايا المخّ ويؤدي بالنتيجة إلى مشكلات في نشاط الذاكرة، وسلامة التفكير، والقدرات السلوكيّة، فصلاً عن آثاره السلبيّة على عمل الشّخص المصاب وعلاقاته الاجتماعية.

اكتشفه للمرة الأولى الطبيب الألماني ألويس ألزهايمر سنة 1906 ويشكل أحد أمراض التنكس العصبي، في تدهور تدريجي لقدرات المصاب به المعرفية يصل إلى درجة فقدان قدرته على العيش باستقلالية.

هذا المرض يتسبب للمصابين به بفقدان تدريجي للذاكرة، ويطال أكثر من 55 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث تتزايد حالات الخرف بمعدل صادم وفقاً لاتحاد مرض الزهايمر الدولي (ADI)، فيما لم يتوصل العلم بعد إلى علاج شافٍ له.

عالمياً، يتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص المصابين بالخرف إلى 139 مليون شخص بحلول العام 2050 مقارنة بـ 55 مليون شخص مصاب بالمرض الآن، وفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية (WHO)، في المقابل تحث الخطة العالمية لمنظمة الصحة العالمية بشأن الخرف الحكومات على تطوير سياسات وطنية بحلول العام 2025 تساعد الأشخاص المصابين بالمرض. وستشمل تعزيز الوعي العام وتحسين جودة الرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية والدعم طويل الأجل والخدمات للأشخاص المصابين بالخرف وأسرهم.

الزهايمر ليس جزءاً طبيعياً من الشيخوخة، فمعظم المصابين بالمرض يبلغون من العمر 65 عاماً أو أكبر.

أعراض الزهايمر

أكثر الأعراض المبكرة شيوعاً لمرض الزهايمر هو صعوبة تذكر المعلومات المكتسبة حديثاً، وهذا يسري على غالبية البشر بحيث تتغير الأدمغة مع التقدم ​​في العمر فيلاحظون في النهاية بطء التفكير ومشكلات عرضية في تذكر أشياء معينة. ومع ذلك، قد يكون فقدان الذاكرة الشديد والارتباك والتغيرات الرئيسة الأخرى في طريقة عمل العقول علامة على فشل خلايا الدماغ.

تبدأ تغييرات الزهايمر عادةً في جزء الدماغ الذي يؤثر على التعلم، فمع تقدم المرض عبر الدماغ يؤدي إلى أعراض حادة بصورة متزايدة بما في ذلك الارتباك والمزاج وتغيرات السلوك، إضافة الى تعميق اللبس حول الأحداث والزمان والمكان، وشكوك لا أساس لها حول العائلة والأصدقاء ومقدمي الرعاية المحترفين لهم والمزيد من فقدان الذاكرة الخطير وصعوبة في الكلام والبلع والمشي.

هل يوجد علاج للزهايمر؟

لا يوجد علاج لمرض الزهايمر، ولكن هناك مداواة واحدة- (Aduhelm ™) – وهو الدواء الأول لإثبات إزالة الأميلويد إحدى السمات المميزة لمرض الزهايمر، ومن المرجح بصورة معقولة أن يقلل التدهور المعرفي والوظيفي لدى الأشخاص الذين يعيشون في مرحلة مبكرة هذا المرض. يمكن أن تؤدي العلاجات الأخرى إلى إبطاء تفاقم أعراض الخرف مؤقتاً وتحسين نوعية الحياة لمن يعانون من مرض الزهايمر والقائمين على رعايتهم.

هناك جهود عالمية جارية اليوم لإيجاد طرق أفضل لعلاج المرض وتأخير ظهوره ومنع تطوره. وهذا ما توصلت اليه الباحثة مروة ملحيس، وهي مهاجرة سورية مقيمة في ألمانيا، بحيث تمكنت من خلال بحثها العلمي في التحضير لرسالة الدكتوراه في جامعة كوبورغ للعلوم التطبيقية في ولاية بافاريا الألمانية، من اكتشاف مادة يحتمل أن تكون مكوناً أساسياً في الأدوية المستقبلية لمرض الزهايمر، فاستطاعت أن تتوصل الى العنصر النشط الذي يمنع أحد البروتينات المسببة لمرض الزهايمر من التراكم. ولإيجاد هذا العنصر النشط، احتاجت ملحيس إلى اختبار فيروسات معينة، ساعدتها في التوصل إلى المادة الجديدة. وسيستغرق اختراع ملحيس بضع سنوات لاعتماده كدواء معتمد لمرضى الزهايمر.

شارك المقال