هل يتحول نبع الطاسة الى صرف صحي ومخيم للاجئين؟

نور فياض
نور فياض

يعترض أهالي الزهراني على مشروع نبع الطاسة المموّل من “اليونيسف”، والذي يعيش في صراع كبير بين مصلحة الجنوب والجمعيات والناشطين البيئيين، ويهدف الى جمع المياه الفائضة عن نبع الطاسة في فصل الشتاء وجرّها نحو بلدات تعاني من نقص في المياه.

في السياق، يؤكد وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين أن “مصلحة مياه الجنوب تقدمت بطلب تصنيف للمشروع وتم الرد عليها، كما أنه لم تصلنا دراسة أولية الا في ٢١ أيلول. ونحن نطلب منها الالتزام بالقانون ٤٤٤ وتنظيم دراسات الأثر البيئي، وبناء على ذلك عليها عدم البدء بالعمل قبل الالتزام بالخطوات المطلوبة واعطاء رأينا بالمشروع.”

ويقول: “تواصلنا مع اليونيسف وسيلتزمون بالقرار الذي نأخذه وسيصدر بصورة رسمية في غضون أيام قليلة، ولكن هذا لا يعني أنهم سيلغون المشروع. نحن يهمنا النظر الى الأمور البيئية والضرر الذي يلحق بها. ولا أحد يستطيع انتهاك القوانين عند وجود أي مخالفة، بناء على ذلك كان يجب وقف المشروع منذ اليوم الأول فور اعتراض الأهالي من قبل المتعهد من مصلحة مياه الجنوب، كما المفروض منهم لفت نظر اليونيسف الى وجوب عدم خوض مشاريع لا تستوفي شروط الدولة.”

ويضيف ياسين: “نحن كوزارة البيئة نعمل بقدر ما نستطيع، وعلى اليونيسف التي هي الجهة الممولة أن تلتزم بالقرارات وقوانين الدولة ونحن لا نتدخل بالمموّل، بل مصلحة المياه صاحبة المشروع هي من يجب ألا تنفذ المشروع قبل اعطاء رأينا بالأمور البيئية لرؤية ما اذا كان هنالك ضرر بيئي (تسبب للتلوث، كيفية وضع مجرى المياه…)”.

ويوضح الناشط البيئي بول أبي راشد لـ”لبنان الكبير” أن “نبع الطاسة له تاريخ مع أهالي الجنوب، ومياهه مسحوبة للتو. وفي لبنان منذ العام ٢٠١٢ لا أحد يستطيع، ان كان مؤسسة تابعة للدولة أو خاصة، تنفيذ مشاريع تمس البيئة من دون دراسة الأثر البيئي. والغريب في الموضوع وجود مؤسسة دولية يفترض أن تحرص على تطبيق القانون. ويبدو أن مصلحة مياه الجنوب واليونيسف تنفذان بناء خزان كبير، حيث لا وجود لدراسة الأثر البيئي الذي من الضروري بل الاجباري أن يكون لتنفيذ أي مشروع يؤثّر على البيئة.”

ويشير الى “أننا بدأنا كناشطين بيئيين بمساعدة بعضنا البعض وأهالي المنطقة في الاضاءة على المخالفة المترتبة على المشروع.”

ويحمّل أبي راشد الجهات الأمنية والقضائية والادارية ووزيري البيئة والطاقة والمياه، ومصلحة مياه الجنوب و”اليونيسف” مسؤولية “تدمير موقع نبع الطاسة الحساس بيئياً، وذلك لأنه على الرغم من قرار قاضي الأمور المستعجلة الذي يقضي بوقف تنفيذ المشروع، وعلى الرغم من ثبوت عدم وجود دراسة تقويم بيئي، لا يزال المتعهد يعمل حتى ساعات متأخرة من الليل، وينتظر أن يصب الخزان المخالف اليوم”.

اما نائبة رئيس “جمعية الأرض” نجاة فرحات فتلفت الى “أننا طالبنا كجمعية بموعد مع اليونيسف منذ بداية الأسبوع ولم يتجاوب معنا أحد. فمشروع نبع الطاسة هدفه سحب الفائض من مياه الشتاء، ولكن ليس هناك شيء اسمه فائض وحتى أن النهر مسحوب ٩٠% من مياهه”، موضحة أن “المشروع كان يقضي بأخذ المياه على النبطية، ثم حومين والآن شرق صيدا، أي ثلاثة مشاريع بمشروع واحد.”

وتشير فرحات الى أن “الفائض يتواجد لمدة شهرين كحد أقصى، وهم يقولون انهم سيعطونه ستة أشهر. والخوف من كيفية سحب المياه، فبهذه الطريقة سيقطعونها عن المناطق المحاذية للنهر التي لها الأحقية بامتلاك المياه.” وتشدد على أن “ما يهمنا ألا يجف النهر وأن نحافظ على التنوع البيولوجي وعدم قطع الأشجار، فهذا النهر يسمّى الوادي الأخضر نظراً الى كثافة الأشجار فيه، كما نخاف أن يتحول الى صرف صحي أو مكب للنفايات.”

وتؤكد “أننا طالبنا برؤية دراسة الأثر البيئي، فتبيّن لنا أن لا دراسة ولا حتى حماية للمياه. لذلك سنتظاهر الجمعة أمام منظمات اليونيسف للمطالبة بوقف تنفيذ المشروع، لاسيما أن اليونيسف لم تستشر أحداً ولم تطلع على أي دراسة، فكيف تموّل هكذا مشروع؟ علماً أن المشروع مخبّأ منذ ٤ أشهر. اما في ما يتعلق بمصلحة مياه الجنوب، فقد اجتمعنا معهم لكننا لم نتوصل الى أي اتفاق، وأبلغوا الصحافة أنهم جهة رسمية يحق لها العمل من دون اعطاء دراسة لأي جمعية. تقدمنا بشكوى الى سفير اليونيسف في لبنان منذ يومين والبارحة تقدمنا بشكوى أخرى ولكن لم يتجاوب معنا أحد، لذلك لن نلغي المظاهرة للضغط عليهم بغية وقف تنفيذ المشروع.”

هل ما يحصل عند نبع الطاسة مشروع مياه لخدمة القرى التي تعاني من شح المياه، أم أنه مشروع لدعم النازح السوري كما يتداول العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي؟ مهما كانت الأجوبة، لا يزال المشروع قائماً من دون تدخل من الجهات السياسية لوقفه وحماية النبع. فهل سينتصر النبع في الأيام القليلة المقبلة بعد ممارسة الضغط على الجهات المعنية أم أن خسارة أخرى ستسجل للأهالي، مع العلم أنهم يدعون للتوجه الى النبع وإقفال الطرقات أمام ناقلات الاسمنت وتوقيفها حالاً قبل فوات الأوان!

شارك المقال