لا بنج في المستشفيات… والعمليات ستتوقف

آية المصري
آية المصري

كل شيء ممكن في العهد القوي، ولسخرية التوصيفات للواقع، فإن المواطن اللبناني بات يستعيد بخياله مشاهد من العصور القديمة، خصوصاً في الحديث عن فقدان أدوية البنج.

نعم، في هذا العهد كل شيء ممكن، ويحق لكل لبناني أن يرسم الصور في مخيلته، فمن منا كان يتوقع أن يوصي المغتربين على حبوب “بنادول”؟ من منا كان يتوقع أن يقف المواطن في طابور لا نهاية له ليحصل على ربطة خبز أو ربع صفيحة بنزين؟.

وها هو اليوم يواجه مشكلة جديدة يستعيد من خلالها صور الأفلام السينمائية في العصور القديمة التي تصور أساليب إجراء العمليات الجراحية من دون البنج، في ذلك الزمان البعيد كان الأطباء يضعون قطعة خشب على رأس المريض ثم يطرقون عليها بشدة بواسطة مطرقة، ما يؤدي إلى فقدانه التوازن وهكذا تبدأ العملية الجراحية، أو مثلاً يتم تقييد حركات المريض من خلال الاستعانة بممرضين ذوي بنية جسدية قوية أو ربما وضع الخرقة في فمه لتحمل الأوجاع. صحيح أن هذه مجرد تخيلات ومن المستحيل العودة إليها، لكن مجرد سماع خبر فقدان البنج كافٍ لرسم هكذا صور.

 

وبالعودة إلى الواقع، حذر نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون من احتمال التوقف عن إجراء العمليات الجراحية على أنواعها.

هارون: لا نتائج إيجابية ونحن عاجزون

ويوضح هارون لـ”لبنان الكبير” أن “مشكلة أدوية البنج ليست وليدة اليوم إنما بدأت هذه الأزمة منذ ثلاثة أسابيع، وبحسب ما يقول الوكلاء للنقابة إن المشكلة الاساسية هي من مصرف لبنان، لأن هذا الأخير لا يقوم بالتوقيع على الملفات المطلوب استيرادها وبالتالي لا استيراد، وفي المقابل مصرف لبنان يقول العكس تماماً”.

ويقول: “قمت بإرسال العديد من الرسائل لوزير الصحة حمد حسن ولغيره من الجهات المعنية بهدف رفع المسؤولية عن المستشفيات، فعندما يأتي مريض ولا نكون قادرين كمستشفى على إجراء عملية له أو حتى إجراء الفحوصات المخبرية أو تأمين العناية اللازمة بسبب النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية، نكون قد أوضحنا موقفنا أمام الجميع”.

ويشير هارون إلى أن “وزير الصحة عقد اجتماعاً في الأسبوع الماضي مع حاكم مصرف لبنان ورئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي وبعد ذلك قام هذا الأخير بالدعوة إلى اجتماع في المجلس النيابي مع المستوردين ومصرف لبنان ووزارة الصحة، لكن حتى الساعة لا نتائج إيجابية وما زلنا عاجزين، حتى إن المشكلة في تفاقم مستمر يوماً بعد يوم ووضعنا في غاية الخطورة. يجب على الجهات المعنية الإسراع لإيجاد حلول لهذه المشكلة. فكمية البنج المتواجدة داخل كل مستشفى تختلف، هناك من لديه تخزين لأسبوع واحد وآخر لشهر لكن بشكل عام لا يمكننا تخزين لأكثر من شهر ونصف”.

ويؤكد “لن نتخذ في الوقت الحاضر أي خطوة في شأن عدم استقبال المرضى الذي نستطيع فعله سنقوم به والذي لا يمكننا القيام به تتحمل مسؤوليته الجهات المعنية”.

عراجي: نبشر بنتائج إيجابية

من جهته، يقول رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي لـ”لبنان الكبير”: “نحن نرفع الصوت دائماً وتُعقد العديد من الاجتماعات مع وزارة الصحة ومصرف لبنان والمستوردين، وفي الاجتماع الأخير تم الاتفاق على أن تقوم المستودعات بالإفراج عن الأدوية، وستوضع لائحة الأولويات التي تعمل على إعدادها وزارة الصحة، ومصرف لبنان سيعطي إيعازاً بدعم الأدوية الموجودة في المستودعات وسيحصل الإفراج عن الدواء قريباً. ولكن لا يمكننا البقاء هكذا أي كل أسبوعين يتم قطع الدواء لكي نتحرك. من المفروض أن يحصل حلول جذرية. فلماذا حكومة تصريف الأعمال عاجزة عن القيام بشيء؟ من المفترض القيام باجتماعات طارئة لحل الأزمات المسيطرة على لبنان ولضبط المعابر، لماذا لا تُفَعل نفسها قليلاً؟ لماذا تريد ذل اللبنانيين بعد؟ فليهزوا خصرهم شوي الوزراء”.

 

ويعتبر عراجي أن ” كلام هارون صحيح فالمشكلة الرئيسية لديها وجهتا نظر، الأولى تقول إن إعداد الأدوية التي تدخل إلى لبنان أكثر من اللازم وهذه الكمية تُهرب إلى الخارج وهنا مصرف لبنان قال أن ليس بإمكانه الدعم أكثر من ذلك، أما بشأن مستوردي الدواء، فأكدوا أن لا علاقة لهم مع قصة التهريب إلى الخارج ويجب على الأجهزة الأمنية والقضاء التحرك في هذا الموضوع وتوقيف المهربين”.

ويوضح: “ربما هناك بعض من الشركات التي تطلب كميات كبيرة من الأدوية لتصديرها للخارج والتهريب يمر من المطار نحو سوريا، العراق وليبيا، والأدوية المهربة إلى افريقيا عبرت جواً عبر مطار بيروت الدولي، على الجهات المعنية القيام بالاجراءات اللازمة لضبط هذا التفلت فنحن نلفت نظر القضاء والأجهزة الامنية دائماً إلى أن هناك تهريباً بشكل واضح وعلني وعليهم زيادة العقوبة فكيف لا تتجاوز عقوبة التهريب في لبنان 15 يوماً؟ ما هذه العقوبة؟ يهرب الأدوية والسلع بملايين الدولارات ويسجن 15 يوماً هل هذا منطقي؟ عليهم ضبط الحدود وتوقيف التهريب لجميع أنواع السلع المدعومة”.

ويشرح عراجي: “حاكم مصرف لبنان قال لنا بصريح العبارة إن الأدوية المزمنة والسرطانية وأدوية المناعة لن يرفع عنها الدعم، كررها عدة مرات وعلى أرض الواقع هذه الأدوية موجودة لكنها تهرب فالمواطن اليوم يدفع الثمن غالياً والدولة تدفع أموال المودعين”.

إذاً يمكننا القول إن الشعب اللبناني يعيش أسوأ مرحلة عرفها لبنان، فهذا العهد قضى على جميع القطاعات، فلا طبابة ولا استشفاء ولا عمل ولا أموال ولا مستقبل. أهلا بكم في جهنم عون.

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً