“موتسيك” ينهب شوارعنا

حسين زياد منصور

في بلد يعيش أزمة اقتصادية، وتحلق فيه أسعار المحروقات، باتت الدراجات النارية الحل الأوفر للبناني في تنقلاته وتأدية أعماله أو المهام الموكلة اليه، لكن قيادته لها في معظم الأحيان تكون عشوائية وهجومية، من دون الالتزام بأدنى معاير السلامة، كل ذلك في غياب السلطات المعنية بمكافحة الانتشار العشوائي وغير القانوني لها، فضلاً عن ارتفاع أعداد الوفيات بسبب حوادث السير ووقوع العديد من الجرائم كالسرقة والسطو والنشل.

نجد الموتوسيكلات في كل مكان، في الشوارع العامة والزواريب والأزقة والأحياء، وعلى الأرصفة وبين السيارات من دون الاهتمام بأدنى قواعد قانون السير، فضلاً عن عدم شرعية الكثير منها، وقد أجج اغلاق مصلحة تسجيل السيارات (النافعة) هذه الظاهرة المنتشرة على الطرقات من دون أي رادع، فهي غير مسجلة وغير شرعية ولا يرتدي سائقها البزة الجلدية أو الخوذة التي يستبدلها في بعض الأحيان بأخرى بلاستيكية ثمنها زهيد جداً ولا تتمتع بالمواصفات المطلوبة، وفعلياً لا يمكنها حماية من يرتديها، اذ تستخدم للتحايل على القوى الأمنية فقط.

والى جانب عدم الالتزام بأدنى معايير السلامة، أصبح الكثير من هذه الدراجات يستخدم لنقل عائلة بأكملها، حتى باتت تشبه الحافلة، اضافة الى أن الكثيرين من سائقي هذه الدراجات وخصوصاً الصغيرة منها، لا يمتلكون رخص قيادة ولم يخضعوا لامتحان.

وأشارت دراسات الى أن ٤٢٠٠٠ دراجة نارية دخلت الى لبنان حتى شهر تموز من العام ٢٠٢٢، بعد أن كان العدد ٢١٠٠٠ في العام ٢٠٢١.

“اليازا”

يتخد الكثير من المواطنين الأزمة الاقتصادية حجة لمخالفة القانون، والفوضى كبيرة وعشوائية في قطاع الدراجات النارية و”التوك توك” الموجود حديثاً على الطرقات بصورة غير قانونية، فضلاً عن المشي عكس السير وهو غير مبرر ولا حجة في ذلك، وليست له أي علاقة بالأزمة الاقتصادية، بحسب ما يقول مؤسس جمعية “اليازا” المعنية بحوادث السير زياد عقل لموقع “لبنان الكبير”، مؤكداً أن “الدولة أي قوى الأمن المعنية، غائبة تقريباً عن تطبيق النظام وهو أمر مؤسف، ونسعى كاليازا الى القيام بكل الجهود لمواجهة هذه المشكلة في ظل غياب شبه كامل لادارات الدولة والبلديات لمحاولة تنظيم هذا القطاع”.

ويعتبر أن “صاحب الدراجة النارية دائماً على حق، ففي بعض الأوقات تصدر أحكام بحق السائق في حال قيامه بحركات بهلوانية أو القيادة بصورة مخالفة على الرصيف”.

ابراهيم

اما الخبير في إدارة السلامة المرورية كامل إبراهيم، فيرى أن “فوضى الدراجات النارية ارتفعت بصورة كبيرة، وهي موجودة من قبل، وكانت هناك محاولات لتنظيمها قبل العام ٢٠١٩ وفق خطوات مهمة، لكن بعد أحداث تشرين تراجعت هذه الأمور والاجراءات الى الوراء”.

ويضيف: “ان الكلفة العالية للفيول والبنزين، جعلت الناس تلجأ الى وسائل النقل الأقل كلفة والتي هي في العادة الدراجات النارية، من هذه النقطة أصبح عدد من يقودونها الى ارتفاع، وازدادت الفوضى والحوادث في غياب تطبيق القانون، ولا خطط للتنظيم لأن الدولة غائبة عن كل ما هو تنظيم محاضر في هذا المجال”.

“لا وجود لتحقيقات علمية حالياً، لتحديد المسؤوليات، وليس هناك تعاط رسمي مع هذه الظاهرة، بل مع مبدأ السلامة المرورية عموماً وهذا القطاع لا يعتبر أولوية، لذلك حكماً لن يكون لهذا الموضوع نتائج تنظيمية واضحة مع العلم أنه من أكثر القطاعات حاجة الى التنظيم اليوم بسبب وجود عدد كبير من الناس ممن هم غير مدرّبين على قيادة الدراجات النارية ولا يعرفون أصول قيادتها وهو أمر خطير، والخطورة الأكبر أن معظم الاشارات الضوئية في بيروت الكبرى أصبح معطلاً والتقاطعات في الشوارع غير منظمة في ضوء من يقود بسرعة وبعكس السير ومن دون التقيد بالقوانين والأنظمة”، بحسب إبراهيم.

ويشدد على أن “الدراجات النارية تشكل جزءاً أساسياً من هذه الفوضى التي تختلف أصلاً بين المدينة وخارجها أي المناطق الريفية، حيث استخدامها أكثر من النازحين السوريين وهي ظاهرة مهمة الى جانب اللبنانيين ممن ينقلون أبناءهم الى المدارس من خلالها وتعتبر خطرة جداً”.

وعن مشكلة الحوادث والدراجات النارية، يؤكد ابراهيم أن “هناك العديد من المعتقدات الخاطئة، فالدراجة مثلها مثل السيارة أو الشاحنة، وبالتالي من يخالف هو من يتحمل المسؤولية، وما يحصل على أرض الواقع مثل الأوراق الرسمية للدراجة أو التأمين أي ان كانت الأوراق الرسمية صحيحة أو غير موجودة أو غير قانونية، ومن يكون المذنب عليه أن يتحمل المسؤولية مهما كان الخطأ”، لافتاً الى أن “الجمعيات دورها توعوي ولا دور أساسياً في ذلك”.

إذاً، في ظل هذا التفلت وما تتسبب به الدراجات النارية غير الشرعية عبر القيادة المتهورة وما لها من تبعات، ينتظر تحرك رسمي جدي لضبط هذه الظاهرة والتخفيف من المشكلات والمخاطر الناجمة عنها.

شارك المقال