التؤامان: بيروت والزعني

حسان حلاق
حسان حلاق

هل يعلم البيارتة تاريخ وإسهامات شاعر الشعب عمر الزعني (1898-1961)؟
عمر الزعني وبيروت المحروسة توأمان لا ينفصلان. لقد تعلم في الكلية العثمانية لمؤسسها الشيخ أحمد عباس الأزهري، ثم أصبح ضابطاً في الجيش العثماني في الحرب العالمية الأولى. وبعد الحرب عمل كاتباً في محكمة البداية في بيروت.
لقد عانى عمر الزعني طيلة حياته من: فساد السلطة العثمانية، فساد السلطة الفرنسية، وفساد السلطة اللبنانية.
كما عانى من الحكام لعدم تقديرهم العلم والعلماء، وعانى من الاستعمار والصهيونية وقلة المال، لذلك كان شعره يجسد معاناته في المجتمع وكثيراً ما تعرض للسجن والاضطهاد، واقتيد عدة مرات من منزله في منطقة رمل الظريف إلى سجن الرمل في منطقة الطريق الجديدة من بينها سجن في عهد بشارة الخوري لأنه انتقد في قصيدة قرار التجديد للرئيس مرة ثانية.
وفي ما يأتي قصيدة تعبر عن الواقع الاجتماعي والتفاوت الطبقي في لبنان، متمنياً لو كان حصاناً عند الذوات لتيسر له تناول أطيب الطعام والمأكولات ومما جاء في القصيدة:
لو كنت حصان في بيت سرسق
باكل فستق باكل بندق
لو كنت حصان في بيت فرعون
كان لي بانسيون عشرين كرسون
لو كنت حصان الشرقاوي
والصقلاوي والدنكلاوي
كنت بساوي ألف حصان
لو كنت حصان في بيت بيهم
بعيش بفيّهم أو في حيّهم
باكل زيّهم أشكال ألوان
وعن ألمه عما آلت إليه الأوضاع في بيروت المحروسة قال متألماً:
يا ضيعانك يا بيروت
يا مناظر غشاشة
يا خداعة وغشاشة
الخواطر مكسورة
والنفوس مقهورة
الجهّال حاكمين
والأرزال عايمين
وعن أبو عفيف برهومي، صاحب مطعم في ساحة الشهداء في مبنى “كوكب الشرق” الذي انهار فيما بعد، قال الزعني:
أبو عفيف شب وظريف دمه خفيف

أكله لطيف طيب ونظيف
عند الحساب يالطيف يالطيف يالطيف
حُمُّص وفول متبل
بأصول وفجلة هالطول
والجدير بالذكر أن عمر الزعني هو الذي ابتدع شعار “ما بصائب إلا صائب” وألف قصيدة في ذلك.
وعن تمني الكثير من السياسيين تعيينهم وزراء، قال الزعني:
يا ريت الله يفرحني
واعمل وزير

ولنو ساعة بحياتي
وشو بدو يصير

كان الناس بيسايروني
والستات بيحبوني

وبيقولوا طلع الوزير
نزل الوزير

أكل الوزير
شرب الوزير

وهناك ديوان مهم جداً لقصائد عمر الزعني، شاعر الشعب، يجسد فيها آلام الشعب اللبناني ولما حارب الفساد كعادته، وقال:
من القنطاري لرأس النبع يازط سلم عا بلع
فإذا بالسلطة تعتقله كما اعتقلته يوم حارب التجديد لرئيس الجمهورية. ومنذ أن سجن واضطهد وعذب بدأت صحته تتراجع ومن ثم توفي في شباط عام 1961.
رحم الله عمر الزعني، شاعر الشعب وأمنياته وتطلعاته. ومن يطّلع على إشعاره يعتقد أنها كتبت اليوم لأن التاريخ يعيد نفسه.

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً