رغبة الانتحار في لبنان… 1 من 4!

راما الجراح

شخص من أصل أربعة عرضة للانتحار في لبنان، خصوصاً لمَن هم دون العشرين من العمر!. هذا التصريح الصادم والخطير جداً أعلنه رئيس قسم الطب النفسي في مستشفى “أوتيل ديو” سامي ريشا، مشدداً على أن الموضوع النفسي يحتاج إلى عمل دولة بأكملها. عداد الانتحار مرجحٌ للارتفاع مع تقديرات البنك الدولي بتزايد انتشار الفقر في لبنان، في ظلّ خسارة آلاف اللبنانيين وظائفهم وسط انهيار مالي ومجتمعي ومعيشي هو الأسوأ منذ عقود وينذر بتداعيات كارثية، والانتحار واحد منها.

ويقول الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين: “إن الأرقام الجديدة تُظهر أن هناك ارتفاعاً نسبته 7.8% في حالات الانتحار في لبنان، خلال أول 7 أشهر من العام 2022، وذلك مع تسجيل 83 حالة انتحار، وهي نسبة (مقلقة) وليست بقليلة مقارنة مع عدد سكان لبنان”. ويشير الى أن “حالات الانتحار في لبنان بلغت 128 حالة خلال العام 2021 بأكمله، وإذا ما دقّقنا في أرقام 2022 وفي حال استمرار الوضع على ما هو عليه، فإن اتجاه حالات الانتحار سيكون (صعودياً)، وكل ذلك نتيجة طبيعية للظروف الاقتصادية والأزمات المعيشية التي تواجه معظم اللبنانيين، وخصوصاً ذوو الدخل المحدود ومن لا يزالون يتقاضون رواتبهم وعائداتهم بالعملة الوطنية التي تدنى سعرها إلى مستويات قياسية مقابل سعر صرف الدولار في السوق السوداء”.

ويوضح الدكتور النفسي عبد الله جراح في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “الانتحار يأتي بصورة أساسية من عوامل نفسية وعضوية، فعلى سبيل المثال الذين يعانون من أمراض مستعصية منهم مَن يدخل في مرحلة الاكتئاب الذي يؤدي إلى الانتحار، إضافة إلى أن اليأس والحرمان هما مُسبّبان للوصول إلى الافكار الانتحارية والطريقة التي سيستخدمونها تضمن لهم الموت لا العذاب. وللأسف هذه المرحلة يصل إليها الانسان عندما يفقد السيطرة على شعوره وانفعالاته”.

ويؤكد أن “هذه الحالات موجودة بصورة كبيرة في لبنان ولكن لا يُسلط الضوء عليها بالصورة اللازمة، وفي الوقت الحالي هناك انتشار غير سابق لحالات الادمان على المخدرات على أنواعها وخصوصاً (الكريستال) والكحول في المجتمع، الأمر الذي يوصل الأشخاص المدمنين إلى فقدان قدرتهم العقلية وهنا إحتمال كبير أن يؤدي بهم إلى الهلاك. الأمر الثاني، هناك تزايد في حالات الاكتئاب الحاد التي تترافق مع الفقر والحرمان. أما العامل الثالث فهو الخيانة الزوجية، والتي تتزايد وتيرتها بصورة كبيرة وتؤدي إلى اكتئاب عند النساء أكثر من الرجال وفي حال لم يعالج عند دكتور نفسي سيصل إلى مرحلة الانتحار حُكماً، ويجب لفت النظر إلى أن الفشل المدرسي والجامعي يعتبر عاملاً خطيراً”.

ويرى جراح أن “من المهم جداً زيارة معالج نفسي كل فترة، فنحن أطباء ويأتي إلينا الأصحاء والطبيعيون قبل المرضى، والصحة النفسية أساس حياة الانسان”. ويقول: “نحن موجودون لتخفيف حالات الانتحار، وقد عالجت الكثير من الحالات الخطيرة وآخرها منذ فترة قصيرة، حين زارتني مريضة وصارحتني بأنها مقتنعة بالانتحار وهي الآن في مرحلة التخطيط للطريقة التي ستلجأ اليها، ولكن بعد جلستين فقط تغير تفكيرها، وبحثت عن عمل، وهي اليوم سيدة ناجحة في مجتمعها وعملها”.

وتشير “اللايف كوتش” أمل حيدر الى أن “الانتحار متعدد الأوجه والأسباب، فبعيداً عن الأسباب النفسية التي تتوجب علاجاً عند متخصصين وإهماله يدفع بالمريض الى الانتحار، هناك أسباب ثقافية وإجتماعية، منها الضغوط الاجتماعية الممارسة على الفرد، فقدان طرف آخر بعد علاقة قوية ومتينة، التنمر خصوصاً على فئة المراهقين والشباب له أثر سلبي وشاهدنا عدداً من حالات الانتحار نتيجة لذلك. وأيضاً التفكك الأسري ومشكلات الأسرة تسبب ضغطاً نفسياً على المراهقين والأطفال قد يدفع ببعضهم للجوء إلى الانتحار”.

“هناك أسباب مرتبطة بمدى قوة الايمان عند الشخص وارتباطه بالله واقتناعه بالقدر (هنا لا نتكلم عن مريض اكتئاب يحتاج الى علاج مثلاً) ولكن الوازع الديني مهم في مجابهة فكرة الانتحار” بحسب حيدر التي تلفت الى أن “الفقر، يظهر أيضاً بوضوح كسبب للانتحار وتجلى ذلك منذ بداية الأزمة في لبنان من محاولة إحراق النفس، الانتحار بطلق ناري…الخ نتيجة ظروف اقتصادية سيئة يعاني منها الفرد. كما نجد حالات كثيرة لجأت الى الانتحار نتيجة تحرش جنسي أو اغتصاب خصوصاً لدى الاناث في المجتمعات المغلقة حيث لا تجد الفتاة من يقف معها ويساندها بل تواجه هجوماً شرساً تجاهها. والادمان أيضاً سواء على الكحول أو المخدرات أو غيرها يدفع بصاحبه الى الانتحار في مراحل عديدة”.

وتوضح أن “الوصول الى مرحلة الانتحار تدريجي. بعض العوارض قد يظهر ويوحي بأن هذا الشخص يفكر في إنهاء حياته وهنا يكون دور الوعي في الأسرة والبيئة التي يحتك بها، أما بالنسبة الى مدى سيطرة الشخص على نفسه لاتخاذ القرار فتختلف من فرد الى آخر”.

شارك المقال