يا مازوت مين يشتريك؟… والدفا بجفت الزيتون

نور فياض
نور فياض

الشتاء على الأبواب، وأسعار مواد التدفئة نارية تحرق جيب المواطن وتضعه بين خيارين اما الاستغناء عنها وتحمّل قسوة البرد والصقيع، أو شراؤها ليضيف مدخولاً آخر وعبئاً جديداً على حياته الاقتصادية.

برزت في الآونة الأخيرة “موضة” جفت الزيتون التي تظهر مع بداية الشتاء نسبة الى موسم عصر الزيتون، وأصبحت ملجأ للعديد من اللبنانيين، وبات هذا الجفت ينافس بقوة المازوت وحطب الأحراج، وسلعة تجارية أساسية في مجال التدفئة الشتوية، لتستعمل كوقود للموقد والصُوبيا في فصل الشتاء.

يقول أحد سكان الجنوب لـ “لبنان الكبير”: “المازوت أصبح للأغنياء وكذلك الحطب، فالأول تتغيّر قيمته بين يوم وآخر وفق سعر صرف الدولار ويبلغ تقريباً ٢٢ دولاراً، اما متر الحطب فيتراوح سعره بين٩٠ و١٢٠ دولاراً حسب النوعية .”

ويتساءل هذا المواطن عن كيفية قضاء فصل الشتاء، اذ أنّ “بعض السكان ليست لديه صُوبيا واذا أراد شراء واحدة، فالأقل سعراً منها قيمتها ٢٠ دولاراً، فكيف سيمرّ هذا الشتاء على هؤلاء وكيف سيتحمّلون الصقيع؟”.

ويوضح أنه “على الرغم من أن الجنوب دافئ نسبة الى المناطق الجبلية الا أنه لا يمكن التكهّن بما اذا كان هذا الفصل سيحمل برداً قارساً أم معتدلاً، ولكن لا أحد يمكنه أن يعيش من دون تدفئة وبسبب الأزمة الاقتصادية سيضطر الكثيرون الى ذلك أو سيلجأون الى البديل كجفت الزيتون أو وضع بعض الأغراض غير اللازمة أو القديمة مثل الثياب، الصناديق، أو الأحذية القديمة ليشعلوا بها مدفأتهم”، مؤكداً أن “هذه الظاهرة تسبب أمراضاً كثيرة وتلوّثاً الا أن ما باليد حيلة فالشعور بالبرد أمر لا يستهان به وكما يقول المثل (الدفا عفا ولو بعز الصيف) فكيف في الشتاء؟”.

في السياق، أشار أحد مالكي معصرة الزيتون في بلدة أنصار الجنوبية الى تهافت المواطنين على شراء جفت الزيتون “لأنه الأوفر في هذه الأزمة، فالأحوال ضيقة على الجميع والمازوت والحطب سعرهما يلسع المواطن، اما جفت الزيتون فهو الأرخص مع أنه أغلى من السنوات السابقة لكنه يبقى الأوفر على الجيب”، موضحاً أن “سعر جفت الزيتون ارتفع بسبب الأزمة والانقطاع الدائم للتيار الكهربائي وغلاء المازوت وأصبح سعر الـ٥٠ كيلوغراماً نحو ١٥٠ ألفاً أي ما يعادل تقريباً ٣.٥ دولارات”.

وأكد صاحب المعصرة أن “الجفت غير مسبب للتلوث وهو صحي كذلك ويستمر اشتعال القطعة ساعة تقريباً، ولكنها بحاجة أيضاً الى حطب لتستمر فترة أطول”، لافتاً الى أن “مزارعي الزيتون عادة ما كانوا يتركون جفته في المعاصر، اذ لا قيمة له، غير أن الأزمة الاقتصادية دفعت الناس الى استعماله كوسيلة تدفئة، فالمواطن يحتاج الى 3 أو 4 أمتار من الحطب في فترة الشتاء فكيف سيحصل عليها وخصوصاً أن كلفته باهظة الثمن؟.”

اما بعض الأهالي فيفضّل الجلوس تحت الغطاء وارتداء المعاطف وإشعال الفحم لتفادي الصقيع، فلا يمكنه شراء المازوت والغاز والحطب ولا حتى جفت الزيتون.

يا مازوت مين يشتريك؟ فهذه المادة التي كانت أساس التدفئة قبل سنوات، لم تعد اليوم في مستطاع شريحة واسعة من الناس، ما حتّم اللجوء الى البحث عن البديل، فكان الخيار جفت الزيتون الذي احتل المرتبة الأولى هذه السنة. ولجأ البعض الى إشعال أشجار الصنوبر وغيرها لسرقة حطبها من دون حسيب أو رقيب، فيما الغني لا همّ لديه اذ بدل الطن يشتري أطناناً و”العترة عالفقير”.

فهل أزمة المحروقات والأسعار المرتفعة للحطب ستشرّع الأبواب لافتعال الحرائق وسرقته؟

شارك المقال