ارتفاع عدد سكان العالم… هل يحتاج الكوكب استراحة؟

تالا الحريري

تجاوز عدد سكان العالم عتبة الـ8 مليارات نسمة حسب تقديرات الأمم المتحدة. ويتخوف البعض من هذا العدد الكبير، إذ يكاد الكوكب لا يتحمله من ناحية إستهلاك الموارد الطبيعية والاكتظاظ السكاني والتلوث، وهذا ما يخشاه معظم الخبراء. وفي الأصل هناك توقعات بجفاف تام سيطرأ على العالم أجمع، وهذا ما بدأنا نعيش إحدى آثاره منذ الآن.

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنّ الوصول إلى هذا الرقم “فرصة للاحتفال بالتنوع والتطوّر مع مراعاة المسؤولية المشتركة للبشرية تجاه الكوكب”.

وأشارت الرئيسة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان نتاليا كانيم الى أن “البعض يعبّر عن قلقه من أن عالمنا يعاني الاكتظاظ السكاني، أنا هنا لأقول بوضوح إن عدد البشر بحد ذاته لا يشكّل مدعاة للقلق”.

وأوضح جويل كوهين من مختبر جامعة روكفيلر للسكان أن السؤال بشأن عدد السكان الذين يمكن للأرض تحمّله يحمل جانبين: الحدود الطبيعية والخيارات البشرية، مشيراً الى أن “خياراتنا تؤدي إلى استهلاك البشر موارد حيوية تتجاوز بأشواط إمكانات إنتاج الكوكب كل عام، مثل الغابات والأراضي. على سبيل المثال، يؤدي الاستهلاك المفرط للوقود الأحفوري إلى مزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسؤول عن الاحترار العالمي”. وقال: “نحن أغبياء ونفتقر إلى بعد النظر ونتسم بالأنانية. لا نستخدم المعلومات المتوافرة لدينا وهنا تكمن الخيارات والمشكلات”.

وترجع الأمم المتحدة النمو السكاني إلى تطور البشرية، إذ أن الناس باتوا يعمّرون أكثر بفضل تحسن خدمات الصحة العامة والتغذية والنظافة الشخصية والأدوية. كما أن الأمر يأتي ثمرة لارتفاع معدلات الخصوبة، خصوصاً في بلدان العالم الأكثر فقراً، ومعظمها في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، ما يعرّض أهداف التنمية للخطر.

قبلان: الحفاظ على البساط الأخضر رئة العالم

في السياق، وعن نسبة الكثافة السكانية على الصعيد المحلي، أكد الباحث البيئي والصحافي منير قبلان لـ”لبنان الكبير” أنّ “لبنان ليس لديه عدد هائل من السكان، يعني 4 – 5 ملايين نسمة رقم لا يحكى عنه، ولكن مقارنة مع مساحته تعتبر هناك كثافة سكانية، خصوصاً في العاصمة والمدن الرئيسة هناك اكتظاظ سكاني هائل”، مشيراً إلى أنّ “لبنان في الأصل لديه كوارث في التلوث من ناحية النقل والمعامل والمولدات وحرق النفايات. ومجرد الحديث عن كثافة سكانية يعني زيادة في التلوث لأنّه في الأساس هناك سوء إدارة في الملف البيئي في البلد”.

أضاف قبلان: “عند إزدياد عدد السكان نتحدث عن إستهلاك أكثر في إستنزاف للموارد الطبيعية أكثر من بنزين ومشتقات نفطية وغذاء وزراعة وفي الأصل المساحات الزراعية الموجودة ما عادت تكفي البشرية بسبب الزيادة في قطع الغابات وتدمير الطبيعة والبيئة. من هنا، من الضروري أن يعيد الانسان النظر في نظامه وبرنامجه الغذائي أي لا يجوز إستخدام هذا الكم من اللحوم والطعام عموماً لانّ الاستهلاك هائل ومخيف. مراعي الأبقار وغيرها تنتج روثاً أي وسخ البقر الذي يفرز غاز الميثان وهو لا يقل خطورة عن غاز الكربون الذي يؤدي إلى الاحتباس الحراري”.

واعتبر قبلان أنّ “كل المجتمعات صارت استهلاكية وبالتالي يجب النظر في النظام الغذائي للتخفيف من قطع الغابات ومن إنتاج هذا الغاز ولنحافظ على البساط الأخضر لأنه رئة العالم التي نتنفس منها”.

يعد عدد السكان حالياً أعلى بثلاث مرّات عن العام 1950 والذي بلغ 2.5 مليار نسمة. وتتوقع الأمم المتحدة أن يواصل عدد السكان النمو ليصل إلى حوالي 8.5 مليارات في العام 2030 و9.7 مليارات في 2050.

وفي التقديرات الجديدة لمعظم الدول، دولياً جاءت الصين في المرتبة الأولى (مليار و439 مليون نسمة)، الهند (مليار و380 مليوناً)، الولايات المتحدة (331 مليوناً). أمّا عربياً، فجاءت مصر في المرتبة الأولى (102.334 مليون نسمة)، ثم الجزائر (43.851 مليوناً)، وبعدها السودان (43.484 مليوناً)، فالعراق (40.222 مليوناً) والمغرب (36.910 مليوناً).

بسبب مرض الطاعون الذي يعرف بـ”الموت الأسود”، تراجع عدد سكان العالم من 429 إلى 374 مليوناً بين العامين 1300 و1400، إلى جانب الحروب مطلع العصور الوسطى في أوروبا الغربية، التي ساهمت في انخفاض أعداد البشر على الأرض.

لكن مع الانفتاح والتطور في المجالات كافة، تعززت الامدادات الغذائية العالمية وتطور الطب بحيث بات هناك لقاح لكل فيروس ويتم تطويره. هذا ما خفف من عدد الوفيات، إذ ساعد لقاح الجدري خصوصاً في التخلّص من أحد الأمراض الأكثر فتكاً في التاريخ.

شارك المقال