منقوشة “أبو ديب” بـ 500 ليرة في “أم الفقير”

إسراء ديب
إسراء ديب

في سوق العطارين، ينتظر العشرات من الزبائن أمام فرن “أيّام زمان” الذي يُديره المواطن أبو ديب المصري للحصول على المناقيش والكعك على الحطب، ويتسابق الناس يوميًا إلى هذا الفرن لشراء هذه الوجبات الرئيسية في وقتٍ تمرّ فيه البلاد بأصعب ظروف اقتصادية لم تدفع أبو ديب إلى اتخاذ أي إجراء أو قرار يراه مجحفًا وظالمًا بحقّ زبائنه الذين يتضاعفون يومًا بعد يوم.

الفرن الطرابلسي يجتذب الفقير والغني

من المعروف أنّه مع اشتداد الأزمة الاقتصادية في البلاد، ارتفع سعر المنقوشة كغيرها من المواد أو الوجبات الغذائية الرئيسة مع توجه الحكومة اللبنانية إلى رفع الدعم عن الطحين، ما دفع العديد من المواطنين إلى العزوف عن شرائها، أمّا أبو ديب، فلم يتخذ منذ البداية قرارًا برفع سعر المنقوشة لديه، إذ يستقرّ سعرها على 500 ليرة فحسب، وهذا ما يجعل فرنه مقصدًا مثيرًا للجذب والاهتمام لكلّ الناس، الفقير منهم وحتّى الغني ومن مناطق متنوّعة.

ويجتمع الزبائن عند “أيّام زمان” منذ الصباح الباكر لأسباب عدّة: الأوّل الأسعار الجاذبة والرخيصة في وقتٍ تعتمد أفران مختلفة في المدينة وغيرها من المدن والمناطق على أسعار مرتفعة قد لا يتقبّلها أو يتحمّلها البعض، ثانيًا المذاق والجودة العالية كما جودة الكعك و”المرقد”، على الرّغم من ارتفاع أثمان البضاعة أو المواد الأوّلية المستخدمة بدءًا من الغاز، الزعتر، الزيت، الدقيق، والكهرباء… وثالثًا روح الدعابة التي يتمتّع بها صاحب الفرن والرفق في التعامل مع الآخرين وهما عاملان أساسيّان يجذبان الكثير من الناس ويُشعرهم بالأمان، ورابعًا موقع الفرن وأهمّيته، فهو يقع في سوق شعبي يجتمع فيه آلاف الناس يوميًا على اختلاف مشاربهم، كما أنّه يكتسب أهمّية كبرى نظرًا لكونه مكانًا تاريخيًا موجودًا منذ مئات السنين وينتقل من جيل إلى جيل وصولًا إلى يومنا هذا.

يُمكن القول، إن أبو ديب كالكثير من الطرابلسيين يشعرون بحاجة الناس ويرغبون في مساعدتهم بأيّ طريقة، فهكذا كان أهالي طرابلس، ومع مضاعفة الأزمات وصعوبتها ما زالوا يتمسّكون بعطائهم على قدر قدرتهم والمستطاع.

الصمود أو الإقفال

يتحسّر أبو ديب على الوضع الذي أثر على طرابلس وأهلها، ولكنّه في الوقت عينه يعد زبائنه أنّه لن يقبل بمضاعفة الأسعار لديه، ليضع مصيره ومصير رزقه بين كفتين إمّا الاستمرار ضمن قائمة الأسعار نفسها، أو الإقفال لأنّني لن أقبل أن أكون استغلاليًا وظالمًا بحقّ أهلنا من الفقراء والمساكين في طرابلس التي تُعاني الأمرّين” وفق ما يقول لـ”لبنان الكبير”.

يُضيف أبو ديب: “من لا يرحم لا يُرحم، نحن نبيع ولا نريد سوى الستر ولا نطلب المال، كما أنّنا أدركنا تمامًا المشكلات القاسية التي تمرّ بها البلاد ونعرف قيمتها وانعكاسها على الناس عمومًا، ولكن مصير هذه الأزمات كلّها هو الزوال حتمًا”.

وفي تفاصيل الأسعار، يُتابع أبو ديب:” منقوشة بزعتر نبيعها بـ 500 ليرة، كعك أيضًا بـ 500 ليرة، خبر عربي وفرنجي 8 أرغفة بـ ألف ليرة، خبز أبيض أو أسمر 8 أرغفة بـ ألف ليرة، مرقد الواحدة بـ 250 ليرة”، مؤكّدًا سعيه قريبًا إلى “توسعة الفرن لإضافة المزيد من الخيارات الغذائية المتنوّعة”.

بدورها، تشتري أم خالد يوميًا من هذا الفرن وتقول لنا: “يتميّز هذا الفرن ببساطته وتواضعه كما انخفاض أسعاره، وحين يجتمع المذاق الجيّد مع سعر يُناسب الفقراء لن يتردّد أحد بالشراء بل سيكسب المزيد من الزبائن”، مشيرة إلى أن “الفرن لا يهدأ بسبب الزحمة والطلبات الكثيرة على بضاعته”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً