“الحشيشة” في زمن الغلاء… “خسارة بخسارة”

آية المصري
آية المصري

“دوّرها، دوّر دوّر وعطيني شحطة قبل ما تجي تجي تجينا الشرطة…” بهذه الكلمات عبّر الفنان زياد الرحباني في احدى أغانيه عن “الحشيشة” أو ما يطلق عليه القنب الهندي، والتي يستمع اليها محبوه أثناء تدخينه. وقبل الدخول في الممنوع والمسموح، لا يمكننا إنكار أن هناك فئة معينة من الشعب اللبناني باتت تفضل هذا القنب نتيجة الأزمات والانهيارات المتتالية في البلد، وبنظرها أنه يجعلها تتناسى أوضاعها السيئة وتسافر من خلاله الى عالم الراحة والسكون.

وجميعنا يعلم فوائد هذه النبتة من الناحية العلمية والطبية وأن تشريعها واجبٌ للافادة منها قدر الامكان في العلاجات الضرورية، فهذه النبتة الأثيمة نالت الشرعية الطبية، ومن جهة أخرى نعلم أن كل أنواع الادمان على هذه الأصناف تعطل الجسم وتجعله مدمناً تائهاً تحركه غريزته وحاجاته. وفي المقابل، لا يمكننا التشجيع على المواد الضارة والسامة للجسم خصوصاً أن مبيعها أو تناولها يعرّض الشخص للملاحقة القانونية.

وأمام الغلاء المستشري في البلد وارتفاع الأسعار في القطاعات كافة، كان لا بد من معرفة كم يبلغ سعر القنب الهندي (الحشيشة) في ظل الارتفاع اليومي لسعر الدولار في السوق السوداء؟ وهل هذه التجارة لا تزال مربحة؟

الأسعار تختلف لدى مزارعي الحشيشة في منطقة البقاع، وكل منهم يحاول الافادة من موسمها قدر الامكان من خلال رفع سعرها، لكن معظم المزارعين أكد أنها لم تعد تحتسب كعنصر يساعدهم في الموسم، وزراعتها باتت “خسارة بخسارة” في ظل إرتفاع الدولار بصورة مستمرة من جهة وإرتفاع أسعار كل المنتجات اليومية من جهة أخرى. وأشار أكثر من مزراع بقاعي الى أنهم كانوا ينتظرون الموسم بفارغ الصبر ويقومون بكل الاجراءات اللازمة من أجل تأمين رزقهم خلال فصل الشتاء. ومن المتعارف عليه أنهم لا يفضلون بيع القنب من سنة الى أخرى ويحبونه “قطفة العام”، لكن الأوضاع المعيشية تبدلت ولم تعد كل الكمية تباع على عكس السنوات السابقة، خصوصاً وأن الأولويات لدى المواطن إختلفت وبات يسعى الى تأمين حاجاته الأساسية والابتعاد عن كل ما يضره، وبالتالي أصبحت المبيعات تقتصر على الوقية أي 200 غرام نظراً الى الغلاء الفاحش.

ولفت عدد من المزارعين الى أن كيلو القنب الهندي كان يباع بـ200 أو 250 دولاراً قبل الأزمة الاقتصادية في البلد، بحيث أن هذه التجارة كانت مربحة الى حد كبير. لكن في ظل الأوضاع الهستيرية في البلاد إنخفض سعر القنب الى 130 أو 150 دولاراً نتيجة تراجع الطلب عليه وبالتالي موسمه أصبح يسبب الخسارة وليس الربح. ووصف المزارعون الوضع بالأمر المعقد والمستغرب لأن كل التجارات الأخرى إرتفع سعرها مع إرتفاع الدولار باستثناء القنب الهندي وهذا ما زاد الأمر سوءاً بالنسبة اليهم، معتبرين أن تصديره الى الخارج مربح أكثر خصوصاً وأن سعر الكيلو يبلغ 350 دولاراً في حال التمكن من إخراجه.

يبدو أن الزراعة على أنواعها في لبنان لم تعد مصدر رزق للمزارع، ولاسيما القنب الهندي الذي اختلف سوقه مقارنةً مع السنوات الماضية إثر الأوضاع الصعبة في البلاد، فهل سيلجأ مزارعوه الى الاستغناء عنه في العام المقبل، أم أنهم إعتادوا على زراعته وسيصمدون فيها؟

شارك المقال