ذوو الاعاقة البصريّة… قانون لا يطبّق والخدمات المجتمعية خاصة

ليال نصر
ليال نصر

يُعرف ذوو الاعاقة البصريّة بأنهم إمّا الأشخاص الذين فقدوا القدرة الكلية على الإبصار أو ضعاف البصر أي الذين لم تصل درجة شدّة الاعاقة عندهم إلى حدّ اعتبارهم مكفوفين. وفي كلتا الحالتين، فإنّ ذوي الاعاقة البصريّة، وخصوصاً في أعمار صغيرة، بحاجة إلى دعم مستمر من المنظمات والجمعيّات لتأمين حقّهم في التعليم ثم دمجهم في سوق العمل.

حمّود ورحاب محمد السيدي توأم من ريف حلب لجآ مع والديهما إلى لبنان عام 2015، وهما ذوا إعاقة بصريّة منذ ولادتهما. كانا خضعا لعملية جراحية في سوريا، لكنهما فقدا البصر كلياً. منذ ذلك الوقت ووالداهما يحاولان إيجاد مدرسة تمكّنهما من التعلّم، لكن غلاء أقساط هذه المدارس، كما تقول والدتهما، حال دون ذلك. بدأت “اليونيسف” مشروعاً داعماً لذوي الاعاقة البصريّة عام 2020 لمدّة عام فقط، تواصل خلاله رئيس جمعيّة الشبيبة للمكفوفين عامر مكارم مع الولدين وذويهما وتمّ تأمين كومبيوترين محمولين لكل من محمد ورحاب وكانا قد بلغا من العمر ثلاثة عشر عاماً. كما أمّنت لهما “اليونيسف” برنامج استخدام لغة “برايل” (الأحرف النافرة) وعلّمتهما مهارات اجتماعية خاصة بحالتهما. تابع مكارم معهما خدمة التعليم حتى أصبحا بمستوى الخامس إبتدائي، لكن مشروع “اليونيسف” توقّف لتتوقّف معه الخدمات.

الدكتور اللبناني ابراهيم عبد الله هو من ذوي الاعاقة البصريّة. بدأت معه في عين واحدة كحالة مرضيّة منذ الولادة، فكان يرى نسبياً، ثم تعرّض في عمر الثالثة عشرة إلى حادثة أذت العين الثانية، ففقد بصره نهائياً. بما أنّ والده الذي كان من المرجعيات في منطقته ويهابه كل من في الحيّ، لم يتجرّأ أحد على أن ينادي ابراهيم بالأعمى. لكن والده سافر وأكملت والدته المسيرة، فأصبحت العامل المساعد الذي جعل فترة الانكار عند ابراهيم قصيرة ليتأقلم بصورة سريعة مع واقعه. أرسله أهله إلى مدرسة خاصة بالمكفوفين في بعبدا حيث أكمل دراسته إلى أن أصبح في المرحلة الثانوية وكان من أوائل الطلاب ومن الرعيل الأول الذي دمج أفراده في المدارس العادية.

تقبّل ابراهيم إعاقته التي لم يعتبرها مشكلة إلّا عندما كان يحتك بالصعاب أو يضطر الى الخروج ولا يجد يد المساعدة، إلى أن أصبح جزءاً من الحركة المطلبية التي بدأت تتشكّل في مطلع الثمانينيات. طريقة معاملته الواقعية كانت تدفعه الى الأمام ليتّكل على نفسه ويكمل تعليمه، فسعى جاهداً الى أن يحصل على منحة إلى أميركا حيث درس وأصبحت أموره مسهّلة ومؤمّنة، فحاز على ديبلوم دراسات عليا في القانون الدولي.

كان رئيس جمعيّة الشبيبة عامر مكارم مبصراً، لكنه فقد بصره بعمر الثانية عشرة جرّاء حادث، إنتقل بعده إلى مدرسة خاصة بالمكفوفين وتعلّم فيها حتى أنهى دراسته الثانوية. وكانت تلك المدرسة ترسل تلاميذها إلى “مدرسة الشويفات” وتؤمّن لهم الكتب.

كان عامر أول شخص مكفوف في لبنان يتوجّه إلى الدراسات العلمية لا الأدبية. فقد شجّعه أساتذته على أن يكمل علمه، ثم درس في الجامعة الأميركية وتخصّص في الرياضيات، لكنه لم يكمل لأن لا شيء مؤمّن لمن هم في حالته، فكان عليه أن يطبع كتبه بلغة “برايل” ويؤمّن أشخاصاً ليقرأوا له. لذلك، إنتقل بعد سنتين إلى الآداب العربية وحاز ديبلوماً في التعليم ثم أكمل الماجستير في الفلسفة، وبعد ذلك أسّس الجمعيّة.

خدمات رسمية وخاصة

يحصل ذوو الاعاقة البصريّة على خدمات وزارة الشؤون الاجتماعية فقط إذا كانت بطاقتهم مدرجة بموجب القانون 220/2000. تخوّلهم هذه البطاقة الافادة من التربية الدامجة، إذ تأخذ الدولة على عاتقها التعليم والتوظيف من ضمن 3% من الموظفين في مؤسسات القطاعين العام والخاص والتي يزيد عدد موظفيها على 30 أو 40 موظفاً بينهم أشخاص من ذوي الاعاقة البصريّة. وقد وظف برنامج حقوق المعوقين، منذ أن بدأ، أربعة أشخاص من ذوي الاعاقة البصريّة من ضمن فريق العمل وفي مراكز مثل الشبكة المعلوماتية ويديرها شخص كفيف ومتخرّج من الجامعة اللبنانية اختاروه من خلال مجلس الخدمة المدنية.

تتعاون الوزارة مع الجمعيّات الخاصة، لكن القانون حالياً لا يُطبّق واللجان لا تعمل، والنص القانوني يطبّق جزئياً. فالاستشفاء لهذه الفئة، وبحسب القانون، يجب أن تكون تغطيته 100%، لكن الأزمة المادية تحول دون ذلك. كذلك من الناحية التعليمية، إذ لا تغطّي الوزارة، في الظروف الحالية، الرعاية وكلفة وجود الأشخاص وتكاليف التعليم ضمن مدارس متخصّصة. والهيئة الوطنية لشؤون المعوقين أجرَت آخر انتخابات لها عام 2015.

خدمات الجمعيّات الخاصة

المدرسة اللبنانية للضرير والأصم:

تأسّست عام 1957، ومديرتها ماري روز البرجي الجميّل. هي أول مدرسة وطنية تعنى بتعليم الأشخاص المكفوفين والصم وتاهيلهم. إنها مختلطة، داخلية وخارجية، ومتعاقدة مع وزارة الشؤون الاجتماعية.

خدماتها:

– برنامج التدخل المبكر: تثقيف الأم وتدريبها على طريقة التعامل مع طفلها وذلك خلال زيارة أخصّائية لمنزل الطفل، كما تزوّد الأم بما يلزم من إرشاد وتوجيه عبر زيارتها للمدرسة.

– برامج أكاديمية وتعليمية تؤمّن للطلاب في مراحل الحضانة ثم الابتدائية والمتوسّطة والثانوية، دراسة المواد المعتمدة في المدارس العادية:

  • قراءة الحرف البارز وكتابته بواسطة اللمس للتلاميذ المكفوفين.
  • تكبير الأحرف بما يتناسب مع البقايا البصرية للتلاميذ الضعيفي البصر.
  • التدريب على استعمال الكومبيوتر بمساعدة البرنامج السمعي الخاص.
  • التدريب على الحركة والانتقال بواسطة العصا البيضاء.

وتنمّي المدرسة المواهب الفردية في المجالات الفكرية والثقافية والرياضة البدنية والأشغال اليدوية المختلفة. وتشجّع درس الموسيقى بمختلف أساليبها، وتتيح لجميع التلاميذ ممارسة العزف على جميع الآلات والمشاركة في جوقة المدرسة وفرقتها الموسيقية.

وتقدّم المدرسة الخدمات إلى العديد من المكفوفين في المدارس والجامعات الذين أثبتوا أنهم قادرون على الوصول إلى مراحل التعليم العالي ومنها:

– دفع رسم التسجيل.

– تغطية كلفة المواصلات بين الجامعة والمنزل والمؤسسة.

– تسجيل المقرّرات الجامعية على أشرطة كاسيت.

– تأمين كمبيوتر محمول.

– شراء الكتب وطباعة المواد والامتحانات.

– تأمين مطبعة وأوراق خاصة بلغة “برايل”.

– التدخل لدى إدارة الجامعة والأساتذة عند الضرورة وتأمين مرافق أثناء الامتحانات.

– تحفيز مفهوم الاستقلالية الشاملة والطاقة على التواصل وتعلّم المهارات الوظيفية.

– تأهيل المكفوفين وتدريبهم على أنواع معيّنة من العمل ليتمكّنوا فيما بعد من إيجاد وظيفة في مكان يناسب وضعهم، ومساعدتهم على تمكين قدراتهم.

– التكيّف الفردي الاجتماعي: لقاءات أسبوعية مع الأخصّائية الاجتماعية لمساعدة الفرد على تقبّل إعاقته والتكيّف معها.

– التنقل والحركة بواسطة العصا البيضاء التي تؤمّن التحرّك باستقلالية.

– التدريب على استعمال الكمبيوتر الذي يحتوي على برامج ناطقة تساعد الكفيف في مختلف المجالات التعليمية والثقافية.

– التدريب قبل التوظيف في المعامل والمصانع في مكان العمل، كما يمكن أن يتم ذلك في المشغل المحمي التابع للمدرسة، حيث يتدرّب الكفيف على إتقان عمله والانتظام ضمن الدوام.

كما تنظم المدرسة برنامجاً شاملاً لتأهيل تلاميذها وتدريبهم على مختلف المهن داخل المدرسة وخارجها.

هاتف: 05920601 / 05921024

جمعيّة الشبيبة للمكفوفين:

تقوم بتوفير خدمات مختصّة لأفراد لديهم حالة بصرية ومتابعتهم بالذهاب إليهم من دون الحاجة ليأتي ذوو الاعاقة البصرية إلى الجمعيّة. والخدمات هي:

– التدخل المبكر لدعم الأهل والطفل تحت عمر 4 سنوات.

– تنمية المفاهيم للأطفال المكفوفين.

– تعليم طريقة “برايل” للقراءة باللغات العربية والانكليزية والفرنسية.

– تعليم الكتابة بطريقة “برايل” باستخدام وسائل الكتابة الخاصة.

– تعليم اختصارات لغة “برايل” في القراءة والكتابة باللغتين العربية والانكليزية.

– تنمية مهارات التنقّل باستقلالية داخل الأبنية بالاعتماد على الحواس.

– تنمية الحواس واستخدامها.

– استخدام التكنولوجيا المساعِدة، وتشمل:

*استخدام الكومبيوتر المعزّز ببرنامج ناطق.

*استخدام أجهزة “برايل” الالكترونية.

* استخدام الهاتف المحمول المعزّز ببرنامج ناطق.

* تعليم الرسم الهندسي بالخط البارز.

– توفير خدمات تربوية مختصّة لدعم تعلّم تلاميذ مكفوفين أو ضعاف بصر في مدارس دامجة.

– طباعة الكتب المدرسية بطريقة “برايل” باللغات العربية والانكليزية والفرنسية.

– تصوير الكتب المدرسية بخط مكبر لتلاميذ لديهم ضعف بصر.

– تسجيل المقرّرات الجامعية بطريقة سمعية أو بتحويلها إلى نسخة إلكترونية.

– اختيار التجهيزات الالكترونية المناسبة للقراءة والكتابة والتواصل، والتدريب عليها.

– تنمية مهارات الحياة اليومية والعيش باستقلالية.

هاتف: 01738137

رابطة الجامعيّين اللبنانيين للمكفوفين:

رئيستها الحالية نويل تيان. تأسّست عام 1997 من مجموعة من المكفوفين والمبصرين، وتقدّم الخدمات التالية:

-تأمين متطوّعين لمساعدة الطلاب الجامعيين المكفوفين وتسجيل كتبهم على أسطوانات ليتمكّنوا من قراءتها ومرافقتهم الى المكتبات ليستطيعوا القيام بأبحاثهم وليقرأوا لهم، بالاضافة إلى نقل ملاحظاتهم بطريقة “برايل”.

– برنامج التطوّع لديهم مكوّن من شبكة كبيرة. 700 متطوّع منهم يسجلون الكتب وآخرون يهتمّون بإقامة دورات تدريبية على المناصرة والقيادة والتخطيط وكل الأمور التي يحتاج المكفوفون الى أن يعرفوها ليطالبوا بحقوقهم، بالاضافة إلى إقامة دورات كمبيوتر وإنترنت ومخيّمات صيفية.

– إيجاد وظائف، وقد تمكّنت تين، كونها تعمل في وزارة المالية، من توظيف ثمانية أشخاص في الوزارة على السنترال. وتحاول الرابطة تأمين الوظائف والمساعدات الغذائية أو المادية أو العينيّة والتأمين الصحّي لأشخاص يعانون أمراضاً معيّنة وحالاتهم صعبة، وتأمين نظارات للمكفوفين ومكبّر والعصا البيضاء المخصّصة للمشي.

03886166 و 03248160

مؤسسة الامام الهادي للاعاقة السمعيّة والبصريّة واضطرابات اللغة والتواصل:

تأسّست عام 1988. وتتضمّن مدرسة الاعاقة البصريّة صفوفاً من مرحلة الروضة وحتى الصف التاسع الأساسي. تعتمد منهجيّة التعليم الصادرة عن المركز التربوي للبحوث والإنماء في لبنان، ويقوم الفريق التربوي العامل بتعديلها لكي تتلاءم مع احتياجات التلاميذ المكفوفين وضعاف البصر. وتطبع الكتب المدرسية بطريقة “برايل” داخل المدرسة لجميع التلامذة. إضافةً إلى البرنامج التعليمي الأكاديمي، تقوم المدرسة بتنمية مهارات التلاميذ المكفوفين من خلال برامج التدريب على “الحركة والانتقال”، وبرامج “تنمية المهارات الحياتية والاستقلالية” وبرنامج “المهارات الحسيّة” التي تعدّ، في بعض مراحلها، أساساً لتعلّم لغة الحرف البارز “برايل”. كما تقدّم لتلاميذها مجموعة من المعينات البصريّة التي يستخدمها ضعاف البصر.

01458585

مجمع إنماء القدرات الانسانية (لجميع الفئات من ذوي الاعاقة من بينهم المكفوفون):

خدماته تربوية وأبرزها:

– تعليم نظامي يتّبع مناهج وزارة التربية والتعليم ضمن مدرسة التربية الخاصة من الروضات حتى التاسع أساسي (المدرسة في المجمع).

– اعتماد طرائق واستراتيجيات تعلّمية وتقنيات تربوية خاصة بالاعاقة البصريّة.

– توافر وسائل تربوية (الشاشات المكبّرة المساعِدة للقراءة، طباعة وسحب الكتب بالخط النافر، وسائل إيضاح ومجسّمات وخرائط نافرة، مختبر علمي للمكفوفين).

– توافر أنشطة هادفة لتنمية كل المهارات والمعارف (تنمية الحواس، المهارات الحركيّة، التدريب على الاستقلالية، التوعية والتثقيف، التربية الجنسية، التربية على الدمج، التربية الحقوقية).

– مساعدة الطفل الكفيف في مرحلة الطفولة المبكرة على اكتساب مهاراته وقدراته وتطويرها.

– تدريب الكفيف، منذ صفوفه المدرسية الأولى، على الكتابة والقراءة بالخط النافر(طريقة “برايل”).

– تدريب الكفيف على استخدام الحاسوب الناطق والحاسوب العادي لضعاف البصر لتسهيل عملية التعلّم واكتساب المعرفة وتدعيم التواصل مع الآخر.

وبالإضافة إلى الخدمات التأهيلية والأسرية والارشادية والصحية والترويحية الرياضية والبيئية ورعاية كبار السنّ والخرّيجين من المكفوفين حديثاً وبرنامج التطوّع والخدمة المجتمعية والمركز التدريبي، يقدّم خدمات مهنية للمكفوفين من سن 14 سنة غير القادرين على متابعة التعليم النظامي. كما يوفّر التعليم المهني الحرفي ضمن مشاغل مركز الدوحة المهني (المركز في المجمع) المرخّص من وزارة التربية والتعليم المهني والتقني، بحيث يقدّم شهادة اختصاص خاص أو تدريب حرفي ويضمّ المشاغل التالية: حياكة القش، حياكة النول، الخياطة، التطريز، صناعة الحلى التقليدية، أشغال يدوية وإعادة التدوير، النجارة، التزيين الرجالي والنسائي، طباعة على الحاسوب، جلديّات وصناعة الأحذية. ويؤمّن فرص عمل للخرّيجين ومتابعتهم في سوق العمل.

هاتف: 05803564 / 05803565

شارك المقال