معرض الكتاب الـ64… نهضة ثقافية “بتوقيت بيروت”

تالا الحريري

عاد معرض بيروت الدولي للكتاب السنة الماضية في دورته الـ63 تحت شعار “بيروت لا تُكسر” وذلك بعد 3 سنوات على غيابه بسبب فيروس كورونا وإنفجار مرفأ بيروت. وبعد أن سنحت الظروف الصحية قليلاً أُقيم هذا المعرض تأكيداً على عودة الحياة إلى بيروت لأهمية هذه المناسبة، ولكن حصول مشكلة بين أحد الناشطين وصاحب أحد الأجنحة في المعرض وفريقه المؤيدين لقاسم سليماني ساهم في حدوث توتر ما كان يجب أن يسود في هذا المكان والتوقيت.

لكن على الرغم من ذلك لا يزال القيمون على المعرض يسعون الى تطويره وإظهاره في أفضل صورة. ويوم السبت 3 كانون الأول الجاري سيتم إطلاق فاعليات معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته الـ64 التي ينظمها النادي الثقافي العربي بالتعاون مع نقابة إتحاد الناشرين في لبنان على مدى 9 أيام حتى 11 كانون الأول من العاشرة قبل الظهر حتى الثامنة مساء.

وكانت إدارة النادي الثقافي العربي مجتمعة هي من أقرت شعار المعرض هذه السنة “أنا أقرأ بتوقيت بيروت” تأكيداً على “أهمية دور بيروت الثقافي والعودة الى هذا الدور حتى تعود بيروت مركزاً ومقراً ثقافياً ومكاناً للقراء واللقاء والحوار والفكر وهذه الغاية من المعرض أساساً”.

السنيورة بعاصيري: المعرض من أبرز أدوات التداول الثقافي

وأعلنت رئيسة النادي الثقافي العربي السيدة سلوى السنيورة بعاصيري في مؤتمر صحافي أن “انعقاد معرض بيروت العربي الدولي للكتاب يأتي كما جرت العادة ليلبي تعطش اللبنانيين إلى حياتهم الثقافية بكل زخمها وانشغالاتها، فهو من أبرز أدوات التداول الثقافي وهو ساحة لقاء مفتوح وحيز رحب لتبادل الأفكار ومنبر للكلمة الحرة، فضلاً عن كونه مرآة لشبكة علاقات متسعة تربط مختلف الأطراف العلمية والفكرية والثقافية بكل مكوناتها لترفد فعاليات المعرض بأفكارها ورؤاها والتي من شأنها أن تشكل منارة نستضيء بها في وجهتنا نحو الآتي من الأيام”.

وتوجهت بالشكر إلى “دور النشر المشاركة التي يفوق عددها الـ١٣٣ داراً، والمروحة الواسعة من الباحثين والمفكرين والكتاب الذين سارعوا إلى تلبية الدعوة للمشاركة في فعاليات البرنامج الثقافي الذي يطرح جملة قضايا وطنية ومعضلات فكرية واجتماعية من الواجب التصدي لها ومقاربتها بما يخدم المصلحة الوطنية”.

وبالنسبة الى أسعار الكتب التي ستباع في المعرض هذه السنة، أشارت الى أن “هذا الأمر متروك لدور النشر مع التمني عليهم مراعاة أوضاع الناس وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية”، موضحة أنّ “المساحة المتاحة تبلغ 2220 متراً مربعاً بينما كانت قبل إنفجار المرفأ 10 آلاف متر مربع، وهذا ما جعلنا نسعى جاهدين الى تأمين مشاركة أكبر عدد ممكن من دور النشر وفق المساحة المتاحة”.

درباس: ثقافة العربي أن يبقى مثابراً

من بين المشاركين في المعرض الوزير السابق رشيد درباس الذي أوضح لـ”لبنان الكبير” أنّ “هذا المعرض هو تقليد قديم عمره فوق الخمسين سنة، وكان مناسبة لدور النشر في كل العالم العربي لعرض إنتاجها ومناسبة للقاءات ثقافية عربية متعددة وحتى أجنبية. ففي السابق كانت دور أجنبية تشارك في المعرض، وطبعاً الحرب خرّبت الكثير من الأمور لكن ثقافة العربي أن يبقى مثابراً ومحافظاً على هذه العادة الطيبة. في بعض الأوقات كان يحدث المعرض بأقل الامكانات لكنه عاد وانتعش”.

وأشار الى أن “هناك تراجعاً لطباعة الكتب الورقية بسبب تكاليف الورق الباهظة لكن الكتاب لا يزال المصدر الثقافي الأساس للناس، فالمعرض عندما  يعرض الكتب ويقوم بالندوات حول الكتب ويشارك الناس فيه، يكون مرة أخرى مساحة للقاء المثقفين أو محبي الثقافة ويتبادلوا الأفكار والآراء وهذا دليل صحة، فعلى الرغم مما أصاب البلد من أمراض لا تزال صحته الثقافية بخير”.

وعن معنى شعار بيروت، قال: “بيروت عندما انفجرت في ذلك التوقيت اللعين ظنّ بعضهم أنّها ماتت، لكنها اليوم تقول إنّ توقيتي لا يزال هو توقيت الطباعة والثقافة في العالم العربي”.

وتحدث درباس عن نشاطه، لافتاً الى أن “هناك كتاباً صادراً للشاعر الكبير شوقي بزيع عن زواج المبدعين، كتاب مشوق يتحدث فيه عن 32 شخصية فنية مبدعة، حصل زواج بين مبدع ومبدعة. الفكرة كلها قائمة على مبدأ قول لا أعرف مدى صحته وهو (الحب هو الشعر والزواج هو النفس). أنا نسجت على هذا الكلام  وحاولت أن أناسج على طريقتي على أن الشعر شعر والنثر نثر وفي بعض الأوقات يتفوق النثر على الشعر بجماله. كما قلت أيضاً إنّ الجموح عند بعض الفنانين قد يصل في بعض الاحيان إلى الشذوذ لكن لا يهمنا سيرة الفنان الشخصية بل ما ترك  للانسانية وللفن”.

حرب: الطائف أحد المواضيع الأساسية التي تهم الناس

وأكّد الوزير السابق بطرس حرب لـ”لبنان الكبير” أنّ “الوضع الصحي اليوم بات يسمح بالتقاء الناس، وستكون هذه المناسبة لطرح بعض الافكار، إذ اعتبروا أنّ الطائف واحد من المواضيع الأساسية التي تهم الناس وإعادة البحث فيه مهم لاعادة توضيحه والتأكيد على أهميته وتمسك اللبنانيين به كوثيقة اتفاق وطني. لذلك سأكون من المشاركين في المداخلة حول موضوع الطائف، والكتاب يتضمن خروق الطائف وشرحه من خلال مبدأ التمسك به”.

علوش: بيروت ستبقى عاصمة التنوع في الفكر الثقافي

وأشار النائب السابق مصطفى علوش لـ “لبنان الكبير” الى أنّ “المعرض لا شك في أنه أًصيب بنكسة جدية السنة الماضية وقبلها بعدم حصوله، خصوصاً أنّ بيروت كانت لتاريخ طويل عاصمة من عواصم الثقافة الأساسية في المنطقة. السنة الماضية كانت النكسة كبيرة لأنه يبدو أن منطق التخلف للذين يمثلون ولاية الفقيه كان مسيطراً عموماً على المعرض والسبب الرئيس ليس بالقدرات المادية لهذا المشروع وعدم وجود دعم حقيقي فقط”.

أضاف: “نريد أن نرى هذه السنة كيفية المشاركة ومستواها ونوعية الكتب التي ستعرض، لنكتشف ما الذي بحاجة إلى تغيير في المراحل المقبلة. كما نريد أن نؤكد أنّ بيروت ستبقى عاصمة التنوع والتعددية في الفكر الثقافي، لكن يجب أن نعترف أيضاً بأنّ نسبة قارئي الكتب خفت، وبات اللجوء إلى الوسائل البديلة للقراءة وهي الوسائل الالكترونية المسيطرة حالياً”.

وشدد على أن “نشاطات كهذه ضرورية وأساسية لكن هناك أنشطة اذا لم تحصل على المشاركة الكافية تكون مضيعة للوقت، لذلك اذا لم يكن هناك حضور كاف ومشاركة جدية بعدد الكتب التي ستباع فهذا لا جدوى منه. ففي النهاية المعرض ليس هدفه العرض وحسب، بل الترويج أيضاً، وهذا النوع من المجهود مكلف فإذا لم تيع دور النشر التي دفعت هذه السنة ما يكفي من الكتب لتعوض على الأقل مشاركتها، فالسنة المقبلة لن تشارك”.

وأوضح علوش أن مشاركته ستكون “بتعليق ومناقشة كتاب (أنسنة الأوطان)، وهو عبارة عن مجموعة من الرسائل والمقالات التي قام بها مؤسس مجموعة أديان الأب فادي ضو. الكتاب هو نتيجة الحوارات التي قام  بها على مدى السنوات الماضية والاستنتاجات التي توصل اليها وهي تتمحور حول كيفية بناء وطن متحرر من التحزب وراء الطائفية والتعصب وفيه طروحات ونداء للعودة إلى وطن قادر على تحمّل التعددية الدينية، وأن يكون كل مواطن فيه كمواطن فعلاً بغض النظر عن انتمائه الديني”.

شارك المقال