طرابلسي يعرض كليته للبيع بـ 50 ألف دولار

إسراء ديب
إسراء ديب

من الصعب على شباب طرابلس مواجهة كلّ الأزمات والطعنات التي أصابت المدينة وكسرت من عزيمة أبنائها لسنوات طويلة. طرابلس مدينة العلم والعلماء لم يعد يتحمّل شبابها مزيدًا من الضغوط الاقتصادية والسياسية التي أدت إلى تراجع قدراتهم بدلًا من تحسينها وتطويرها.

يمكن القول، ألّا سند أو معين ينتشل الشبان من مستنقع الفقر والجهل والعوز، ولا أمل في وطن لم يجد أحد فيه فيه سوى الخذلان والأنانية المفرطة التي يتعامل بها سياسيو ونواب المدينة معهم قبل السياسيين اللبنانيين بشكلٍ عام.

ووصل الحال ببعض الشبان إلى اتخاذ قرار الهجرة أو الهرب بالقوارب غير الشرعية للتخلص من الكابوس الذي يعيشون فيه، ومنهم من اتخذ قرارًا صعبًا وخطيرًا، وهو بيع إحدى الكليتين.

وتعدّدت الأسباب التي تدفع أي إنسان إلى اتخاذ هكذا قرار مصيري يُغيّر مسار حياة الكثيرين.

كلية بـ ٥٠ ألف دولار

وانتشر على صفحات التواصل الاجتماعية الطرابلسية والشمالية منشور لافت منذ ساعات، دفع الكثير من الناس إلى التساؤل عن مصير الشباب الذي بات خطيرًا وعلى كف عفريت… وهو اعتراف شاب طرابلسي بشكل علني ومباشر برغبته ببيع كليته بـ ٥٠ ألف دولار أميركيّ… ما شكل صدمة بين متداولي هذا المنشور.

وتواصل ” لبنان الكبير” مع هذا الشاب (الذي رفض البوح باسمه)، لمعرفة الأسباب التي دفعت شابًا يبلغ ٢٢ عامًا إلى اتخاذ هذا القرار.

ولا يبدو أنّه يريد التراجع عن هذا القرار، أو شعر بالندم لاتخاذه؛ فهو يُدرك تمامًا خطورة الأمر، ويعي أن هذه الأزمة سيطول الوصول إلى مرحلة انفراجها.

ويقول: “بسبب إشكال أطلقت النار فيه على شخصين دخلت السجن وبقيت فيه مدة ٣ أعوام، وبعد سنة ونصف من خروجي منه لم أجد فرصة عمل بعد محاولاتي المتكررة في التخلص من حالة العوز التي واجهتها ومن العذاب الذي لم يتركني كل هذه السنين، فقد كنت مدمًنا على المخدّرات والكحول لسنوات طويلة، ولم أكن مدركًا بشكل واعٍ قيمة والديّ اللذين ضحّيا من أجلي، ولكنني كنت في عالم آخر وهو عالم المخدرات الغامض الذي أضاع البوصلة التي كان من المفترض أن ألتزم بها”.

ويُضيف: “بعد خروجي من السجن، قررت الحد من الإدمان الذي بدأت فيه منذ أن كان عمري ١٦ عامًا بسبب أصدقاء السوء، ولكن بإرادتي تمكنت من تجاوز الصعاب من أجل أهلي، ولكني واجهت فيما بعد آفة البطالة وعجزت عن تأمين الحياة الكريمة لأبي المصاب بأمراض في القلب والعاجز عن العمل منذ سنتين وأمي المصابة بداء السكري، فضلاً عن إخوتي (٣ فتيات وأخ صغير) الذين أحلم في دفعهم إلى استكمال تعليمهم، ما أدى إلى شعوري بالعجز والاكتئاب”.

ويرى أن أباه ضحى من أجله بعد دخوله إلى السجن، إذ قام ببيع ٣ قطع أرض كان يملكها وأيضًا باع ٣ سيارات ” منها سيارة كنت أملكها وأخرى يملكها والدي وإحداها لوالدتي قبل أن ندخل في وضع صعب اقتصاديًا كان سببه أنا والطيش الذي عشت فيه”.

وأجرى هذا الشاب فحوصات في أحد المستشفيات وقال للطاقم الطبي إنه يرغب في التبرع بالكلية لا ببيعها، وأكدوا له أنّ كليته سليمة وهو قادر على العيش بكلية واحدة، وفق ما يقول لـ “لبنان الكبير”.

ويعترف أنّه على استعداد كامل لبيع كليته وهو لا يخشى من أي نتيجة كانت، بخاصة وأنه لم يصرّح لأهله أو لأي أحد من عائلته بهذه الخطوة، بل سيتحجج بأنه وجد عملًا في بيروت وهو منشغل بإنجازه طيلة الفترة المقبلة.

وعلى الرغم من نشره هذا المنشور افتراضيًا، إلا أنّه يرفض فعليًا أن يحتاج أي إنسان أو أن يذل نفسه لأحد ويقول:” اتصل بي العديد من الأشخاص لمساعدتي ماليا ولكنني لن أقبل بها فأنا لست بشحاد ولن أكون”.

يُمكن لهذا الشاب العشريني أن يتراجع بحالة واحدة فقط وهي: إيجاد فرصة عمل، وما أسهل هذا المطلب الذي يزيح عن هذا الشاب كربته، وما أصعب تحقيقه في وطن قائم على المحسوبيات والفساد السياسي والإداري.

ويختم قائلاً: “لا أكترث في حياتي إلا في مستقبل أهلي وصحتهم التي انهارت بسببي، وأعلم أن ما أقوم به ليس حلالًا بل محرّمًا، ولكن في هذا الفعل سأكون مؤذيًا لنفسي لا للآخرين، وهذا ما يهمّني حاليًا”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً