بالجرم المقصود

لينا دوغان
لينا دوغان

تعتبر الجريمة ظاهرة اجتماعية موجودة في كل المجتمعات، وهي ظاهرة طبيعية ولكن ليست سوية لأن أي مجتمع سواء كان متخلفاً أم متقدماً لا يخلو من الانحراف والاجرام، الا أنها حين تتجاوز المستويات فعلينا هنا أن نبحث عن الأسباب التي تكمن وراء تفشيها.

وهنا علينا أن نضع أعيننا على المجتمع حيث تكثر الجريمة ويُحتضن مرتكبها، حيث تغلب الفقر وأضحت البطالة أمراً واقعاً، وحيث أصبح القتل سهلاً كشربة ماء ومن أراد سلاحاً له ما طلب فهو متوافر مجاناً وللجميع، باختصار هذا ما وصل إليه الوضع في لبنان حتى وصلنا الى معدل حوالى أربع الى خمس جرائم قتل في ثلاثة أيام.

بدأنا فعلاً نرى البيئة الهشة لمجتمعنا. بدأنا جدياً نستحضر هذا الواقع المتهاوي للمجتمع لأن طبيعته وللأسف هي التي تحدد مدى تضخم الجرائم، وإذا لم نتدارك الأمر أعني كمسؤولين فإن الأمور نحو الانفلات حتماً.

اذا ما تابعنا التغريدات ذات الصلة، نلاحظ كم أن الواقع أصبح مريراً وصعباً. غرّد أحدهم قائلاً: “رابع شخص بأربعة أيام… الصدف صارت مستبعدة”.

وكتب آخر: “قضى الشاب كريم طه في جريمة قتل مروعة أثناء عودته الى منزله بعد متابعة احدى مباريات كرة القدم. كريم سرق وقتل ورميت جثته على الطريق. كريم مقيم في الخارج وجاء الى لبنان لقضاء إجازة مع عائلته”. وختم تعليقه: “وكمان ما حدا حكي عنه”.

وفي تفاصيل جريمة كريم، فإن الشاب الذي يدرس في إيطاليا كان في بيروت وبرفقة أحد أقاربه الذي عرف – وبحسب مصادر – أن بحوزة كريم مبلغاً من المال فانتظر حتى انتهاء المباراة ورجعا سوياً سيراً على الاقدام وهو من دبر جريمة قتله وسرقته. وعلمنا – ودائماً حسب المصادر – أن القاتل حضر الجنازة وبعدها اكتُشفت فعلته.

وفي جريمة المعاون أول عمر يونس ونقلاً عن أهله الذين زرتهم معزية، فقد كان في المنزل بعد أن صلى العشاء واضطر الى فحص خزانه للكشف عن المياه فوق السطح، ووجد جاره يقوم بتقطيع أسلاك ألواح الطاقة الشمسية فجرى بينهما حديث فردي وتلاسن وقام الأخير بإفراغ سلاحه في صدر وظهر عمر الذي كان أعزلاً يرتدي البيجاما. تم القبض على المجرم وأهل عمر يقولون “شهيد بإذن الله”.

أما إيلي متى إبن السبعة عشر عاماً والذي قتل بسبب السرقة أيضاً، فمشكلته الوحيدة أنه بقي في المنزل يوم كان القتلة يرصدونه للسرقة بعد أن حاولوا سرقة الكاراج فضربوه وطعنوه حتى الموت.

يتحدثون في المجالس ويتناقلون الرسائل الصوتية عن ضرورة الانتباه في الشوارع من السرقة وتفادي الدراجات النارية بداعي السرقة وأن لا يحمل أي شخص معه مبلغاً كبيراً من المال خوفاً من السرقة والقتل.

في المحصلة، إن انهيار الأوضاع الاقتصادية والمالية بدأت تودي باللبنانيين الى الهلاك، والتصاعد الكبير في معدلات الجريمة وأيضاً الانتحار ينذران بالخطر منذ ما يزيد عن أربع سنوات، وستزداد الأمور سوءاً اذا ما سقط اللبنانيون أكثر بعد تحت خط الفقر، واذا فقدوا القدرة على تأمين احتياجاتهم الأساسية، واذا استمر انهيار العملة، واذا استمرينا في التعطيل وبالتالي الفراغ… فنحن دخلنا الفوضى وآخذون بالفوضى، والفوضى اذا ما استمرت فستأكل الأخضر واليابس.

شارك المقال