رحيل الاعلامي مفيد فوزي… المحاور والناقد الشجاع 

زياد سامي عيتاني

هزم المرض الاعلامي المصري الشهير مفيد فوزي الذي توفي أمس عن عمر يناهز 89 عاماً، أمضى 70 منها في الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة، بحيث كان يعتبر أبرز المحاورين والنقاد المصريين، وصاحب أسلوب إعلامي خاص به، منحه هوية متميزة، من خلال جمعه بين الجرأة والتهذيب والرقي والمعرفة في آن معاً، ما جعله موضع إحترام وتقدير كبيرين من متابعيه، وفي مقدمهم من كان ينتقدهم بأسلوبه الراقي والموضوعي، البعيد كل البعد عن التجريح والاستهداف الشخصي.

وكان الراحل ميالاً الى المشاكسة، من دون الخروج عن تهذيبه المعهود وعن الأصول المهنية الحريص على التمسك بها، في إطلاق مواقفه النقدية في المجالات كافة من سياسية وفنية وإجتماعية، خصوصاً وأنه كان يمتلك ثقافة معرفية واسعة وغنية في مختلف مواضيعها.

أراد دائماً أن يكون مميزاً، لم يقف في صفوف المصفقين لأحد، ولم يعارض أو ينتقد أحداً إلى حد المخاصمة، فكان يقول رأيه النقدي بسلاسة وذوق ولطف. وقد وصف نفسه في إحدى المقابلات التلفزيونية معه قائلاً: “أعتقد والعياذ بالله أنني الوحيد بين النقاد الذي يتجرأ على قول آرائه والحفاظ في الوقت نفسه على علاقة إحترام مع من أنتقد، أنا لا أشتم ولا أُعاير، أنا أُعطي رأيي الفني هذا واجبي وعملي مع مبدأ الصدق”.

كذلك إشتهر فوزي بأسلوبه الحواري، خصوصاً وأنه كان يطلق عليه “المحاور الشجاع”، إذ كان يحرص قبل كل حوار على تجميع أوسع المعلومات عن ضيفه، قبل إعداد أسئلة المقابلة، كي يكون محاطاً وملماً بكل تفاصيل شخصيته، على الرغم من كفاءته وتمكنه المهنيين. فخلال مشواره المهني، حاور العديد من المشاهير في مجالات السياسة والفن والأدب، وكان أول حوار تلفزيوني يجريه أمام الشاشة مع أديب “نوبل” نجيب محفوظ، ثم قدم عدداً من الحوارات الناجحة مع أهم الشخصيات السياسية والأدبية والفنية على مستوى العالم العربي خلال مسيرته المهنية.

تتلمذ على يد رائد الاستنارة أحمد بهاء الدين في بداية مشواره الصحافي في مجلة “صباح الخير”، وعمل في عدد من المؤسسات الصحافية منها مجلة “الاذاعة” و”أخبار اليوم” و”روز اليوسف” و”صباح الخير” و”المصري اليوم” و”العالم اليوم”.

كما ساهم في إعداد الكثير من البرامج الإذاعية أهمها “فوازير رمضان” مع آمال فهمي لمدة 10 سنوات، و”أوافق امتنع” تقديم سناء منصور، و”فنجان شاي” تقديم سامية صادق.

وقدم حلقات إذاعية في إذاعة “الشرق الأوسط” منها: “ضيف في ليلة صيف”، و”خواطر على الهوا” في برنامج “ألوان” مع مديحة نجيب، و”أين هم الآن” و”نجوم الشر”.

كذلك ساهم في إعداد العديد من البرامج التلفزيونية أهمها: “نص ساعة من وقتك” مع سميرة الكيلاني، و”نجمك المفضل” مع ليلى رستم، و”عزيزي المشاهد” مع أماني ناشد، و”تحت الشمس” مع سلوى حجازي، و”الغرفة المضيئة” مع لبنى عبد العزيز و”النادي الدولي” مع سمير صبري.

بعد مسيرة طويلة أمضاها في عالم الاعداد صدر قرار بظهوره على شاشة التلفزيون المصري عام 1982 لتقديم برامجه بنفسه. ومن أهم البرامج التي قدمها على الشاشة: “عصر من الفن” عن أم كلثوم، “صديقي الموعود بالعذاب” عن عبد الحليم حافظ، “المدفع قبل الخبز أحياناً” مع المشير عبد الحليم أبو غزالة، “الموسيقار وأنا” وحوار مطول مع محمد عبد الوهاب.

كما قدم لقاءات تلفزيونية منفصلة من إخراج جميل جميل المغازي مع العديد من رواد الأدب والفن والسياسة، مثل: إحسان عبد القدوس، يوسف إدريس، يحيى حقي، السيدة مفيدة عبد الرحمن (أول محامية في مصر)، مصطفى أمين، نجيب محفوظ، أحمد زويل وفاروق الباز.

واقترن إسم المحاور مفيد فوزي ببرنامج “حديث المدينة” الذي بدأه في آذار/ مارس عام 1998 بترشيح من صفوت الشريف وزير الاعلام آنذاك، لمواكبة فكرة برنامج ناجح في لندن بعنوان”Talk of the town” . ويعد برنامج “حديث المدينة” من أوائل البرامج التي خرجت فيها كاميرات التلفزيون إلى الشارع المصري.

الراحل مفيد فوزي كانت لديه قدرة على أن يصنع مؤسسات إعلامية كبيرة قادرة على المنافسة بمعايير السوق، ووفق متطلبات المشاهد العربي، لأنه يدرك جيداً كيف تتم صناعة النجوم الاذاعيين والاعلاميين، وكيف يتم توظيفهم بالطريقة التي تخدم الجميع، لذلك كان مع كل محطة جديدة يظهر من خلالها يزداد بريقاً، ومع كل برنامج يقدمه يزداد ثقة من الجمهور.

شارك المقال