أماكن العمل… مكافحة التحرش أساس لبيئة آمنة

ليال نصر
ليال نصر

يعتبر التحرش الجنسي في مكان العمل، أي تلميح أو سلوك جنسي غير مرحب به، سواء كان لفظياً أو جسدياً. وقد بدأ موضوع فضح ظاهرة التحرش بالنساء في أماكن العمل، منذ بداية وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن لا إعلان رسمياً عن هذه الظاهرة لأنها مترافقة مع النساء منذ الأزل ومستمرة على مدى تاريخي بعيد.

وتقول الصحافية النسوية والمحررة في منصة “شريكة ولكن” زهراء ديراني لموقع “لبنان الكبير”: “إن الفضح والحركات التي تتحدث عن التحرش في أماكن العمل بدأت تظهر على السطح عام 2006، أي عندما بدأت حركة (مي تو) في الولايات المتحدة الأميركية. وعادت عام 2017 عندما أحيتها الممثلة الأميركية إليسا ميلانو وشجعت فيها المتابعين على تويتر ليفضحوا الناس المتحرشة والعنف الذي يتعرضن له كنساء تحت اطار الهاشتاغ #ميتو، وقد انتشر في جميع أنحاء العالم والعالم العربي بحيث كانوا يستخدمون هاشتاغ #أنا_أيضاً”.

من هو الشخص المتحرش؟

ليس هناك أشخاص بصفات معينة يعرف عنهم أنهم متحرشون. لكن، تضيف ديراني: “إن غالبية المتحرشين هي من الذكور، وليس هناك أسباب للقيام بذلك غير أن السلطة الذكورية والأبوية في المجتمع الذي نعيشه تعطيهم حق انتهاك أجساد النساء، إضافة إلى التربية والتقاليد والمنظومة الذكورية التي تتيح للمتحرش القيام بهذا الفعل وتسليع النساء لما لديهم من كبت جنسي”. وتلفت ديراني إلى أن “هناك أشخاصاً لا يقومون بعلاقات جنسية لأن هذا ممنوع برأيهم وبالتالي هم لا يقومون بالتحرش لأن هناك ضوابط مفروضة عليهم. وفيما يرى بعض الرجال أن لا شيء يعيبهم، تعتقد بعض النساء أنهن ولدن كي يسخّرن لأجل رغبات الرجال الجنسية والجسدية”.

أشكال التحرش في أماكن العمل:

التحرش اللفظي/ الكتابي…

– طرح أسئلة شخصية وحميمة، مثل هل أنت مرتبطة؟ هل كنت على علاقة سابقة مع أحدهم؟ ما رأيك في العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة؟ وغيرها من الأحاديث التي ليست لها علاقة بالعمل أو بحدود الزمالة.

– رسائل البريد الالكتروني ورسائل فريق العمل التي تحمل نكات وإيحاءات جنسية، صوراً مسيئة وألفاظاً غير لائقة.

– طلب المواعدة أكثر من مرة عن طريق الأحاديث أو الرسائل أو المكالمات الهاتفية.

– إلقاء تعليقات الاعجاب بجسد احداهن.

قانون تجريم التحرش وأسباب سكوت النساء

في السابق لم تكن هناك قوانين تجرّم التحرش الجنسي ضد النساء في أماكن العمل ولكن في العام 2020 ومع إقرار قانون تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه، أصبح هناك قانون يستطيع أن يحاسب الفاعل في حال وجود إثباتات. على الرغم من ذلك، تسكت النساء ولا تبحن بالقصص التي تتعرضن لها بسبب الخوف من الوصمة ومن ردود الفعل والقتل والتهديد الذي يمارسه المتحرش. وهذا الشيء مشترك بين النساء اللواتي تعرضن للتحرش لأن كثيرات دخلن في هذه التجربة وتعرضن للتهديد وخصوصاً عندما يكون التحرش من ذوي القربى، فتهدد السيدة كي لا تتكلم وإلا تقتل.

يتضح مما سبق، أن أسباب السكوت هي أسباب اجتماعية كالخوف وعدم الوعي وعدم وجود آليات تبليغ واضحة أو دعم معنوي ونفسي ومادي للنساء، ما يجعلهن صامتات أمام هذا التحرش. وتشير ديراني إلى أهمية “أننا كنساء لا نعيش في مكان يدعمنا أو يراعي خصوصيتنا ووجودنا في مجتمع ذكوري، وبالتالي هذا كله يؤدي إلى سكوت النساء إن كنّ امرأة أو فتاة أو أي شخص تعرض للتحرش”.

ما الحل؟

المطلوب من الرجال قبل النساء أن يعوا أدوارهم وأنهم في موقع قوة وسلطة وبالتالي عليهم أن يروا ما المطلوب منهم كأشخاص تحصل منهم أكبر نسبة من التحرش. كما أن ذلك مطلوب من القوى والناس في زمام السلطة.

أما النساء فهن مدعوات الى القيام بالإطلاع على حقوقهن كي يعرفن ويدركن ماذا يعني العنف والتحرش، وأن يشاركن في التعرف على أجسادهن وحقوقهن وواجباتهن لأن كثيرات من النساء تعتقدن أن ليست لديهن حقوق خاصة في المجتمعات المهمشة والبعيدة والتي ليست فيها خدمات مؤمنة من أي نوع كانت.

أما دور الجمعيات النسوية والناشطات النسويات في هذا الاطار، فهو أن يكنّ السند والدعم اللذين ليسا موجودين عند النساء، وأن يصدقن الناجيات اللواتي يفضحن، فيساعدنهن على الفضح ويفضحن معهن من خلال حملات إعلامية وحملات مناصرة.

وعلى صعيد الجمعيات النسوية، ترى ديراني أن ما تقوم به النساء والناشطات النسويات، “هو فعلاً مساهمة كبيرة ودور كبير كي يقر قانون التحرش الجنسي في لبنان، ولكن المطلوب اليوم بذل مجهود أكبر في سبيل تطوير قانون التحرش الجنسي ليطال كل النساء وليس اللبنانيات وحسب، بل يجب أن يشمل هذا القانون كل فئات المجتمع من مهاجرات الى عاملات داخل المصانع وعاملات سوريات ونازحات وغيرهن من الفئات غير المنظورة”.

شارك المقال