الفرح بالعيد بعيد… و”ع قد بساطك مد إجريك”

جنى غلاييني

الدولار تخطى عتبة الـ41 ألف ليرة ولا يزال مستمراً في التحليق بعيداً كل البعد عن فرحة اللبنانيين غير القادرين حتّى على شراء أقل ما يلزم للأعياد التي باتت على الأبواب، فلا شجرة ميلاد ستزيّن، ولا هدايا ستُجلَب، ولا حتى ولائم ستُعد، إنّما قد يكتفي اللبناني بالحلّة القديمة ليتمكن من إدخال البهجة الى قلوب أفراد عائلته، أمّا من ليست لديه شجرة عيد فـ “راحت عليه” ولن يتمكن من إيجاد شجرة في الأسواق يقل ثمنها عن 80 دولاراً، لذا في ظل هذه الأوضاع المتردية، هناك صعوبة في الاستمتاع بالميلاد وممارسة طقوسه.

من الواضح أن أماكن عدة تستخدم حلة الميلاد من العام الذي سبق بدلاً من شراء أخرى جديدة، ويحاول معظم المتاجر ومراكز التسوق والبلديات خفض التكاليف الاضافية، بحيث يتزين العديد من الشوارع في بيروت بالديكورات نفسها من العام الماضي.

قالت فانيسا يمّين، وهي أم لأربعة أولاد لـ “لبنان الكبير”: “يقبل عيد الميلاد قاسياً على جميع اللبنانيين هذا العام، وأنا وزوجي نجد صعوبة كبيرة في تحمل تكلفة شجرة العيد ولوازمها هذا عدا عن الهدايا التي يجب أن أشتريها لأطفالي، فقد أتقبّل فكرة عدم وجود شجرة ميلاد في بيتي ولكن ماذا سأقول للأطفال؟ لا يمكن أيضاً أن نحرمهم فرحة العيد، لذا أحاول كل جهدي أن أشتري أصغر شجرة مع القليل من الطابات والأشرطةال ملونة بدلاً من الشريط الضوئي”.

وأوضح رودريغ حنا، وهو أب لطفلين، “أنا أعمل منذ 4 سنوات في الخارج، وحينما جئت الى لبنان منذ سنتين لم تكن الأسعار مرتفعة جداً، وعلى الرغم من أنني أتقاضى راتبي بالدولار قالت لي زوجتي بأن الأفضل أن أشتري بالمال الذي أريد إرساله لها لشراء زينة الميلاد والهدايا لأطفالي، تذكرة سفري الى لبنان لقضاء فترة الأعياد معهم، وحين سألتها عن سبب ذلك، قالت إن الأسعار لا تُصدّق ويستحسن أن نكتفي بالزينة الموجودة لدينا وأنا أشتري لأطفالي الهدايا من البلد الذي أعمل فيه، ولكن مع الأسف لا يمكنني أن أحتفل مع عائلتي وأحزن كثيراً لأنّهم غير قادرين على أن يعيشوا فرحة كاملة في ظل الغلاء والوضع غير المستتب الذي يمر به لبنان”.

أمّا مارون كيوان، وهو موظف وأب لأربعة أطفال فيصف وضعه بـ”التعيس”، قائلاً: “كيف سيشعر أطفالي من دون ممارسة طقوس عيد الميلاد؟ إنّ أزمة الدولار تقتل كل شيء في لبنان حرفياً، فهل أكون صريحاً مع أطفالي بأنّني غير قادر على تأمين ما يلزم لاسعادهم، وأكتفي بأن أجوّل بهم في الأسواق وسط أجواء العيد ليشاهدوا الزينة والنشاطات المتنوعة؟ فعلاً نحن نمر في فترة لا نُحسد عليها أبداً، وأرى الشوارع التجارية والمحال والأرصفة مزدحمة بالناس ولكن أيديهم فارغة. حتّى إعداد مائدة عشاء في الميلاد أصبح أمراً في غاية الصعوبة، فالمال الذي في حوزتنا أصبح يكفي لإعداد وجبة واحدة، ولن ألجأ هذه السنة الى شراء حبش العيد ولا حتى الـ(بوش دي نويل)”.

والحال نفسه لدى سيلين قاصوف، وعمرها 25 عاماً التي عبّرت عن حزنها الشديد لعدم قدرتها على تحضير مائدة العشاء الفاخرة التي اعتادت أن تعدّها كل عام، وتؤكد أن “هذه السنة أصعب من التي سبقتها، اذ كنت معتادة على أن أملأ مائدة الميلاد بما لذ وطاب من المأكولات مع حبشة العيد، ولكن مع ارتفاع الدولار وغلاء الأسعار لم تتغير قيمة راتبي كثيراً، فأصبح الوضع صعباً، لذا سأعتذر هذه السنة من عائلتي عن عدم تمكني من إسعادها ولكن لن أنسى أن أشتري هدية لأخي، وكنت سابقاً أشتري الهدايا لكل الأطفال الذين أعرفهم من أبناء إخوتي وأصدقائي، أمّا هذا العام وبعد زيارتي لمتاجر الألعاب وإلقاء نظرة على الأسعار فمن سابع المستحيلات أن أشتري للجميع”.

ويشير ناجي وهو صاحب محل لبيع الهدايا، الى أن “المحل لا يهدأ من زحمة الناس، ولكن بالقاء نظرة على صندوق المال فليس هناك أكثر من مليون ليرة لبنانية! الوضع مزرٍ فعلاً، فالكثير من الأطفال يخرجون باكيون بسبب عدم تمكّن أهلهم من شراء ما يطلبون، اذ ارتفعت أسعار الألعاب ارتفاعاً هائلاً، بسبب زيادة التكاليف، ومنذ حوالي الشهرين لم أشتر بضاعة جديدة نظراً الى الانخفاض الكبير في المبيعات، فلا يمكنني تحمل دفع ثمن الجديد عندما لا يكون هناك زبائن على استعداد لشراء الموجودة حالياً في المتجر”.

شارك المقال