الكوليرا يغزو الليطاني… “الزراعة” تطمئن و”الصحة” تتابع

آية المصري
آية المصري

مأساة نهر الليطاني تكاد لا تنتهي بحيث تتجدد الأزمات بصورة مستمرة نتيجة التلوث وفيضان مياه الصرف الصحي في أرجائه. وبعد موجة الكوليرا التي تفشت في غالبية المناطق اللبنانية قامت مصلحة الليطاني برصد نقاط تفشيه في الحوض الأعلى للنهر. وأخذت الفرق الفنية التابعة للمصلحة عشر عينات من نقاط مختلفة على طول النهر وروافده في الحوض الأعلى، وأشارت النتائج الى أن هناك تلوثاً لأربع نقاط من أصل 10 بالكوليرا. وهذا ما يؤزم الأوضاع أكثر فأكثر ويزيد المشكلات خصوصاً أن النهر ممتد على طول الأراضي الزراعية ما يجعل مياه الريّ والشفة تختلط بمياه النهر الممتلئة بمياه الصرف الصحي، ما يجعل الخطر يدق أبواب جميع السكان والمزارعين.

من هنا، تطرح التساؤلات، هل تمتد الكوليرا الى النقاط المتبقية من النهر؟ وما حال الأراضي الزراعية القريبة والممتدة على طوله؟ وماذا عن الاجراءات المطلوبة اليوم؟

الفحوص المخبرية سلبية

مصادر تابعة لوزارة الزراعة أكدت في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “الوزارة تأخذ عينات من كل الأراضي القريبة من نهر الليطاني من جهة، ومن المناطق من جهة أخرى ونتائج الفحوص المخبرية سلبية حتى هذه اللحظة، وبالتالي مياه الريّ لا تحمل الكوليرا وغير ملوثة الى يومنا هذا”.

علوية: المعالجات غير جدية

لا يرى المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية أن “المعالجات التي تؤخذ في الاعتبار حالياً جدية بسبب الظروف التي يمر بها البلد من جهة، وبسبب تعدد الصلاحيات من جهة اخرى”، معتبراً أنه “يجب اتخاذ تدابير تخفيفية لتحمي السكان من صلاحيات وزارة الصحة والبيئة والطاقة، ويتوجب عليهم تحديد السُبل اللازمة لاحتواء تفشي الكوليرا في مجرى النهر، ومن ناحية أخرى من أجل حماية السكان من اختلاط مياه الصرف الصحي مع مياه الشفة وأيضاً لمنع ري المزروعات بالمياه الملوثة لحماية الأمن الغذائي وسلامته”.

وأوضح أنه عندما تسلم المؤسسة في العام 2018 “بدأنا بعملية مسح لكل مصادر التلوث من الصرف الصحي، الصرف الصناعي والتلوث الناتج عن أنشطة زراعية، اضافة الى الاستخدام الجائر للأسمدة والمبيدات والنيترات فضلاً عن مكبات النفايات الصلبة، ناهيك عن تجمع النازحين السوريين على ضفاف مجرى النهر. كما بدأنا بمسح الظواهر غير الصحية التي تؤدي الى انتشار الأمراض من إلتهاب الكبد الوبائي الى الأمراض السرطانية وتحولت منطقتا برالياس وحوش الرافقة والبقاع الأوسط الى بؤر كبيرة للأمراض السرطانية”.

وعزا علوية هذا الوضع الى الكثير من الأسباب “في طليعتها غياب الحوكمة بسبب فوضى ملف الصرف الصحي وعدم وجود مخطط توجيهي للمياه، اضافة الى تشعب الصلاحيات ما بين مؤسسة مياه البقاع ومجلس الانماء والاعمار ووزارة الطاقة والمياه والبلديات. وفي ما يتعلق بالصرف الصحي الكل غير مسؤول وبالتالي أدى ذلك الى إحداث فوضى في الصرف الصحي وتدفق 50 مليون متر مكعب من المجارير. والمشكلة الأخرى تتعلق بإعاقة تطبيق القوانين التي أقرها مجلس النواب من القانون 63 الذي رصد مشاريع واعتمادات للصرف الصحي وأيضاً قانون المياه”.

وأشار الى أن “الأسباب الأخرى تتعلق بالفوضى في التراخيص الصناعية وأدت الى إعطاء وزارات الصناعة والبيئة على مدى السنوات العشرين الماضية تراخيص لمؤسسات صناعية غير مستوفية الشروط، وأيضاً فوضى مكبات النفايات الصلبة وفوضى النازحين السوريين وبالتالي السؤال اليوم ما هي المعالجات؟”.

أضاف علوية: “اذا أردنا التحدث عن المعالجات، فملف الصرف الصحي من اختصاص وزارة الطاقة مع مؤسسات المياه، وملف النفايات الصلبة من اختصاص وزارة البيئة مع البلديات، وملف التلوث الصناعي من اختصاص وزارة الصناعة الى جانب وزارة البيئة. أما نحن فدورنا الحوكمة والتنسيق بين هذه الجهات وبالتالي الحل المستدام أن يكون هناك مخطط توجيهي دائم للصرف الصحي وتطبيق القانونين 63 و64 وهذا الأخير متمثل بالقرض من البنك الدولي الذي يقوم باقامة شبكات صرف صحي في زحلة والبقاع الأوسط لوصلها بمحطات تكرير ينفذها مجلس الانماء والاعمار لكن مع الأسف هذا كله لم يطبق حتى هذه اللحظة”.

عبدالله: تلوث هائل

أما رئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبد الله فلفت الى أن “هناك تلوثاً هائلاً في مياه الصرف الصحي، وهذا ليس بجديد لكن هذه المياه تستعمل لري المزروعات. والجديد أنه بعد الفحوص في الحوض الأعلى تبيّن وجود الكوليرا وهذا الأسوأ نظراً الى ما يشكل من خطر دائم على الناس خصوصاً وأن هذه المياه تروى منها الخضروات الطازجة الورقية وستبقى حاملة للكوليرا ولو غسلت مراراً وتكراراً”.

وأكد عبد الله أن “وزارة الصحة تتابع الموضوع، وفي حال كان الكوليرا ناتجاً من مخيمات النازحيين يجب على المنظمات الدولية مراقبة مياه الصرف الصحي من جديد وتحديداً في المخيمات العشوائية التي تصب كلها في نهر الليطاني”.

أزمات نهر الليطاني المتشعبة لا تنتهي، وفي كل مرة تكون الأزمة أكبر من سابقاتها، فالدولة عاجزة عن القيام بواجباتها والمواطن يدفع فاتورة الإهمال والفساد، فهل سيكون مصير البقاعي الموت نتيجة تلوث مياهه بالكوليرا؟.

شارك المقال