فيض الكتابة المتجدّدة

د. نسب مرعب
د. نسب مرعب

تنبع الكتابة من عين اللغة الرقراقة، وتجري في سواقي الدهر الخفّاقة. تسيل من فؤاد مرهف، وذهن متّقد، وأنامل لامعة، وتصير إلى عمق المعنى السحيق والبهيّ.

كم تشبه الكتابة المياه في غايتها وبهجتها. لا تستنسخ المياه نفسها أبداً، بل تتخلّص تلقائياً من القديم الجاثم، وتحمل بشوقٍ الجديد الداهم إلى عطش أبديّ ترويه، فترطّب عجرفة الجفاف، وتزيّن بسحرها خجل الضفاف، وتهرع إلى مصبّها وإن طال في رحلتها العبور والالتفاف.

لا تتوانى الكتابة عن إعادة تشكيل نفسها، وتجديد أناقتها كل برهة. هي جريئة مع من يتطرّف باللجوء إليها، وهي بسيطة مع من يحتمي بها ويهادنها. تتعطّر الكتابة بالفضول لغزو العقول وتجاوز المأمول، فتصيب الجاهل بالذهول، والسلاح بالنحول، والسفيه بالأفول.

تتجدّد الكتابة في غريزة الشعراء ونشوة الكتّاب، وبالكاد تحافظ على حروفها أمام أديب يبعثر أي شيء في سبيل نهل الجمال من درره وإطلاق الإبداع من قمقمه.

شارك المقال