أوضاع الأسر في لبنان نحو الأسوأ… والأفضلية بالمساعدات للسوريين

تالا الحريري

الوضع الاقتصادي الذي يعيشه لبنان منذ العام 2019 لا يزال يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، فالليرة باتت في أسوأ مراحلها وانهارت انهياراً فادحاً بحيث من المتوقع أن تتخطى الـ50 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، ووضع المواطن يتراجع أكثر فأكثر ولا راتب يكفي لتوفير أبسط الاحتياجات حتى بات أكثر من نصف الشعب اللبناني تحت خط الفقر.

اليوم لا تُحصر المشكلة في عدم توافر راتب جيد فقط، بل في الراتب الذي لا يكفي لشراء شيء مقارنة بأسعار المواد والمستلزمات، وبحسب ممثل مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان أياكي إيتو أنه “على الرغم من ارتفاع أسعار المواد والخدمات الأساسية بنسبة تزيد عن 700% منذ حزيران 2020، لا تزال العائلات في لبنان تكسب أقل بينما تضطر إلى دفع المزيد من المال مقابل السلع الأساسية”.

وعليه، فإنّ أوضاع الأسر الأكثر احتياجاً في لبنان تدهورت وسط أزمة اقتصادية حادة وفقاً للأمم المتحدة، إلى جانب وضع اللاجئين الذي يسوء على الرغم من المساعدات المقدمة لهم، إذ أظهرت النتائج الأولية لتقويم جوانب الضعف لدى اللاجئين السوريين في لبنان للعام 2022، أن 90% منهم يحتاجون إلى المساعدة الانسانية للتمكن من البقاء على قيد الحياة. فيما تُواصل المفوضية والمنظمات الشريكة دعم اللاجئين الأكثر ضعفاً من خلال تزويدهم بالمساعدات الانسانية، كما تدعم أيضاً المؤسسات العامة، بما في ذلك المستشفيات والبلديات.

ودعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أمس، إلى مواصلة تقديم الدعم والحماية إلى الأُسر الأكثر احتياجاً في لبنان، في ظل أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها لبنان منذ عقود، ما تسبب بتدهور الظروف المعيشية في البلاد بصورة كبيرة.

وقال إيتو: “إن هذه المساعدة بعيدة كل البعد عن أن تكون كافية. فثمة حاجة ماسة إلى زيادة المساعدة المقدمة إلى اللاجئين والأسر اللبنانية الأكثر احتياجاً، بما في ذلك دعم المؤسسات اللبنانية، لكي توفّر خدمات أساسية بصورة مستدامة”.

وأشار ممثل “اليونيسف” في لبنان إدوارد بيجبيدر إلى أن “الأطفال والمراهقين هم الأكثر تضرراً جراء هذه الأزمة مع تفاقم عدم المساواة والتمييز خصوصاً بين الفئات الأكثر ضعفاً. فالأطفال ينمون بدون طعام كاف ومن دون الحصول على الرعاية الصحية والتعليم المناسب. لا بد من تضافر الجهود لاتخاذ الاجراءات اللازمة لحمايتهم وضمان قدرتهم على تحقيق أقصى إمكاناتهم.”

وستواصل الأمم المتحدة العمل مع الحكومة والجهات الشريكة لتقديم الدعم الحيوي والضروري إلى جميع المجتمعات والفئات السكانية التي تحتاج إلى المساعدة في لبنان.

نشابة: نسب الفقر تتخطى الـ 70% في لبنان

في هذا الاطار، أوضح المحلل السياسي والاقتصادي شادي نشابة لـ “لبنان الكبير” أنّ “لدينا UNHCR التي تهتم باللاجئين السوريين والأونروا التي تهتم باللاجئين الفلسطينيين، وتلك الأخيرة مقصرة تجاه الفلسطينيين نتيجة تخفيف ميزانيتها من الدول المساهمة معها ومنها الولايات المتحدة الأميركية. وإذا قمنا بالمقارنة بين المساعدات المقدمة الى اللاجئين السوريين والفلسطينيين نرى أنّ الأمم المتحدة تقوم بتقديمات أكثر الى السوريين وبالتالي يمكننا القول إنّها تقدم لهم أكثر من الآخرين (الفلسطينيين والعراقيين)، لكن لا يمكن إعتبار هذا تجاهلاً للفئات الأخرى بل يمكن وضعه في خانة الأفضلية للسوريين”.

وبخصوص تقديم الأمم المتحدة المساعدات الى اللبنانيين في ظل الأزمة، قال نشابة: “البنك الدولي جزء من مساعدات الأمم المتحدة التي تقدم الى اللبنانيين المساعدات ولكن يمكنها أن تقدم بصورة أوسع وأكبر. أمّا بخصوص التقديمات للسوريين، فقبل الأزمة في لبنان كان السوريون يجنون مداخيلهم على 1500 إلى جانب مساعدات الأمم المتحدة ما كان يسمح لهم بالادخار ومساعدة ذويهم في سوريا. لكن بعد الانهيار خفت القدرة الشرائية واختلف الموضوع لأن الغلاء بات أكثر. لكن الجدير بالذكر أنّ مساعدات الأمم المتحدة ليست بتلك الأرقام الكبيرة، ولكل فرد هناك مبلغ محدد فمثلاً العائلة كلّها تتقاضى 130 – 200 دولار وهذا لا يعتبر مبلغاً كبيراً نسبة إلى الغلاء ورفع الدعم”.

وعما إذا كان هناك تفاوت بين ما يتقاضاه الفرد وأسعار السلع، أشار نشابة إلى أنّ “الفرق شاسع، لكن في لبنان لدينا هوامش واسعة، فموظفو القطاع الخاص منهم من يتقاضى الفريش دولار ومنهم على دولار 12 ألفاً وغيره، وموظفو القطاع العام ضربت رواتبهم بمرتين ونصف المرة لذلك تختلف المقاييس حسب كل فرد لأنّنا في لبنان لا نزال لا نملك مقياساً موحداً في المداخيل لكن عموماً هناك فرق شاسع بين أسعار المنتجات مقابل الدخل”.

واعتبر أنّ الجميع تأثروا بالأزمة الاقتصادية “حتى من يتقاضى بالفريش دولار لأنّنا نشهد هيركات بصورة غير مباشرة من خلال الأسعار في السوق، يعني اذا كان الدولار 30 ألف ليرة يسعرون على الـ35 ألفاً”.

وبشأن الأمن الغذائي، أكد نشابة “أننا في مرحلة شديدة الخطورة لناحية الأمن الغذائي لأن نسب الفقر على صعيد لبنان قبل الأزمة كانت 30% والآن تتخطى الـ70% وبالتالي الأمن الغذائي في مرحلة صعبة جداً في لبنان والانقاذ يكون بحل اقتصادي شامل. المساعدات الانسانية التي تأتي الآن تسد ثغرة معينة ولكن لا تسد الأمن الغذائي في لبنان، ولولا وجود المغتربين خارج البلاد وارسال العملات الصعبة لكنّا في أزمة أكبر ومشكلة أصعب”.

قاسم: وضع اللبناني بات أدنى من اللاجئ

أما المختص في الاقتصاد المصرفي أحمد قاسم فوصف في حديث لـ”لبنان الكبير” الوضع في لبنان بأنه “صعب جداً، إذا تحدثنا عن موظف الدولة العسكري مثلاً كان يتقاضى سابقاً ألف دولار واليوم بات يتقاضى 50 دولاراً”، موضحاً أن “الأمم المتحدة تقدم اليوم المساعدات للسوري والأونروا للفلسطيني أو الفلسطيني السوري الذي يتقاضى 25 دولاراً عن كل ولد وإيجار منزل 50 دولاراً عدا عن المساعدات الغذائية أي أنّه يمتلك مدخولاً ثابت”.

أضاف: “بات وضع اللبنانيين اليوم أدنى من وضع اللاجئين وهذا انتهاك لسيادة البلد. هناك فعلاً الكثير من السوريين بحاجة الى مزيد من المساعدة ولكن في الأساس تقدم لهم خصومات ومساعدات. أمّا بالنسبة الى اللبنانيين فكلهم بحاجة الى مساعدة لأن الوضع متدنٍ. ولكن إذا كانت الأمم المتحدة ستساعدنا فهذا مرتبط بالسياسة”.

وأكّد قاسم أنّ “هناك تفاوتاً بالطبع بين ما يتقاضاه اللبناني وأسعار المواد. اذ كان يتقاضى ألف دولار وكيلو اللحمة 10 دولارات، اليوم كيلو اللحمة لا يزال 10 دولارات ولكن اللبناني بات يتقاضى 50 دولاراً”، معتبراً أن “الفئة الأكثر تضرراً هي الموظفون خصوصاً موظفو الدولة، والأساتذة متأثرين بالقطاعين العام والخاص. أصحاب المهن الحرة وأصحاب الحرف اختلف وضعهم لأنّهم تماشوا مع السوق والدولار”.

وعن الأمن الغذائي، قال: “ليس لدينا أمن غذائي. الأمن الغذائي يعني أن تكون لدينا مادة أساسية نستطيع الزراعة منها وأن يكون لدينا إكتفاء ذاتي”.

شارك المقال