مائدة الميلاد مكلفة ومختصرة… و”الحبشة” تحلّق

جنى غلاييني

أرخت الأزمة المعيشية والاقتصادية وغلاء الأسعار الجنوني، بظلالهما على حياة اللبنانيين وطريقة عيشهم، فتغيّرت كل العادات والتقاليد حتى في الأعياد، وانقلبت أساليب الحياة ونوعيتها رأساً على عقب.

أيام قليلة تفصلنا عن ليلة الميلاد المجيد، لكنه يأتي حزيناً هذه المرة لدى غالبية اللبنانيين التي لم تعد قادرة على شراء لوازم الاحتفال والمواد المطلوبة لتحضير مائدة الميلاد والحلويات الخاصّة بها ولم شمل العائلة حولها.

تصف سناء معلوف، وهي ربة منزل وأم لثلاثة أطفال، التحضير لليلة الميلاد، والذي تقوم به كل سنة كعادتها، لأن عائلتها وأقاربها يجتمعون لقضاء السهرة في بيتها، لكن هذه السنة اختلف الوضع، فعلى حد تعبيرها الأسعار مخيفة جّداً وبالكاد تستطيع تحضير ما يلزم. وتقول لـ”لبنان الكبير”: “قمت بجولة في أحد السوبرماركت الذي يحتوي على كل ما أريده، وفي جيبي 4 ملايين ليرة، توجّهت مباشرةً الى البرادات لأشتري الحبشة ففوجئت بالسعر الذي يصل الى مليون ونصف المليون ليرة تقريباً للصغيرة منها، وإذا احتسبت عدد المدعوين فبالتأكيد يجب أن أختار أكبر حبشة موجودة والتي يصل سعرها الى مليوني ليرة وأكثر. 4 ملايين ليرة في حقيبتي ظننتها كافية لأجلب كل ما أحتاج اليه لمائدة الميلاد، كيف ذلك وسعر كيلو الأرز يبدأ من 60 ألف ليرة لأقل نوعية، وكيلو اللحمة المفرومة يبلغ 300 ألف ليرة، عدا عن أسعار الخضروات اللازمة؟ أمّا سعر الكستناء فكل يوم يتغير مثل الدولار حتى وصل الى 400 ألف للكيلو الواحد، فكيف لي أن أعدّ مائدة الميلاد بهذه الأسعار المخيفة، ولا يزال هناك العديد من الأصناف التي لم أذكرها؟ فعن ماذا أستغني؟ عن دعوة أهلي وأقاربي للاحتفال بليلة العيد، أم عن الكثير من الأصناف التي اعتدت تحضيرها وأكتفي بتحضير المغلي ووجبة رئيسة بديلة من الحبشة؟ سأحاول قدر المستطاع أن أزيد 4 ملايين ليرة أخرى لجلب كل ما أحتاجه للعشاء حتى ولو كلّفتني المائدة أكثر من 8 ملايين”.

وفي جولة لـ “لبنان الكبير” على بعض السوبرماركت ومحال الحلويات والأفران، تم رصد اختلاف الأسعار لكل الأصناف التي تتطلبها مائدة عيد الميلاد، بدءاً بالحبشة التي وصل سعرها الى 4 ملايين ليرة، مروراً بالأرز الذي تخطى سعر الكيلو منه الـ80 ألفاً، الى اللحوم التي تبدأ بـ300 ألف وما فوق، أمّا المعجنات المشكلة فيصل سعر الدزينة منها الى 150 ألفاً وأكثر حسب الأنواع المختارة وما اذا كانت محشوة باللحم أم لا.

وإذا كان المغلي يقتصر على بعض المكوّنات التي لا “تثقل” الجيبة كثيراً، على الرغم من الأسعار المرتفعة للسكر والبهارات، إّلا أنّ ما يوضع فوقه من مكسّرات يقضي على الجيبة بأكملها!.

واذا اتجهنا الى الـ Buche de Noel فسعره يصل الى 800 ألف ليرة للـ 25 cm، أمّا حجم الـ 35 cm فيتخطى المليون ليرة وما فوق.

والنبيذ يبدأ سعر الزجاجة الواحدة منه بـ100 ألف ليرة ويحلّق الى ما فوق المليونين حسب النوعية والجودة وتاريخ الانتاج.

يستدل من كل ذلك، أن معظم الأصناف والمأكولات التي تزين مائدة ليلة الميلاد ستغيب عن منازل الكثير من العائلات، في ظل الغلاء الفاحش الذي استطاع أن يغير نمط عيش اللبنانيين ويسرق البهجة والفرح من نفوسهم وقلوبهم ويجعلهم يتحسرون على اللمة التي كانت تجمعهم بأحبابهم حين كان للعيد معناه ورونقه.

شارك المقال