“مفولة” على رأس السنة في الجنوب

نور فياض
نور فياض

لطالما تميّز لبنان بمأكولاته الشهية، بمناخه، وبكرم ضيافته. ولطالما تميّز اللبناني بأجوائه وحبه للحياة مهما كانت الظروف التي يعيشها. قبل سنوات كانت تعج الشوارع باللبنانيين والسياح في مختلف الاحتفالات، وكذلك المقاهي التي تصدح منها أصوات الفرح والبهجة. واليوم شوارع بيروت كشوارع الجنوب لم تفرغ من روادها ومحبيها الذين يتحدون ظروفهم للاستمتاع بالسهرات التي لطالما تغنوا بها.

ظروف المواطن اليوم لم تعد خاصة، بل أصبحت عامة نسبة الى ما يعانيه لبنان ما أثّر عليهم وعلى نمط حياتهم، فمحا من ملامحهم كل مؤشرات الفرح في الأيام العادية، ولكن في الأعياد التي لم تعد كالسابق ها هو اللبناني يتديّن ليتزيّن أو ليسهر. وبالطبع نحن لا نتكلّم عن شريحة كبيرة من اللبّنانيين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار الأميركي، بل حتى الذين يتقاضونها باللّيرة اللّبنانية فهم أيضاً من المساهمين في “تفويلة” رأس السنة على الرغم من قساوة الظروف الاقتصادية التي كما يبدو لن تكن عائقاً أمام حبهم للحياة والسهر.

“السهرانين من كل الطبقات، صمّدوا مصاري تيسهروا” بحسب ما تؤكد احدى أشهر منظمات الحفلات صباح فياض المعروفة بالصبوحة لـ “لبنان الكبير”، مشيرة الى أن “حفلات الجنوب مفولة، إذ أن اسعار البطاقات تبدأ من ٢٥ دولاراً وتصل الى ٦٥ دولاراً تقريباً. والحجوزات مفولة منذ أيام في كل المطاعم والفنادق ومنهم بلاتينيوم، حكايات، شمس الأصيل وغيرها.”

في السياق، يقول مدير منتجع “شمس الأصيل” – النبطية حسن حطيط لـ”لبنان الكبير”: “اللبناني بطبعه محب للحياة والسهر، مهما كانت ظروفه الاقتصادية الصعبة”. ويوضح أن “حفلاتنا عادة، كانت تستقطب فنانين من الفئة الأولى مثل عاصي الحلاني، ملحم زين، وديع الشيخ وغيرهم، حينها كان المغترب نجم السهرات. اليوم كنا أمام خيارين، اما أن نقيم حفلة مع فنانين صف أول وتتراوح أسعار البطاقات بين ١٠٠ و٢٥٠ دولاراً وهكذا نحرم ذوي الطبقة الوسطى من السهر، أو أن نسير في الخيار الثاني وهو أن نقيم حفلة لنجوم معروفين ولكنهم ليسوا صف أول، وتتراوح أسعار البطاقات بين ٥٠ و٧٠ دولاراً وVIP، فتهافت الناس عليها وهم طبعاً من ذوي الطبقات الميسورة. كذلك بطاقات الـ ٥٠ دولاراً عليها طلب كبير، فهذا السعر يمكن لأي شخص أن يدفعه (باستثناء الفقير جداً الذي لا مال لديه طيلة أيام السنة، فهو لا يفكر حتى في السهر). مثلاً العسكري بعد أن صحح راتبه بات بإمكانه أن يدفع هذا المبلغ الذي يتضمن حفلة لثلاثة فنانين، وعشاء مكوّناً من ١٤ صنفاً”.

ويؤكد أن “نسبة الحجوزات ٧٠%، على الرغم من أننا لم نروّج بعد للحفلة، حتى تنتهي حفلة الميلاد، اذ بعدها عادة تبدأ الناس بالتفكير في سهرة رأس السنة”، معتبراً أن الاقبال على “الحجوزات ممتاز، وكل المواطنين يريدون السهر”.

في المقابل، فان مدينة صور التي تتنوّع مطاعمها وفنادقها وتتباهى دائماً بنسبة زوارها في الأعياد كافة، وكما أشارت متعهدة الحفلات الصبوحة الى الاقبال الكثيف على الحفلات الكثيرة فيها، الا أن هناك دائماً استثناء للقاعدة، اذ أن منتجع وفندق “rest house” لا حفلة لديه، ويوضح أحد موظفيه أن “هذا اليوم سيمرّ كأي يوم عادي، فغياب المغتربين أثّر على اقامة الحفلات، والمتعهد نقلها الى بيروت، ولكن باب المطعم لن يغلق فأهلاً وسهلاً بمن يريد المجيء ليشرب نرجيلة أو يختار الصنف الذي يحب من لائحة الطعام.”

اذاً، ينقسم اللبناني في هذه الليلة كما في أي مناسبة، بين شريحة تتحسّر وتشتهي الذهاب الى حفلة ولكن ما باليد الحيلة فهي تكاد لا تستطيع تأمين حاجتها من الطعام، وأخرى تفضّل السهر في حفلات متواضعة لأنها تدخّر المال للاستمتاع بهذه الحفلة التي تأتي مرة في السنة، فيما شريحة ستصرف مبالغ تساوي راتب شهرين أو اكثر… ومثل انقسام هذه الشرائح، البلد مقسّم.

شارك المقال