… وزاد الدواء في العيد بِلة!

لينا دوغان
لينا دوغان

اللبنانيون المغتربون القادمون لزيارة أهلهم في عطلة الأعياد، يحملون في قلوبهم الكثير من الشوق وفي حقائبهم الكثير من الأدوية، والسبب بكل بساطة أن معظمها لم يعد متوافراً أو أن أسعارها في ارتفاع دائم أسبوعياً.

نعلم جيداً أن عدداً كبيراً من أهالي المغتربين هم من كبار السن أو أشخاص مصابون بأمراض مزمنة، لذا هم بحاجة الى أن يكون الدواء متوافراً لديهم بصورة دائمة، والمشكلة التي يواجهونها في لبنان عدم توافره دائماً والآن تفاقمت هذه المسألة أكثر من قبل.

موضوع الدواء في لبنان ليس جديداً بل قديم قدم الأزمة اللبنانية، لكن جديده هو توقف الصيدليات عن شرائه نتيجة الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، وعلى أثره جاء تحذير على لسان نقيب الصيادلة في لبنان جو سلوم من أن الارتفاع السريع للدولار أدى الى توقف شبه كامل عن تسليم الأدوية والحليب الى الصيدليات وبالتالي فقدانها تدريجياً.

قرار تمنع الشركات هذا عن تسليم الصيدليات كما أكد الصيادلة سببه التلاعب بسعر صرف الدولار وعدم استعدادهم لتحمل خسائر جديدة، واعتُبر قراراً صادماً وصريحاً في الوقت نفسه ما ترجمته عملياً أن لا دواء ما لم تصدر وزارة الصحة مؤشراً يحدد دولار الأدوية بما يتناسب مع صعوده في السوق السوداء، ووصلنا الى النتيجة التالية: تعنت أصحاب الشركات في عدم تسليم الدواء الى الصيدليات وتهافت المواطنين عليه خوفاً من انقطاعه، ما دفع وزارة الصحة الى إصدار مؤشر جديد حددت بموجبه سعر صرف دولار الأدوية بـ ٤٥ ألف ليرة وهذا ما يقلل الفارق بين الدولارين.

صحيح أن قرار تعديل المؤشر قد يريح سوق الدواء، إذ ستستعيد بعض الشركات المبادرة الى تسليم الصيدليات طلبياتها، بحسب ما يؤكد نقيب الصيادلة، إلا أن دون هذه العودة عائقين أساسيين: أولهما أن الحلول جزئية وستعود إلى نقطة الصفر طالما أن الدولار ليس ثابتاً، وليست هناك حلول على المدى الطويل. أما الثاني فهو معرفة الكثير من الصيادلة بأن هذا القرار لن يغيّر في الأمر شيئاً، وخصوصاً أنه يتزامن في التوقيت مع الاجراءات السنوية لشركات استيراد الأدوية وحليب الأطفال والوكلاء التي تقضي بالتوقف عن التسليم في الفترة التي تسبق عطلة رأس السنة بهدف إجراء جردة الحسابات. وبحسب الصيادلة، فصدور القرار كما عدمه، إذ أن بعض الشركات لن يسلّم سوى بعض الطلبيات بهدف إسكات الصيادلة، فيما استغلّت شركات أخرى الوضع وتوقفت نهائياً عن التسليم بحجة إجراء الجردة. وهذا الأمر، بحسب بعض الصيادلة، مربح للشركات، إذ لا تضطر إلى تسليم بضاعتها على الأسعار المنخفضة ولا سيما مع الحركة المتصاعدة للدولار.

لا تتعدى موازنة وزارة الصحة نسبة ٣٪؜ من موازنة الحكومة وهذه أولى النقاط التي يجب البحث فيها، لأنها أول أبواب الحل من خلال زيادة الانفاق العام على الصحة لتعزيز صحة المواطنين لكن بالتأكيد ليس باب الدولة في من يطرق أولاً في لبنان، والمريض مع هذا الوضع الذي وصلنا اليه بحاجة الى الكثير من الأبواب طالما أبواب معظم الشركات أقفلت في وجه الصيدليات مع مؤشر أو من دونه. ما هو التحرك المطلوب؟ وما هي الحلول المرتقبة؟ الأجوبة عن ذلك رهن بأيام ما بعد الجردة وعطلة الأعياد، لكن هذه الفترة ستكون قاسية لجهة عدم حصول المواطن على الدواء، والأقسى عدم حصول الأطفال على الحليب لدرجة أنه لن يكون هناك أي نوع في السوق!

شارك المقال