نهاية كورونا مستبعدة… وموجة جديدة بعد الأعياد؟

تالا الحريري

بعد إنقضاء مدة طويلة بمحاربة فيروس كورونا الذي أنهك العالم، لوحظ هذه السنة تراجع وثبات في عدد الاصابات، إذ مرت أيام عدة لم تسجل فيها أي حالة وفاة. وأعلنت منظمة الصحة العالمية حينها تراجع الوفيات عالمياً بنسبة 90% منذ شهر شباط 2022، وأبدى المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس تفاؤله باعتبار أنّ هذه المؤشرات تشير إلى الاقتراب من إنتهاء الجائحة.

لكن هذا التفاؤل لم يستمر طويلاً، فالصين تعيش اليوم كارثة صحية يبدو أنّها الأصعب عليها منذ بداية الجائحة، إذ أقفلت الاصابات على المليون مع توقع تضاعفها، وذلك في وقت قصير وبصورة مخيفة وسريعة، فيما يعتقد الكثيرون أنّ السياسة التي اعتمدتها الصين في الأساس كانت خاطئة ولم تسمح بتشكّل المناعة المجتمعية كما في بقية الدول، اضافة الى أنّ نسبة اللقاحات لم تكن مبشرة.

وفي إطار التحوّر المستمر لكورونا والانتشار السريع للمتحورات التي تبدو أكثر فتكاً من التي سبقتها، قال علماء إنه “قد يكون من السابق لأوانه إعلان نهاية جائحة كورونا، وسط مخاوف من موجة جديدة مدمرة محتملة في الصين”.

وفيما تشير العديد من التقارير الرسمية إلى أن نهاية كورونا اقتربت، قال خبراء إن “من السابق لأوانه إصدار هذا الاعلان. إذ أن السماح للفيروس بالانتشار محلياً (في الصين مثلاً) قد يمنحه أيضاً مساحة للتحور، مما يعني موجة جديدة محتملة”.

وقال أخصائي الأمراض المعدية ومستشار منظمة الصحة العالمية ديفيد هيمان: “من الواضح أن العالم يجب أن يشعر بالقلق من وفاة الملايين من الناس وإصابتهم في الصين، حيث الوضع سيظل على الأرجح يمثل حالة طوارئ”.

البزري: نعتمد على المناعة المجتمعية في لبنان

أوضح عضو لجنة الصحة النيابية النائب عبدالرحمن البزري لـ “لبنان الكبير” أنّ “الجائحة تختلف عن الفيروس، فالجائحة أمر وبائي مرتبط بعدد الاصابات الجديدة في منطقة معينة”، مشيراً إلى “أنّنا لم نقض بعد على انتشار الفيروس بل كنا نضبط ايقاعه ونخفف منه، وكنا نأمل من خلال احتوائه أن نحوّله إلى فيروس موسمي أي أن تصبح أعراضه كالأعراض الموسمية الأخرى كالكريب والانفلونزا وغيره”.

وعن إمكان إعتماد كورونا كفيروس موسمي، قال: “لا يزال الحديث في هذا الموضوع مبكراً، يمكن أن يتبين ذلك بعد إنقضاء هذا الموسم كي نرى كيف سيتصرف الفيروس. أميركا اعتبرته فيروساً موسمياً وقامت بلقاحات سنوية له يعني أصبح مثل الانفلونزا”.

وأكد أن “موضوع جائحة كورونا في الصين له أسباب عديدة تتعلق بالصين نفسها وحجم الدولة الكبير ونوعية اللقاحات التي استُخدمت. يبدو أنّ هناك موجة كبيرة في الصين وعدداً هائلاً من الاصابات، إضافة إلى أنّها تعتبر مركزاً تجارياً كبيراً تتقاطع فيها جميع دول العالم وجميعنا يعرف أنّ ما يسهل انتقال الجائحات والفيروسات هو حركة الطيران والسفر والأعمال”.

وذكر البزري بـ “أنّنا بدأنا بفصل الشتاء وخلاله تقام جميع النشاطات داخل الأماكن المغلقة ويزداد الازدحام. كما أنّ البرد يؤثر على دفاعات الجسم خصوصاً في الطرق التنفسية العلوية ويسهل انتقال الأمراض والفيروسات التنفسية، لذلك في المرحلة المقبلة أي في الأعياد وما يليها يتبين لنا إذا كنا سنشهد موجة جديدة من كورونا أم لا”.

وشدد على وجوب “أنّ نبقي أعيننا على الصين دائماً في حال ظهر متحور جديد غير المتحورات الموجودة وانتشر فيها لأن امكان انتشاره في العالم يصبح كبيراً. لا لزوم للخوف والقلق والهلع لكن يجب أن يكون هناك ترصد وبائي وحذر جدّي، وأن يكون لدينا على الأقل خطط احتياطية لكي نأخذها في الاعتبار في حال انتشر الفيروس أكثر”، مشيراً الى أن “الصين اختلفت عن البلدان الأخرى بنوعية اللقاحات، التي كانت آمنة لكن فعاليتها قصيرة الأمد، أمّا تلك التي استخدمت في لبنان والدول الأخرى فكانت الـRNA Vaccine ذات فعالية أطول. إضافة إلى ضبط انتقال الحشود والتجمعات التجارية والسياحية وغيرها”.

أضاف: “انّنا نعتمد على المناعة المجتمعية الموجودة في لبنان نتيجة اللقاحات في الدرجة الأولى والاصابات التي تعرّض لها اللبنانيون ونحن نبحث في دخول اللقاح المتطور قريباً إلى لبنان، لكن القطاعين الصحي والاستشفائي في لبنان يعانيان معاناة كبيرة نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية التي أضعفت من امكاناتهما وقللت من احتمال أن تكون لديهما قدرة استيعابية جديّة، ولا أعتقد أنّ المستشفيات الحكومية والخاصة ستكون قادرة هذه المرة على تطبيق الاجراءات نفسها التي اتخدتها من قبل، لذلك نراهن على المناعة المجتمعية التي لدينا وعلى الترصد الوبائي”.

لا جرعات لقاح إضافية لكورونا

وعلى الرغم من التوجه إلى زيادة عدد الجرعات من اللقاح المضاد لكورونا، لا تزال هذه الجرعات غير قادرة على منع الاصابة بالوباء لكنها استطاعت تخفيف حدة العوارض. وعليه، أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها لا تنصح بجرعات لقاح إضافية لمواجهة الانتشار الجديد لكورونا.

وأوضح رئيس اللوائح الصحية الدولية في منظمة الصحة العالمية الدكتور أمجد الخولي أن “المتحور المنتشر حالياً في الصين هو من متحورات أوميكرون، ويشتمل على بعض الخصائص الأكثر خطورة إلى حد كبير، وينتشر بصورة أسرع حتى بين من تلقوا اللقاح”.

شارك المقال