لبنان الأعلى تكلفة ميلادياً… دليل انفصام اقتصادي!

جنى غلاييني

لطالما اعتبرنا أن أساس عيد الميلاد المجيد في لبنان هو العطاء، فتحوّل الى “زينتي أحلى من زينتك”… وبدلاً من أن يُقدم الميسورون على مساعدة الناس الفقيرة والمحتاجة خلال فترة الأعياد في بلدٍ يعاني اليوم أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخه، اتجهوا الى صرف الأموال على الزينة الميلادية الفاخرة، وعلى الهدايا الباهظة الثمن وشراء أغلى أنواع المأكولات التي تزيّن مائدة الميلاد ليتبقى منها الكثير فيُرمى في النفايات لاحقاً. وفي دراسة لموقع “World Remit” حول تكلفة إجازات عيد الميلاد في مجموعة واسعة من دول العالم، جاءت المفاجأة بحلول لبنان في صدارة الترتيب عربياً، والثاني عالمياً، وفقاً للتكلفة الاجمالية لكل أسرة.

وأسس الموقع بياناته على ثلاثة أوجه للإنفاق هي: تكلفة الطعام، تكلفة عمليات التزيين، وهدايا عيد الميلاد، والتي تخطت الـ 2000 دولار في البلد الذي يعاني من أزمات اقتصادية طاحنة. وكان للطعام وزن نسبي كبير في التكاليف في بعض البلدان، خصوصاً لبنان والفليبين والدول الأفريقية تجاوز الـ 45% من موازنة أعياد الميلاد للأسر.

وفي حديث مع عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمال، شرح لـ”لبنان الكبير” عن دلالة ارتفاع كلفة الانفاق في الميلاد، فقال: “هذا يدل على الانفصام الاقتصادي الذي يعاني منه البلد، وعلى قدرة 20% فقط من الشعب اللبناني على شراء كل ما يلزم عيد الميلاد بهذه الكلفة وذلك نتيجة وجود مغتربين لديهم يدعمونهم أو بسبب عملهم شخصياً من لبنان للخارج، أو عملهم كموظفين في القطاع الخاص الذي يعطي رواتب مرتفعة وبالدولار، أو كونهم أصحاب مهن حرّة. هؤلاء يشكلون 20% من اللبنانيين أي حوالي مليون و200 ألف من أصل 6 ملايين لبناني بحسب آخر الدراسات”.

وأشار الى أن “زينة الميلاد وهداياه والاحتفال به لم تعد محصورة بالمسيحيين وحسب، بل أصبح عموم اللبنانيين يحتفلون بالميلاد، وهذا الواقع، وهو ما يشير الى وجود حركة اقتصادية”.

وفي ما يتعلّق بكلفة الدراسة التي أجرتها “World Remit”، قال: “لا أعلم مدى دقّة هذه الدراسة بحيث لا نزال في فترة الأعياد، فكيف أجريت هذه الدراسة ولم يمر يومان على الميلاد؟ لكن لا شك في أنّ هناك انفاقاً كبيراً على كلفة الميلاد في لبنان، أمّا عن إعطاء رقم نسبي عنها فليست لدي أي فكرة لأننّا لا نزال في فترة الأعياد”.

واعتبر رمال أن “كلفة 2058 دولاراً تنفقها عائلة لبنانية بحسب الدراسة غير منطقية، ويجب النظر الى الوضع العام للبنان أوّلاً، والى العائلات الفقيرة غير القادرة على الحصول على المواد الغذائية والدوائية أو التعليمية، فهذها يؤدّي الى خلق طبقتين منفصلتين، طبقة قادرة على الصرف وهي نسبة قليلة جدّاً، وطبقة تعاني من حالة فقر غير قادرة على شراء حاجاتها الأساسية. لذا نحن فعلاً نعيش اليوم في حالة انفصام اقتصادي”.

وحذر من أنه “إذا استمر الوضع على ما هو عليه فلبنان سيواجه الأسوأ اقتصادياً واجتماعياً، لذا فإنّ العائلات التي لم تعانِ من الوضع الاقتصادي هذه السنة بشدّة، ربّما ستشعر بذلك في السنة المقبلة”.

 

شارك المقال