حذار “بونبونة” الماريجوانا للضيافة!

راما الجراح

حبّة سكاكر صغيرة، تُشبه تلك التي اعتدنا على شرائها لأطفالنا تماماً، بدأت بالانتشار في منطقة بعلبك – البقاع الشمالي، على أنها “بونبونة”، ولكن بحسب تسجيل صوتي لأحد أبناء المنطقة، أكد أن هناك أشخاصاً يأتون بها من أميركا على هذا الشكل ويقدمونها في الضيافة للشباب والشابات وحتى الأطفال على أنها سكاكر، ولكنها في الحقيقة تحتوي على “ماريجوانا” ومفعولها يوازي حوالي ٤ سجائر حشيشة، وهناك ألوان عدة منها، مطالباً بضرورة تعميم شكل هذه السكاكر، وتنبيه الجميع الى الموضوع قبل فوات الأوان.

يقوم البعض بتدخين الحشيشة – التي تدخل في بعض الاستخدامات الطبية – في سجائر ملفوفة يدوياً، أو في الغليون أو النرجيلة أو لفائف السيجار. وتستخدم الماريجوانا أيضاً في تحضير الشاي، وتدخل في بعض المخبوزات مثل الكعك أو الحلوى، وتسمى المادة الفاعلة فيها والتي تؤثر على العقل والمزاج “دلتا -9- تتراهيدروكانابينول”، وهي مادة كيميائية موجودة في صمغ النبات، وتؤدي إلى تحفيز الجزء من الدماغ المسؤول عن المتعة، وإلى تحفيز إفراز مادة الدوبامين، التي تمنح الشعور بالاسترخاء والنشوة. تدخل هذه المادة إلى الدم مباشرة بعد تدخين الحشيش، الذي يبلغ ذروته خلال نصف ساعة، ويتلاشى أثره خلال ثلاث ساعات.

كما تؤثر هذه المادة على الصحة العقلية بحيث تؤدي إلى الشعور بالقلق، والخوف، أو الذعر، وتزداد فرصة إصابة الشخص بالاكتئاب أيضاً، وقد تسبب هلوسات، فيفقد اتصاله بالواقع إذ يرى أو يسمع أشياء غير موجودة، أو يصاب بجنون العظمة، وفي حال كان يعاني من اضطرابات عقلية، فقد تتفاقم الأعراض عند تدخين الحشيش. كما قد يصاب الشخص باضطراب التفكير، مثل فقدان الاحساس بالوقت، سماع الأصوات أعلى من الطبيعي، رؤية الألوان أكثر إشراقاً أو سطوعاً من الواقع، اضافة الى الادمان، وهو بنسبة شخص من ١٠ أشخاص، مما يعني عدم التوقف عن استخدامها، ويؤدي إلى ظهور أعراض تنكسية مثل الاضطراب، فقدان القدرة على النوم والعصبية. بالإضافة إلى كل هده الأضرار، تتسبب بضعف في الدماغ، ألم في الرئتين، الشعور بالجوع وضعف عضلة القلب.

تعاطي الحشيشة وانتشارها في المجتمع ليسا بظاهرة جديدة، ففي لبنان هناك أراضٍ ومزروعات لها،، تستخدم خارج الاطار الطبي من دون حسيب أو رقيب كما هو معلوم عند الجميع، وهذا كفيل بانتشارها وبيعها داخل القرى والمدن بكل سهولة. ومن ناحية أخرى، فان الضغوط النفسية والاضطرابات العقلية التي زادت الأوضاع المعيشية الصعبة من حدتها أصبحت عاملاً لجذب الشباب والمراهقين إلى الميل لهذا النوع من الحشيشة. وعلى سبيل المثال، كشفت دراسة محلية أجريت عام ٢٠١٨، وشملت ١٥١٧ طفلاً ومراهقاً تراوح أعمارهم ما بين خمسة وسبعة عشر عاماً، أن ثلثهم يظهرون أعراضاً نفسية، بينما ارتفعت نسبة ظهور عارض نفسي لدى الفئة العمرية بين اثني عشر وسبعة عشر عاماً إلى خمسة وأربعين في المئة. وارتبطت هذه المعدلات المرتفعة بعوامل صحية واجتماعية، منها تاريخ العائلة، التنمر، الاصابة بأمراض مزمنة، الدخل المادي للعائلة ومستوى التحصيل العلمي وغيرها. ولم تحصل سوى نسبة خمسة في المئة من الذين يعانون أعراضاً نفسية على العلاج.

صهيون: توعية الأطفال ضرورية

وأشارت المدربة العائلية والتربوية سمر صهيون والتي تعمل على معالجة تغيير السلوكيات عبر موقع “لبنان الكبير” الى أن “التأثير الأساس هو الادمان، وهنا علينا أن نرمز الى الصحة النفسية والعقلية، فالشعور بالراحة المغلوطة خصوصاً عند الشخص الذي يشعر باليأس مثل معظم شبابنا اليوم العاطلين عن العمل، وكل يوم تشتد الأزمة الاقتصادية عليهم حتى تكاد تخنقهم، يجدها عن طريق تعاطي الحشيشة كالماريجوانا ويعتبرها الأفضل له وتشعره بالراحة، حتى أنها تصبح الطريق الأسهل بالنسبة الى الشباب لحل مشكلاتهم والابتعاد عن الحزن. يمكن أن نشبهها بأدوية الأعصاب، فبإعتقاد معظم الناس أنها الطريقة الأسهل لراحتهم، ويستبدلون عادات صحية وجيدة بتعاطي هذا النوع من الدواء بدل ممارسة هذه العادات بالتوازي معه إذا كانوا مضطرين لأخده، وتصبح الأمور عبارة عن (life style) صحي ومُفيد”.

وأوضحت أن “تعاطي الحشيشة يولد لدى الشباب إتكالية سهلة، تنعكس على السلامة النفسية الحقيقية على المدى البعيد. ومن دون شك، كل هذه التصرفات تأتي اليوم مُصاحبة لقلة الدوافع للحياة، وخصوصاً أننا نعيش داخل أزمة صعبة على الشباب تحديداً، لذلك هم بحاجة إلى تحفيز من محيطهم للاستمرارية، وإلا ستبقى بونبونة الماريجوانا هي الحل بكل أسف”.

وبالنسبة الى الأطفال، أكدت صهيون أن “المسؤولية تقع على الأهل بصورة أولية، فعليهم تربية أطفالهم على عدم تلقي أي هدية (طعام) من أي شخص غريب نهائياً وخصوصاً في فترات الأعياد، لأن الطفل اليوم يغريه الشكل. لذا عليهم تنبيه أولادهم بطريقة جيدة من دون تخويفهم، الى الامتناع عن أخذ أي شيء من أي شخص غريب، ووجوب عدم تناول أي طعام لا نعرفه ولم ندفع ثمنه لأنه في غالبية الأحيان يكون غير لذيذ ومضر بصحتنا، كذلك يجب أن تكون هناك توعية ضرورية في المدارس عن هذه المواضيع وبطريقة تتلاءم مع الفئات العمرية”.

زعرور: معدلات ازدياد الاكتئاب مرتفعة

أما المرشدة الاجتماعية والنفسية هنادي زعرور فرأت أن “ما يحصل اليوم من إرتفاع نسب إنتشار الحشيشة وبالتحديد الماريجوانا بين الشباب ليس غريباً، فمعدلات ازدياد الاكتئاب والقلق لدى الأطفال والمراهقين في لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت، وإنهيار الوضع الاقتصادي والمعيشي كبيرة جداً نتيجة تراكم الأزمات، وهذا يؤدي بهم إلى أزمات نفسية وإجتماعية خطيرة ولا تُحمد عقباها. فعادةً يرى الشخص الذي يتعاطى أي نوع من الحشيشة أنها المنقذ له من كل المشكلات التي تحيط به، وتصبح ملجأه، فينطوي على نفسه، وتنخفض نسبة اختلاطه بمجتمعه وأصدقائه بصورة كبيرة، ويُفضل الجلوس في غرفته مع نفسه حتى يشعر براحته وابتعاده عن كل ما يزعجه، وللأسف في حال لم نلحق بهذا الشخص يُمكن أن تؤدي به حالته إلى الانتحار، أو أن يفقد حياته بجرعات عالية، وفي كل الأحوال النتيجة سيئة”.

وأعربت عن أسفها لعدم وجود نسبة عالية من الأشخاص في لبنان الذين يحاولون تلقي دعم نفسي عند أي معالج مختص، “على الرغم من إرتفاع معدلات الاضطرابات النفسية بصورة كبيرة بين الأطفال والمراهقين، وهم الأكثر عرضة لمواجهة صعوبات تعلمية ودراسية تعوق تحصيلهم العلمي وإنتاجيتهم، ومشكلات صحية تشكّل عبئاً على نظام صحتهم، وفي حال عدم معالجة العوارض النفسية، يظهر عند تقدمهم في العمر خطر أكبر للاصابة بالاكتئاب، أو إدمان الكحول والمواد المخدرة”.

شارك المقال